أخر الأخبار >> مجلة المصباح دروب ثقافية أدبية * ثقافية * فنون تشكيلية كما نرحب بجميع المساهمات الواردة عبر البريد الإلكتروني m.droob77@gmail.com أهلا بكم أصدقائنا * مع تحيات أسرة التحرير

أحـدث المقالات

وثائق / البيان الصحافي الصادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول انسحابها من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية 26.9.1974

(الهدف، العدد 271، بيروت، 28/ 9/ 1974)
تعلن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين انسحابها من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لكي لا تتحمل مسؤولية الانحراف التاريخي الذي تسير فيه قيادة المنظمة، ولكي تبقى تناضل في صفوف الجماهير لتصحيح هذا الانحراف والتعبير عن إرادة الجماهير وفرض الخط السياسي الثوري السليم على القيادات التي باتت ذيلا للأنظمة الرجعية والمستسلمة.

إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم تتخذ مثل هذه الخطوة إلا بعد محاولات جادة ومسؤولة لإرساء الوحدة الوطنية في هذه المرحلة على أساس وطني واضح، وبعد محاولات جادة ومسؤولة لوضع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية أمام الطريق الثوري، وبعد محاولات جادة لتحذير قيادة المنظمة من الاستمرار في التبعية والانحراف. وبعد كل هذه المحاولات، لم يعد بوسعها أن تبقى ضمن إطار اللجنة التنفيذية بحيث تتحمل مسؤولية الانحراف الخطير المتدرج الذي تسير فيه، ومسؤولية الاتصالات الأميركية المشبوهة التي تأكدنا من حصولها مؤخرًا، ومسؤولية تضليل جماهيرنا لتجد نفسها يومًا بعد يوم تغرق في وحل التسوية الإمبريالية التي تخطط لها الإمبريالية الأميركية والرجعية العربية والمتخاذلون والمستسلمون بشكل متدرج ومضلل يستهدف تمرير التسوية التصفوية علي جماهيرنا المناضلة جرعة وراء جرعة، بحيث لا ترى مدى خطورة الانحراف الذي تسير باتجاهه الأحداث العربية والفلسطينية منذ فترة من الوقت.
إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يهمها أن تتأكد جماهيرنا الفلسطينية وجماهيرنا العربية وكافة القوى المعادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية على الصعيد العالمي، أنها لم تتخذ مثل هذه الخطوة إلا بعد تفكير طويل ومسؤول، مرتبط بأعمق درجات الشعور بالمسؤولية، توفرت لديها من خلاله قناعة عميقة وأكيدة وراسخة بأن التسوية التي يُجرى إعدادها للمنطقة لا يمكن أن تكون إلا تسوية إمبريالية تصفوية لن ينتج عنها سوى توسع وامتداد النفوذ الإمبريالي الأميركي في المنطقة من ناحية، وتثبيت شرعية " إسرائيل " وضمان مستقبلها وأمنها من ناحية ثانية. كما توفرت لديها كذلك القناعة الراسخة بأنه تُجرى منذ مدة طويلة محاولات جادة لجر منظمة التحرير الفلسطينية كي تكون طرفًا في مثل هذه التسوية الإمبريالية التصفوية لضمان استمرار الأوضاع التي ستنشأ عن هذه التسوية لأطول مدة ممكنة، وكذلك لتغطية موقف الاستسلام لبعض الأنظمة العربية. كما تبين لنا كذلك بأن قيادة منظمة التحرير راضية بأن تكون طرفًا في هذه التسوية، بل إنها أصبحت تناضل لكي لا يفوتها مثل هذا الدور.
وأمام هذه الاستنتاجات والحقائق، لم يعد أمام الجبهة سوى طريق واحد: طريق فصل خطها السياسي بشكل واضح وقاطع عن الخط السياسي المستسلم الذي تسير على أساسه قيادة منظمة التحرير، وأن تناضل من أجل هذا الخط في صفوف الجماهير، وأن تتصدى لفضح كل خطوة من خطوات الانحراف، وأن تفضح عملية الخداع التكتيكي المتدرج الذي تتبعه القوى المستسلمة في تصوير التراجعات وكأنها انتصارات وتصوير الاشتراك في مؤتمر جنيف وكأنه انتصار كبير لشعبنا وقضيتنا.
إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم يعد أمامها سوى التصدي الحازم لهذه الانحرافات، بحيث تستطيع جماهيرنا وقواها الثورية أن تفضح كل هذه الأضاليل، بحيث تتولد من الجماهير القوة التاريخية التي تضمن استمرار الثورة حتى يتم تحرير يافا وحيفا والقدس والناصرة وصفد وغزة ونابلس وكل شبر من أرض فلسطين، وحتى يتحطم الكيان العنصري الفاشي الصهيوني القائم على أرض فلسطين، وتتحطم معه الأنظمة العربية الرجعية المرتبطة مع الإمبريالية في الأردن وغير الأردن، وحتى يتم تحرير الأرض العربية من أي نفوذ أو استغلال إمبريالي، ولو تطلب ذلك أن تستمر أمتنا في القتال عشرات السنين وأن تقدم في سبيل ذلك الملايين من الشهداء.
إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تتخذ هذا الموقف انطلاقًا من إيمانها وقناعاتها بأن المرحلة الخطيرة التي توصلت لها الثورة أصبحت تفرض عليها فرضًا أن تضع النقاط على الحروف، وأن تصارح الجماهير بكل صدق، وأن تضع كل واحد أمام مسؤوليته، وأن تضع جماهيرنا أمام مسؤولياتها تجاه ثورتها وشهدائها وقضيتها ووطنها ومستقبل نضالها.
أسباب الانسحاب:
من هنا، فإنه يهمنا أن نضع أمام جماهيرنا العربية والفلسطينية، أسباب انسحابنا من اللجنة التنفيذية حتى تكون الأمور واضحة كل الوضوح، ولكي نؤدي واجبنا في شق الطريق الثوري أمام حركة الجماهير:
أولاً: بعد حرب تشرين الأول (أكتوبر)، تبلورت أوضاع دولية وعربية تدفع باتجاه ترتيب ما سمي بتسوية سياسية للنزاع العربي - الإسرائيلي. وكانت أميركا هي القوة الأولى المتحمسة لهذه التسوية والعاملة على فرضها، مستندة إلى موافقة الرجعية السعودية والرجعية المصرية بالدرجة الأولى. وكان واضحًا تمامًا ما يمكن أن يترتب على مثل هذه التسوية من نتائج واضحة. فمقابل كل ضغط تمارسه الولايات المتحدة على إسرائيل، تقبض ثمنه تغلغلاً لنفوذها وضمانًا لمصالحها في أرضنا. ومقابل كل أرض عربية تنسحب منها إسرائيل، تقبض ثمنها دعمًا لاقتصادها وقواها العسكرية وتثبيتًا لأمنها واستقرارها وتمهيدًا لتثبيت شرعية وجودها في المنطقة. ولم تعد مثل هذه الصورة قابلة للمناقشة بعد أن تبلورت نتائجها بالملموس أمام كافة جماهير شعبنا.
أمام هذا الوضع، كان واجب الثورة الفلسطينية أن تطرح أمام كل الجماهير، الفلسطينية والعربية، تحليلا دقيقًا لهذه الصورة، وتحديدًا لنتائجها، داعية لفضحها ومحاربتها وتعريتها أمام الجميع لكي تكون ثورتنا شعلة لثورة الملايين من العرب بدلاً من أن تكون غطاء لتخاذل واستسلام بعض حكامهم.
لقد طالبت الجبهة، منذ انتهاء حرب تشرين الأول (أكتوبر) وتبلور صورة المؤامرة الإمبريالية التصفوية، بأن تعلن الثورة الفلسطينية تحليلها للموقف السياسي الجديد ومحاربتها للتسوية التصفوية وعدم السماح باستعمال منظمة التحرير مظلة لتغطية تخاذل بعض الأنظمة العربية المستسلمة. وكان مفروضًا في الثورة الفلسطينية أن تفضح حقيقة مؤتمر جنيف، وحقيقة النتائج التي سينتهي إليها، وأن تضع نفسها بكل وضوح خارج إطار هذه التسوية التصفوية، وأن تستمر في تعبئة الجماهير لمواصلة القتال لعشرات السنين مهما كانت التضحيات.
