عن الناشئة والعلمانية || عامر موسى الشيخ – العراق

ثمة أصوات، تظهر هنا وهناك في هذا الفضاء الأزرق، من شباب ناشئة دائما ما تأخذهما الحماسة بنقد العلمانية والعلمانيين؛ ويلصقون بهم صفات ما أنزل الله بها من سلطان ، ودائما ما يقرنون شرب الخمر والانحلال الأخلاقي بهذه الفئة .. حقيقة هذا أمر محير جدا، ونسأل لماذا تسمون شارب الخمر علماني ؟ وهل كل شارب خمر بالضرورة هو علماني، فثمة من كرعوها وذهبوا للحج ! تابوا مرحليا وعادوا إليها ..! لماذا يتم هذا الإقران من دون الإشارة إلى سياسي قادم من خلفية دينية حزبية ويسرق علنا ..؟ فشارب الخمر هنا يعلنها عن نفسه دون التخفي لكن السياسي الديني يتخفى ويسرق وهذا النفاق بعينه.

وأيضا هل يعرف هؤلاء الفتية ما هو الفرق بين كسر العين وفتحها في لفظة العلمانية وماذا يعني هذا وماذا يعني ذاك … ؟
هل لدى هؤلاء ولدى من دفعهم لتشويه ذائقتنا القرائية في فيس بوك بديلا نوعيا ؟ هل اطلع هؤلاء الشباب الناشئة على تجارب الشعوب الأخرى ونجاحها؟
طيب، تساؤل آخر: من قال أن العلمانية هي الكفر بعينه أو إنها ضد الدين ؟
وفي موضع آخر أيضا ما هو الطريق لصلاح الدولة وفقا لأي منظور يرى هؤلاء الشباب الأولاد كيفية بناء الدولة ؟
لماذا أيضا يستشهد هؤلاء الفتية بدول أوربية كبرى ويشرحون لنا تجارب تلك الدول ؛ وهم لا يعرفون شيئا عن طبيعة التعامل والقوانين في تلك الدول وكيف أتاحت تلك الأنظمة حرية المعتقد الديني ..؟
لنترك هذا كله .. و أضع تساؤلا آخرا لو أن هؤلاء الفتية استطاعوا بناء الدولة دينيا، وفقا لأي منهج أو طريقة أو مذهب أو مدرسة أو اتجاه سوف ينفذون البرامج؛ وهل سوف يتقبل المختلف معه دينيا أو فقهيا أو عقائديا ويجعله معه في نفس المركب ؟
أتمنى فعلا أن يعرفوا أن الطريق إلى الله لا يحتاج إلى دولة أو وساطة.. طريق الله يراد له قلبا مطمئنا قائما على يقين الإيمان المطلق.
وفي النهاية كما يقول أحد الفلاسفة : ” الله موجود مطلق لا متناهي، والإنسان موجود مطلق متناهي” لنفكر بهذه الفكرة العملاقة التي تتحدث عن الاطلاق العام و تحصر نفسها في زاوية ضيقة أتت نتيجة لقراءة كتاب تمت عليه الإضافات مثلما تتم عملية إضافة النكهات إلى الأكل حسب قابلية الاشتهاء.
لا تشتهوا الأفكار نرجوكم بل فكروا بمحبة وإطلاق ...