بقلم : آسيا رحاحليه
أحسست كأني أعثر على لؤلؤة وسط كومة قش يابس !
منذ سنوات لم أعد أحرص على قراءة تلك المجلة الخليجيّة الأسبوعيّة الفاخرة الطباعة ، و الفخمة و الأنيقة جدا في مظهرها و ألوانها ، و لكن الصدفة وضعتها أمامي هذا الصباح ، فرحت أقلّب صفحاتها و أدقّق في المواضيع و الصور .
المجلّة ثقيلة بالمعنى الحرفي للكلمة ، إذ يصل عدد صفحاتها إلى 240 صفحة ، نصف العدد إن لم يكن أكثر مخصّّص للإشهار لماركات عالمية من المجوهرات و الإكسسورات و ساعات اليد و أدوات التجميل و الحقائب و العطور ، و الملابس و السيّارات ، وأيضا صور لعارضات أزياء في وضعيات مثيرة .
أسبوعيّة ، أسريّة ، منوّعة ..هذا ما كُتب حرفيا تحت اسم المجلة .
أما منوّعة فأي نعم لدرجة أني و أنا أمر بالمواضيع تذكّرت مثلا تقوله أمي " كي من يضرب في قاع الشجرة و راسها " !
و حتى لا أكون متطرفة و ظالمة ، بعض المواضيع وجدتها فعلا جميلة و مفيدة بل و رائعة ، إلا أنّها تعد على أصابع اليد .
أما كونها أسريّة ، فهذا كان اكتشافي ، إلا إذا كنت مخطئة و كانت المجلة موجّهة للأسر الغربية ... لأني لم أستطع أن أفهم حاجة الأسر العربية لأن تعرف أنّ آن هثاواي تقص شعرها الطويل ، و هالي بيري تتراجع عن قسمها بشأن عدم الزواج ، و أنّ دافيد بيكام هو أول رجل يظهر بمفرده على غلاف مجلة ، و براد بيت يقدّم خاتم الخطوبة لانجيلا جولي ، بعد تأخر سبع سنوات وإنجاب 3 أطفال ... و غيرها من الأخبار الهامة و الضرورية لمصير الأسر العربية ، مثل عدد الذين يخضعون لعمليات التجميل في ألمانيا ، و السر في عدم طيران فستان ملكة بريطانيا عند هبوب الهواء ! و زواج الفنانين و خلافات الفنانات ، و مقال عن شخصية جوليا روبرتس ، إلى غير ذلك من الأخبار التي جعلتني أنحو على نفسي باللائمة لأني كنت على جهل بصميم اهتمامات الأسرة الخليجية العربية !
شدّ انتباهي أيضا مقال عن خُلُق الإستقامة للدكتور عمرو خالد و هو من سلسلة مقالات بعنوان أخلاقنا ، يكتبها الدكتور أسبوعيا للمجلة ..
أحسست كأني أعثر على لؤلؤة وسط كومة قش يابس !
لكني شعرت بشيء من الغيظ وتمنيت لو تتاح لي الفرصة لأعاتب الدكتور الأستاذ عمرو خالد على نشره مقالاته الهادفة في تلك المجلة . و تصوّرت المقالات جميعها مطبوعة مثلا في كتيّب صغير جميل يكون في متناول القرّاء .
قلت في نفسي ...لعلّ الأمر من باب التنوّع كما هو شعار المجلّة ، و التنوع و الإستقامة لا يكونان بالضرورة على طرفي نقيض ، و لكني حاولت أن أعثر على العلاقة بين خلق الاستقامة الذي يقول فيه الدكتور عمرو خالد "هل رأيت كيف أن الاستقامة أخذت بمجامع الأخلاق كلها ؟ ( ...) أي لسان مستقيم ، عمل مستقيم ، نيّة مستقيمة غير مخادعة ، فكر مستقيم ، عقيدة مستقيمة ..إلخ " ، و بين موضوع أفردت له المجلة أربع صفحات كاملة عن القضية العربية المصيرية التي ملأت الدنيا و شغلت الناس و المتعلّقة بمناوشات راغب علامة و أحلام في برنامج أراب أيدل ، فلم أجد العلاقة !
و حاولت أن أعثر على خيط و لو رفيع يربط بين استقامة الفكر و موضوع ملأ أيضا أربع صفحات عن فنادق للحيوانات الأليفة و " قصر الكلاب " في الإمارات ، و صورة لكلب يجلس على كرسي و يضع قائمتيه الأماميتين على طاولة و قد زيّنت مخالبه بالطلاء ، فلم أفلح في العثور على أبسط خيط .
أصدقكم القول لقد صدمت ، و ذهلت ...