إن قيمة الثورة الفلسطينية أن تقدم النموذج الذي تستطيع من خلاله جماهير الأمة العربية كلها أن تحسم تناقضها مع أعدائها بالسلاح عن طريق حرب التحرير الشعبية بدلاً من طريق التخاذل والاستسلام في ظل ميزان قوى يجعل ثمن كل قطعة أرض نستردها أغلى من الأرض نفسها.
لقد حاولت الجبهة - جهدها أن تكون هذه الفترة فرصة لتقوية الثورة وتدعيم وحدتها الوطنية على أساس الرفض الواضح والجازم لمؤتمر جنيف ومؤامرة التصفية والاستمرار في خط الثورة. ولكن قيادة المنظمة ظلت تتهرب من تحديد أي موقف، بحجة أنها لم تستلم دعوة رسمية لحضور مؤتمر جنيف، رغم كل الدلائل التي كانت تشير إلى رغبة الكثير من القوى الدولية والعربية لاحتواء المنظمة وإجهاض ثوريتها عن طريق زجها في طريق الاستسلام.
لقد بقيت المنظمة في موقف اللاموقف، ففقدت بذلك حيويتها على الفعل والتأثير الثوري في الدائرة الفلسطينية والعربية والدولية.

ثانيًا: وعلى أبواب انعقاد الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني، التي عقدت في حزيران [يونيو] الماضي في القاهرة، بدأت قيادة منظمة التحرير تتحدث عن الوحدة الوطنية وأهميتها في هذه المرحلة، وأبدت استعدادها للانتقال من موقف اللاموقف إلى موقف الرفض (المؤقت) لحضور مؤتمر جنيف، واستعملت يومها " تكتيكًا " خادعًا هدفه أن توحي للقوى الرافضة للتسوية بأنها تعرف حقيقة هذه المؤامرة التصفوية إلا أنها تريد أن تفشلها عن طريق التحايل عليها بدلاً من مواجهتها. وهنا، شعورًا من الجبهة بمسؤوليتها العميقة في الوقفة الجادة أمام أية فرصة للوحدة الوطنية في هذه الظروف الدقيقة، فقد رأت أن تستكشف مثل هذه الفرصة بالملموس وتراقب نتائجها بالممارسة. ومن هنا، كانت موافقتنا على برنامج النقاط العشر، رغم كونها صيغة وسطية مهلهلة للوحدة الوطنية، وبعد أن سجلنا في وقائع جلسات المجلس الوطني فهمنا الخاص لها: أي أنها تحمل رفضًا لمؤتمر جنيف، وتضع منظمة التحرير خارج إطار التسوية التصفوية.
بعد انتهاء الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني، ظهر واضحًا ما كانت تقصده القيادات المستسلمة من موافقتها على برنامج النقاط العشر، لقد اعتبرتها هذه القيادة وكأنها ترخيص شرعي لها لكي تسير في طريق الانحراف والاستسلام. بدأت تفسرها كما تريد، وتصرح بعدها كما تريد، مناقضة ميثاق المنظمة ومقررات مجالسها الوطنية، بما فيها المجلس الوطني في دورتيه الحادية عشرة والثانية عشرة.
لقد تكشفت الخدعة، وظهر أن التكتيك الذي تتحدث عنه القوى المستسلمة هو تكتيك يستهدف تضليل رفاق الطريق وتضليل الجماهير وليس تضليل الأعداء.
ولقد بقينا نناضل ضمن إطار منظمة التحرير واللجنة التنفيذية لتثبيت الفهم السليم لميثاق المنظمة وقرارات مجالسها الوطنية، ولكننا بدأنا نكتشف، يومًا بعد يوم، أن قيادة المنظمة ضالعة في عملية التسوية، تريد تمريرها على الجماهير جرعة وراء جرعة، وتسير في عملية انحرافها بشكل متدرج هدفه وضع الجماهير في نهاية الأمر أمام الأمر الواقع.
