قد
تكون البدايات دائما متشابهة . لكننا نفاجأ عند الوصول أن البدايات
المتشابهة لا تعني نهايات واحدة . ومع أن الحياة تصر على أن تهب الجميع
نهاية واحدة إلا أنها لا تكون أبدا متشابهة.
(1)
لا أذكر على التحديد متى بدأ إدراكي لهذه الكلمة . متى سمعتها أول مرة. متى جربت أحرفها و متى أصبحت علامة على أمر ما في خاطري . لا يمكن بسهولة التوصل لمنابع الأنهار حين تكون غائرة في الصخور البعيدة . ربما يمكننا أن نرى الماء المنبعث منها لكن الوصول إلى هناك حيث ينبع الماء قد يكون أكثر خطورة من النوم في عرض الأنهار .
حين صرخ فيّ "يا أخي بقولك ربنا اللي بيقول . ايه . انت كلام ربنا عندك ملهوش قيمة ." تفجر في خاطري هذا السؤال .
لماذا غضب حين لم يلحظ اهتماما بما يقول .
أستطيع القول إنه نجح في صنع حالة من الارتباك لدي. شعرت أن المشكلة لابد أنها تكمن فيّ أنا الذي لم يجد في حديثه المرفوع إلى الله شيئا يستحق الاهتمام . ربما كان احساس عميق بالذنب هو الذي حملني أن أفتش عن الله فيّ . أين يكمن في نفسي . متى عرفته . وكيف عرفته . وهل يعرفه هو أكثر من معرفتي به .
حين كنت طفلا كنت أسمع من أمي وأنا أحكي لها حكايات لم تقع أن الكذابين يعاقبهم الله في النار وأني إذا ألقيت الأكل على الأرض هروح النار . وكنت أحفظ من أبي " الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي " . يفرح أبي كثيرا حين يطلب مني أن أعيدها . و الكثيرون ممن كانوا يرونني وأنا صغير و يسألوني " من ربك " فأجيب بهذه العبارة التي ألحظ أنهم جميعا يفرحون بها .
ولم أشعر في حينها بأية علاقة بين الله الذي هو ربي والله الذي يملك النار التي يعاقب بها الذين يحكون حكايات لم تقع . لم يصنع عقلي حينها صلة بينهما إلا حين توفي جدي لأمي وعللوا ذلك بأنه ذهب إلى الله .
كنت أحب جدي كثيرا . لحيته البيضاء الخفيفة وشعره الأبيض الرقيق ووجه المحمر وغليونه و ثيابه الداكنة والمسدس المعلق بوسطه دائما وسائقه؛ كل ذلك كان يصنع لي صورة مبهرة لهذا الرجل . كان مغايرا لكل من أعرف . لجدي الآخر ولأبي وللأستاذ عمر مدير المدرسة .
لا يمكن بحال أن يذهب هذا الرجل إلى الله الذي يملك النار . جدي الذي أهداني علبة ألوان خشبية ومسدسا صغيرا كانا آثر ما أملك لا يمكن أن يذهب إلى النار . صحيح أنه كان يدخن وأبي يقول إن المدخنين سيذهبون إلى النار . لكن جدي ليس من هؤلاء . وحين أخبرت أمي بذلك قالت لي إنه ذهب إلى الجنة . فسألتها ماذا تعني الجنة . قالت إنها مكان جميل يذهب إليه من نحب حينما يفارقونا .
وهل يملكها الله أيضا . قالت نعم . إن الله يملك هذه وتلك .
استرحت إلى أن جدي لم يذهب إلى النار لكنني لم أفهم لماذا إذا يملك الله النار مادام لن يأخذ إليها أحدا ممن نحب .
وحين سألت أيضا أمي قالت إن النار إنما يذهب إليها ( الناس الوحشين ). وهو ما لم أعرف ماذا تعني به . لكنني أصبحت أرتاح كثيرا حين أرى عم محمد البقال الذي يصرخ في وجهي كلما ذهبت إليه لأنه و حسب ما كنت أرى ( من هؤلاء الوحشين ) وأنه سيذهب إلى النار .