أقلب الصفحات فأقرأ لعمرو خالد " و من أهم أشكال الاستقامة استقامة الفكر ...و استقامة منهج التفكير تكون باتباع الأدلة و الحجج العلمية و العقلية.. " ، و أقلّبها فأرى صورة للكلب باسطا ذراعيه و أقرأ ... " يقدّم فندق Dogs Palace خدماته التجميلية لمختلف أنواع الحيوانات الأليفة من قص و صبغ الشعر ، و تقليم الأظافر ،كما أنّ هناك محلا خاصا لبيع اكسسوارات و لوازم جميع أنواع الحيوانات و يضم مئات التشكيلات المبتكرة التي نقوم باستيرادها من الخارج .." ، و " ...خدمات متميّزة VIP و رعاية خاصة تشمل ، على سبيل المثال ( المثال فقط ! ) ..الإقامة في غرف متسعة و مزودة بشاشة تلفزيون ، (...) غرف الألعاب و الحديقة الخارجية المخصصة للكلاب بجميع أنواعها ، (...) رعاية صحية بيطرية على مدار 24 ساعة ( ! ) ...
فعن أية استقامة تتحدّث يا عمرو خالد وقد أصبح للكلاب في البلاد العربية فنادق و خدمات VIP؟!
أقلّب مرّة أخرى فأقرأ " و من الإستقامة اجتناب الكذب و الخيانة و التزوير و التدليس ..و متى استقام القلب على معاني الخوف من الله و محبّته و تعظيمه استقامت الجوارح على طاعة الله ، ثم يليه في الأهمية استقامة اللسان .. " ، ثم أعيد التقليب فأقرأ في بورصة الشائعات الفنية " المجلة ترصد أسبوعيا أبرز النمائم و الشائعات داخل الوسط الفني " !
فأية استقامة يا دكتور و هذه المجلة دليل على فوضى الفكر و توهان الفكر و شتات الفكر الذي نعيشه ، فلا نحن إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء ..
قالت لي أختي و أنا أناقشها في الموضوع بأنّ الدكتور عمرو خالد داعية ، و الداعية يسعى إلى زرع الفضيلة و الأخلاق و لا يهمه أين ، المهم أن تصل رسالته لعلّ و عسى .
وجدت قول أختي مقنعا بعض الشيء ، أو أحببت أن أجده كذلك ، و لكني لم أشعر بالراحة إلا بعد أن كتبت هذا المقال .أ
أحسست كأني أعثر على لؤلؤة وسط كومة قش يابس !
منذ سنوات لم أعد أحرص على قراءة تلك المجلة الخليجيّة الأسبوعيّة الفاخرة الطباعة ، و الفخمة و الأنيقة جدا في مظهرها و ألوانها ، و لكن الصدفة وضعتها أمامي هذا الصباح ، فرحت أقلّب صفحاتها و أدقّق في المواضيع و الصور .
المجلّة ثقيلة بالمعنى الحرفي للكلمة ، إذ يصل عدد صفحاتها إلى 240 صفحة ، نصف العدد إن لم يكن أكثر مخصّّص للإشهار لماركات عالمية من المجوهرات و الإكسسورات و ساعات اليد و أدوات التجميل و الحقائب و العطور ، و الملابس و السيّارات ، وأيضا صور لعارضات أزياء في وضعيات مثيرة .
أسبوعيّة ، أسريّة ، منوّعة ..هذا ما كُتب حرفيا تحت اسم المجلة .
أما منوّعة فأي نعم لدرجة أني و أنا أمر بالمواضيع تذكّرت مثلا تقوله أمي " كي من يضرب في قاع الشجرة و راسها " !
و حتى لا أكون متطرفة و ظالمة ، بعض المواضيع وجدتها فعلا جميلة و مفيدة بل و رائعة ، إلا أنّها تعد على أصابع اليد .
أما كونها أسريّة ، فهذا كان اكتشافي ، إلا إذا كنت مخطئة و كانت المجلة موجّهة للأسر الغربية ... لأني لم أستطع أن أفهم حاجة الأسر العربية لأن تعرف أنّ آن هثاواي تقص شعرها الطويل ، و هالي بيري تتراجع عن قسمها بشأن عدم الزواج ، و أنّ دافيد بيكام هو أول رجل يظهر بمفرده على غلاف مجلة ، و براد بيت يقدّم خاتم الخطوبة لانجيلا جولي ، بعد تأخر سبع سنوات وإنجاب 3 أطفال ... و غيرها من الأخبار الهامة و الضرورية لمصير الأسر العربية ، مثل عدد الذين يخضعون لعمليات التجميل في ألمانيا ، و السر في عدم طيران فستان ملكة بريطانيا عند هبوب الهواء ! و زواج الفنانين و خلافات الفنانات ، و مقال عن شخصية جوليا روبرتس ، إلى غير ذلك من الأخبار التي جعلتني أنحو على نفسي باللائمة لأني كنت على جهل بصميم اهتمامات الأسرة الخليجية العربية !