ثالثًا: بدأت قيادة منظمة التحرير تصور إمكانية حضورها لمؤتمر جنيف " المؤامرة " وكأنه انتصار كبير تحققه على الرجعية الأردنية وإسرائيل.
كما بدأت تتحدث عن إمكانية التنسيق مع النظام الرجعي العميل في الأردن إذا توفرت بعض الشروط، مناقضة بذلك قرارات الدورات السابقة للمجلس الوطني الداعية إلى إسقاط النظام وإقامة حكم وطني ديمقراطي بديل. وفي إحدى جلسات اللجنة التنفيذية، وقبل صدور البيان المصري – الأردني المشترك، اتخذت اللجنة التنفيذية قرارًا بالتنسيق مع النظام العميل في الأردن إذا توفر شرط اعترافه بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني أولاً، واعترافه باتفاقيات القاهرة ثانيًا, علمًا بأن تلك الاتفاقات لم تحل بين النظام العميل وبين ضرب حركة المقاومة وإنهاء وجودها العلني، وكأنه لم يكن للثورة الفلسطينية ذلك التاريخ الطويل من التجارب مع هذا النظام، وكأنه لم يكن هناك قرارات للمجلس الوطني تطالب بمحاصرة النظام ومحاربته حتى ينهار من جذوره.
رابعًا: بعد انقضاء فترة من الوقت على انتهاء المجلس الوطني، وترجمة قيادة المنظمة لقرارات هذا المجلس بشكل تخاذلي جعلها تسير في ركاب الأنظمة المستسلمة، ظهر البيان المصري – الأردني المشترك ليشكل صفعة قاسية لهذه القيادة ولهذه السياسة.
لقد كان صدور مثل هذا البيان يشكل فرصة مناسبة لكي تقف قيادة المنظمة أمام كل السياسة التي اتبعتها بعد حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 بشكل عام، وبعد الدورة الثانية للمجلس الوطني بشكل خاص. ومن هنا، تقدمت ثلاث منظمات مشتركة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بمذكرة إلى قيادة المنظمة تطالب فيها بوقفة مراجعة ونقد، تستخرج من خلالها دروس التجربة الماضية، وتحدد علاقاتها العربية على ضوء موقف الأنظمة من التسوية الإمبريالية التصفوية، معتمدة بالدرجة الأولى جماهير أمتنا العربية بدلاً من اعتمادها على عملاء أميركا في المنطقة. ولكن قيادة المنظمة استمرت في رؤيتها المنحرفة للأمور، لقد أهملت صحة الموضوعات الواردة في المذكرة، ورفضت قبولها، واستمرت في نفس سياساتها السابقة، وبدأت تعتبر المعركة الرئيسية ليست معركتها ضد التسوية الإمبريالية التصفوية لإحباطها وفرض استمرار القتال الفلسطيني والعربي، وإنما بدأت تعتبر معركتها الرئيسية حول نسبة حصتها في عملية التسوية بالنسبة لحصة النظام العميل في الأردن.
خامسًا: إن قيادة منظمة التحرير تقوم الآن بمحاولة هدفها أن تُنسي جماهيرنا معركتها الوطنية الجذرية المتعلقة بالتسوية الإمبريالية التصفوية وضرورة إحباطها. وتعمل جاهدة لحرف أنظار الجماهير عن معركتها الرئيسية، لكي تتابع الجماهير فقط معارك قيادة منظمة التحرير مع النظام الأردني العميل حول حصتها من التسوية. إنها تريد من الجماهير أن تلتف عطفًا عليها إذا كبرت حصة النظام الأردني العميل على حساب حصتها، كما تريدها أن تصفق إلا إذا كبرت حصتها هي على حساب حصة النظام العميل في الأردن. كل ذلك ضمن إطار التسوية الإمبريالية التصفوية.