(1)
لا أذكر على التحديد متى بدأ إدراكي لهذه الكلمة . متى سمعتها أول مرة. متى جربت أحرفها و متى أصبحت علامة على أمر ما في خاطري . لا يمكن بسهولة التوصل لمنابع الأنهار حين تكون غائرة في الصخور البعيدة . ربما يمكننا أن نرى الماء المنبعث منها لكن الوصول إلى هناك حيث ينبع الماء قد يكون أكثر خطورة من النوم في عرض الأنهار .
حين صرخ فيّ "يا أخي بقولك ربنا اللي بيقول . ايه . انت كلام ربنا عندك ملهوش قيمة ." تفجر في خاطري هذا السؤال .
لماذا غضب حين لم يلحظ اهتماما بما يقول .
أستطيع القول إنه نجح في صنع حالة من الارتباك لدي. شعرت أن المشكلة لابد أنها تكمن فيّ أنا الذي لم يجد في حديثه المرفوع إلى الله شيئا يستحق الاهتمام . ربما كان احساس عميق بالذنب هو الذي حملني أن أفتش عن الله فيّ . أين يكمن في نفسي . متى عرفته . وكيف عرفته . وهل يعرفه هو أكثر من معرفتي به .
حين كنت طفلا كنت أسمع من أمي وأنا أحكي لها حكايات لم تقع أن الكذابين يعاقبهم الله في النار وأني إذا ألقيت الأكل على الأرض هروح النار . وكنت أحفظ من أبي " الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي " . يفرح أبي كثيرا حين يطلب مني أن أعيدها . و الكثيرون ممن كانوا يرونني وأنا صغير و يسألوني " من ربك " فأجيب بهذه العبارة التي ألحظ أنهم جميعا يفرحون بها .
ولم أشعر في حينها بأية علاقة بين الله الذي هو ربي والله الذي يملك النار التي يعاقب بها الذين يحكون حكايات لم تقع . لم يصنع عقلي حينها صلة بينهما إلا حين توفي جدي لأمي وعللوا ذلك بأنه ذهب إلى الله .
كنت أحب جدي كثيرا . لحيته البيضاء الخفيفة وشعره الأبيض الرقيق ووجه المحمر وغليونه و ثيابه الداكنة والمسدس المعلق بوسطه دائما وسائقه؛ كل ذلك كان يصنع لي صورة مبهرة لهذا الرجل . كان مغايرا لكل من أعرف . لجدي الآخر ولأبي وللأستاذ عمر مدير المدرسة .
لا يمكن بحال أن يذهب هذا الرجل إلى الله الذي يملك النار . جدي الذي أهداني علبة ألوان خشبية ومسدسا صغيرا كانا آثر ما أملك لا يمكن أن يذهب إلى النار . صحيح أنه كان يدخن وأبي يقول إن المدخنين سيذهبون إلى النار . لكن جدي ليس من هؤلاء . وحين أخبرت أمي بذلك قالت لي إنه ذهب إلى الجنة . فسألتها ماذا تعني الجنة . قالت إنها مكان جميل يذهب إليه من نحب حينما يفارقونا .
وهل يملكها الله أيضا . قالت نعم . إن الله يملك هذه وتلك .
استرحت إلى أن جدي لم يذهب إلى النار لكنني لم أفهم لماذا إذا يملك الله النار مادام لن يأخذ إليها أحدا ممن نحب .
وحين سألت أيضا أمي قالت إن النار إنما يذهب إليها ( الناس الوحشين ). وهو ما لم أعرف ماذا تعني به . لكنني أصبحت أرتاح كثيرا حين أرى عم محمد البقال الذي يصرخ في وجهي كلما ذهبت إليه لأنه و حسب ما كنت أرى ( من هؤلاء الوحشين ) وأنه سيذهب إلى النار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.