شدّ انتباهي أيضا مقال عن خُلُق الإستقامة للدكتور عمرو خالد و هو من سلسلة مقالات بعنوان أخلاقنا ، يكتبها الدكتور أسبوعيا للمجلة ..
أحسست كأني أعثر على لؤلؤة وسط كومة قش يابس !
لكني شعرت بشيء من الغيظ وتمنيت لو تتاح لي الفرصة لأعاتب الدكتور الأستاذ عمرو خالد على نشره مقالاته الهادفة في تلك المجلة . و تصوّرت المقالات جميعها مطبوعة مثلا في كتيّب صغير جميل يكون في متناول القرّاء .
قلت في نفسي ...لعلّ الأمر من باب التنوّع كما هو شعار المجلّة ، و التنوع و الإستقامة لا يكونان بالضرورة على طرفي نقيض ، و لكني حاولت أن أعثر على العلاقة بين خلق الاستقامة الذي يقول فيه الدكتور عمرو خالد "هل رأيت كيف أن الاستقامة أخذت بمجامع الأخلاق كلها ؟ ( ...) أي لسان مستقيم ، عمل مستقيم ، نيّة مستقيمة غير مخادعة ، فكر مستقيم ، عقيدة مستقيمة ..إلخ " ، و بين موضوع أفردت له المجلة أربع صفحات كاملة عن القضية العربية المصيرية التي ملأت الدنيا و شغلت الناس و المتعلّقة بمناوشات راغب علامة و أحلام في برنامج أراب أيدل ، فلم أجد العلاقة !
و حاولت أن أعثر على خيط و لو رفيع يربط بين استقامة الفكر و موضوع ملأ أيضا أربع صفحات عن فنادق للحيوانات الأليفة و " قصر الكلاب " في الإمارات ، و صورة لكلب يجلس على كرسي و يضع قائمتيه الأماميتين على طاولة و قد زيّنت مخالبه بالطلاء ، فلم أفلح في العثور على أبسط خيط .
أصدقكم القول لقد صدمت ، و ذهلت ...
أقلب الصفحات فأقرأ لعمرو خالد " و من أهم أشكال الاستقامة استقامة الفكر ...و استقامة منهج التفكير تكون باتباع الأدلة و الحجج العلمية و العقلية.. " ، و أقلّبها فأرى صورة للكلب باسطا ذراعيه و أقرأ ... " يقدّم فندق Dogs Palace خدماته التجميلية لمختلف أنواع الحيوانات الأليفة من قص و صبغ الشعر ، و تقليم الأظافر ،كما أنّ هناك محلا خاصا لبيع اكسسوارات و لوازم جميع أنواع الحيوانات و يضم مئات التشكيلات المبتكرة التي نقوم باستيرادها من الخارج .." ، و " ...خدمات متميّزة VIP و رعاية خاصة تشمل ، على سبيل المثال ( المثال فقط ! ) ..الإقامة في غرف متسعة و مزودة بشاشة تلفزيون ، (...) غرف الألعاب و الحديقة الخارجية المخصصة للكلاب بجميع أنواعها ، (...) رعاية صحية بيطرية على مدار 24 ساعة ( ! ) ...
فعن أية استقامة تتحدّث يا عمرو خالد وقد أصبح للكلاب في البلاد العربية فنادق و خدمات VIP؟!
أقلّب مرّة أخرى فأقرأ " و من الإستقامة اجتناب الكذب و الخيانة و التزوير و التدليس ..و متى استقام القلب على معاني الخوف من الله و محبّته و تعظيمه استقامت الجوارح على طاعة الله ، ثم يليه في الأهمية استقامة اللسان .. " ، ثم أعيد التقليب فأقرأ في بورصة الشائعات الفنية " المجلة ترصد أسبوعيا أبرز النمائم و الشائعات داخل الوسط الفني " !
فأية استقامة يا دكتور و هذه المجلة دليل على فوضى الفكر و توهان الفكر و شتات الفكر الذي نعيشه ، فلا نحن إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء ..
قالت لي أختي و أنا أناقشها في الموضوع بأنّ الدكتور عمرو خالد داعية ، و الداعية يسعى إلى زرع الفضيلة و الأخلاق و لا يهمه أين ، المهم أن تصل رسالته لعلّ و عسى .
وجدت قول أختي مقنعا بعض الشيء ، أو أحببت أن أجده كذلك ، و لكني لم أشعر بالراحة إلا بعد أن كتبت هذا المقال .أ
ـــــــــــــــــــــــ
اصوات الشمال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.