إن قيادة منظمة التحرير تبذل اليوم كل جهدها لكي تصور المعركة على أنها فقط بين إسرائيل والأردن من جهة وبين منظمة التحرير من جهة ثانية، وأنها ضمن هذه المعركة يحق لها أن تسعى لكافة التحالفات وتنال تأييد الجماهير. وإننا هنا نعلن بأعلى صوتنا بأن ذلك تشويه خطير للمعركة ولخارطة التناقضات! إن المعركة قائمة ومستمرة بين إسرائيل والأردن والرجعية العربية والقوى المستسلمة من ناحية، وبين جماهير الثورة الفلسطينية والعربية من ناحية ثانية. ولن تنجح أية قوة في طمس هذه الحقيقة أمام الجماهير.
إن الجماهير الفلسطينية لا تريد من قيادة منظمة التحرير أن تربح معاركها ضد الرجعية الأردنية ضمن إطار التسوية لكي تنافس النظام العميل على مفاوضة العدو الإسرائيلي.
إن الجماهير الفلسطينية تريد من قيادة منظمة التحرير أن تربح معركتها ضد كافة القوى العاملة على فرض هذه التسوية الإمبريالية التصفوية، بحيث تتابع ثورتها الشعبية ضد إسرائيل والنظام العميل في الأردن والإمبريالية وكافة القوى الرجعية والمستسلمة.
سادسًا: لقد تجاهلت قيادة منظمة التحرير مذكرة المنظمات الثلاث. وبعد أن مضى الوقت الكافي لتخدير الجماهير وخداعها، شاركت بعقد مؤتمر ثلاثي في القاهرة، صورته الأصوات الداعية للتسوية وكأنه انتصار كبير لمنظمة التحرير، رغم أن البيان الذي صدر عن المؤتمر الثلاثي لا ينص على معارضة فك الارتباط على الجبهة الأردنية، بل ينص على ضرورة التنسيق مع الدول العربية الأخرى (بما في ذلك النظام العميل في الأردن).
أما صراخ حكام عمان العملاء وتعليقهم لنشاط الأردن السياسي حتى مؤتمر القمة العربي، فإنه أمر متوقع ومفهوم ضمن صيغة التنافس على الحصة التي سينالها كل فريق نتيجة هذه التسوية التي تقودها أميركا بهدف فرض الاستقرار " الدائم " في المنطقة مع ضمان وجود إسرائيل والحفاظ على أمنها واستقرارها.
إن جماهيرنا لن تسمح بتمرير كل هذه الأضاليل والتمثيليات مرة ثانية. إن جماهيرنا ليست مستعدة لحصر معركتها ضمن الإطار الذي تحدده قيادة المنظمة الآن، بحيث تلتف عطفًا حول القيادة عندما تصغر حصتها في التسوية، ثم تصفق لها إذا كبرت مثل هذه الحصة.
سابعًا: لم تقف الأمور عند هذا الحد. ففي الوقت الذي كانت قيادة المنظمة تنفي وجود أية اتصالات سرية مع أميركا - عدوة الشعوب - تأكد لدينا حدوث مثل هذه الاتصالات بشكل سري، بمعزل عن الجماهير. وقد وضعنا هذه المعلومات أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير في دورته الأخيرة، ونضعها الآن أمام جماهيرنا الفلسطينية والعربية. إننا نعتبر ذلك اتصالا سريًا بالعدو الإمبريالي يتم بمعزل عن جماهير الثورة وقواها وقواعدها. وإذا كانت بعض القيادات قد بدأت ترى في مثل هذه الاتصالات أمرًا عاديًا طبيعيًا، فإننا نترك الجماهير أن تحدد نظريتها وفهمها وتقييمها لهذا الموضوع.
إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بعد اطلاعها على هذه المعلومات، تخطىء بحق الجماهير ما لم تضعها تحت تصرفها لتحاكم الأمور على أساسها. لقد ذهبت الأيام التي تنظر فيها القيادات إلى جماهير شعبنا وقواعد ثورتنا وكأنها قطيع من الغنم.
ثامنًا: هذه هي أهم أسباب انسحابنا من اللجنة التنفيذية وليست كلها. إذ أننا لا نريد أن نتعرض، في هذه المناسبة، إلى الوضع التنظيمي والإداري في منظمة التحرير، كما لا نريد أن نتطرق إلى انعكاس مثل هذه السياسة على مواقف عديدة: مثل موضوعات بناء الملاجئ، وتحصين المخيمات في لبنان، وغيرها.
على ضوء ذلك كله، وبعد ذلك كله، كيف نستطيع أن نستمر في تحمل أية مسؤولية ضمن إطار اللجنة التنفيذية؟؟
لقد أصبح انسحابنا من اللجنة التنفيذية أمرًا لا بد منه.
أسس الموقف الثوري في المرحلة الراهنة:
أمام هذه الخطوة الهامة، يهمنا أن نؤكد، باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، علي النقاط التالية:
1 - أننا سنمارس حقنا الكامل في طرح موقفنا هذا على الجماهير بكل حيثياته، وبكل وسيلة وطريقة. وندعو كافة الكوادر والقواعد المقتنعة بصحة هذا التحليل والموقف، أن تقوم بواجبها في تعبئة الجماهير وتوعيتها لتقوم بواجباتها.
2 - أننا مؤمنون بسلامة موقفنا، وسندافع عن هذا الموقف بكل عزم وقوة. وأننا نشعر بمسؤولية ثقيلة تجاه مستقبل ثورتنا ونضالنا، مما يفرض علينا تبيان موقفنا على أوسع نطاق فلسطيني وعربي ودولي.
3 - أننا نؤمن بصدق، أننا بهذا الموقف نخدم الوحدة الوطنية الفلسطينية الحقيقية. فلقد أصبح للوحدة الوطنية الفلسطينية طريق واحد، وهو طريق النضال الذي تخوضه الجماهير وقواعد المنظمات لفرض الخط السياسي السليم.
4 - أننا لن نسمح للعدو الإمبريالي الصهيوني الرجعي بأن يحاول الإفادة من هذا الوضع بأي شكل من الأشكال. إن كافة البنادق ستكون في صف واحد ضد أي عدوان صهيوني إمبريالي رجعي يستهدف الثورة الفلسطينية أو أي فصيل منها.
5 - أننا نستهدف من هذا الموقف، تعبئة الجماهير الفلسطينية وقواها الثورية لتقول كلمتها وتفرض إرادتها التي عبرت عنها عبر التاريخ وفي مختلف المناسبات. وبهذا، نقيم وحدة ثورتنا على أسس وطنية سليمة تحارب التسويات التصفوية، وتفضح تخاذل المتخاذلين، وتلعب دورًا فاعلا في شحذ قوى كافة جماهيرنا العربية لتربح معركتها نهائيًا ضد العدو الإمبريالي الصهيوني الرجعي.
6 - أننا، إذ ننسحب من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، فإننا سنبقى في المجلس الوطني الفلسطيني، وفي الاتحادات والمنظمات الجماهيرية، وفي اللجان الشعبية للمخيمات، سنظل نقاتل في صفوف جماهيرنا بشعور عميق من المسؤولية لتصحيح الانحراف في مسيرة الثورة، وحماية الصخرة الفلسطينية من أن يجرفها تيار التسوية الإمبريالية.
7 - سنبقى مستعدين كل الاستعداد للمساهمة الجادة في بناء وحدة وطنية صحيحة تقوم على أساس رفض واضح وصريح وجازم لمؤامرة جنيف والتسويات السياسية المطروحة الآن، ولمختلف التسويات والقرارات التي تعترف بشرعية وجود عدونا الصهيوني.
8 - سنظل نعتمد الكفاح المسلح وكافة أساليب النضال المرتبطة به، حتى نحقق القضاء على
الكيان الصهيوني والنظام العميل في الأردن، وإقامة المجتمع العربي الديمقراطي في فلسطين كجزء من مجتمع ديمقراطي عربي شامل وموحد.
9 - نعاهد جماهيرنا أن نكون صادقين في كل كلمة نقولها، نعمل بينهم ومعهم ولهم، خدمة لأهدافهم، مهما كانت الصعوبات ومهما طالت المعركة، ومهما بلغت التضحيات.
عاشت الثورة الفلسطينية،
والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار،
وإننا لمنتصرون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.

دروب أدبية

دروب المبدعين

دروب ثقافية