في ذاكرة السينما مشاهد لا تُنسي، وربما من أكثر المشاهد التي تلح علي خواطر محبي الفن السابع الآن هو مشهد نهاية فيلم »طيور الظلام الذي رسمه وحيد حامد وأبدع في خلقه شريف عرفة.. حين وقف كل من ممثل النظام القائم المحامي الفاسد فتحي نوفل أمام ممثل تيار الإسلام السياسيعلي الزناتي داخل ساحة السجن، وأخبره الأول ضاحكاً »برضه مع بعض يا علي، فما كان من الأخير إلا أن أكد احنا في مركب واحد يا فتحي، الاثنان رهن التحقيقات بلا أدلة تضمن للقانون معاقبتهما، وخلال الحوار الدائر المليء بالتحدي، يتبادلان كرة بين أقدامهما، وينتهي المشهد بعد سعيهما المضني خلف الكرة متخطين ومبعدين كل من يقف في طريقهما بكسر الشاشة في وجه الجمهور ليلعنا خسارة الجميع وخسارة الوطن من قبل ومن بعد.
نهايات أخري كثيرة في ذاكرة السينما سعي مبدعوها لاستشراف المستقبل القريب الذي ظهرت أعراضه طوال السنوات الفائتة، حين رأي خالد يوسف أن ما يحدث في مصر لا يمكن أن ينتهي سوي بثورة جياع عام 2013 وهو المشهد الذي رآه في فيلمه »دكان شحاتة« أو قبلها بسنوات حين قرر وحيد حامد أن يصطف الشعب أمام البرلمان مرددين كلمة واحدة »آااااه« أو تلك التي ختم بها الراحل الباقي يوسف شاهين آخر أعماله »هي فوضي« عندما اقتحم الشعب أقسام الشرطة للتخلص من الظلم والقهر.
طيور الظلام.. كمان وكمان
وحيد حامد يري أن البحث عن مشهد للنهاية الآن أقل أهمية كثيراً من محاولة إيجاد مشهد للبداية، يقول: »علينا التفكير بجدية في مستقبل مصر«،ويضيف: »نحن في حاجة إلي رئيس يخلصنا من حكم العسكر والإخوان« من المهم للغاية الآن أن نكشف التيارات الرجعية المتخلفة وتعريتها أمام المجتمع كي لا ينخدع بها أحد، ولا بشعاراتها البراقة التي تتاجر بها للحصول علي مكاسب سياسية، لذا قررت بالاتفاق مع المخرج شريف عرفة تقديم جزء ثان من فيلم »طيور الظلام« الذي قدمنا جزءه الأول قبل سنوات، وشدد وحيد حامد علي أن »المسألة كلها مصالح، والقوي الدينية تبحث عن مصالحها، وتنضم إليها في ذلك القوي العسكرية والأحزاب الأخري.. كما هو واضح ضاعت مصلحة مصر والكل يعمل لأجل مصلحته فحسب«.
وعن طريقة تصحيح هذا الوضع، أشار إلي أنه »لابد من حل البرلمان لكتابة دستور جديد، خصوصاً في ظل الهيمنة الحالية عليه من جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين الذين لن يسمحوا لأي رئيس جديد بأن يخطو خطوة إلي الأمام، وسيسعون إلي فرض قبضتهم عليه، فسيتحول الرئيس المقبل إلي خيال مآتة، وسيواجه تحد كبير من الإسلاميين الذين سيهددون مسيرته بوضع الكثير من العراقيل أمامه في حال عدم الاستجابة إليهم«.. وفي النهاية لم يخف وحيد حامد قلقه من التكتل الطائفي الذي يتشكل في مصر الآن والذي يري أنها خطة معدة للعمل في حالة وصول أي مرشح أمام مرشح الجماعة.
التحرير هو الحل
من جانبه قدم خالد يوسف التحية للمشاركين في إخفاء الأدلة الجنائية التي تدين الرئيس المخلوع، والتي قادت هيئة المحكمة إلي هذه الأحكام، مشيراً إلي أن هذا الحكم أعاد مرة أخري روح الوحدة بين التيارات السياسية المختلفة، التي انشقت وتفرقت بسبب الانتخابات والسعي وراء السلطة.
وقال يوسف علي حسابه الخاص علي موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك »تحية كبيرة لمن أتلف الأدلة وقاد المحكمة للحكم بمثل هذا الحكم الذي جمعنا مرة أخري يداً واحدة بعد أن شتتنا التحزب والاستفتاء والانتخاب والسلطة والكراسي«.
وقال خالد يوسف الذي حرص علي التواجد في مظاهرات ميدان التحرير: إن محاكمة الرئيس المخلوع وأعوانه تمت علي أسس غير صحيحة، مؤكداً أن العدل أساس الملك، وإن لم يستقر العدل علي أرض مصر فلن يحدث الاستقرار.. مشيراً إلي أن المجلس العسكري غير قادر علي فهم أن الشعب في حالة ثورة.. وأشار يوسف إلي أن الإنقاذ الحقيقي لمصر الآن هو تسليم السلطة لمجلس رئاسي منتخب بقيادة الدكتور محمد البرادعي، يتم تحت رعايته إجراء العملية الانتخابية وتكون مهمته محددة وهي خروج البلاد إلي بر الأمان.
ويري يوسف أن البداية والنهاية لا يمكن أن تخرج عن إطار ميدان التحرير، وأشار إلي أن المتظاهرين نزلوا إلي الشارع مرة أخري، ليعبروا عن سخطهم من المجلس العسكري، واللجنة العليا للانتخابات، وقال: لم يشف غليل أسر الشهداء بعد، كما أنه لم يتم محاسبة مبارك علي 30 سنة فساد، وأضاف يوسف تعليقاً علي الحكم بالمؤبد علي الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك: هذا أمر كنت متوقعه وكثير منا كان علي يقين بأن هذا ما سيحدث وليس هذا فقط بل هناك فصل أو فصول أخريللسيناريو وهو أن يأتي شفيق رئيساً لمصر ليختتم السيناريو ويعفو عن مبارك وتنتهي المسرحية الهزلية التي لعبوها علينا.
واختتم يوسف قائلاً: أعتقد أن الأمور واضحة تماماً ولابد من القضاء علي كل رموز النظام السابق وأن يتم تسليم السلطة بأي شكل من الأشكال حتي لا يعود النظام السابق أمام أعيننا ونحن نشاهد ونضحك من الهم.
الانتخابات مجرد بداية
يري المؤلف بشير الديك: أن مشهد النهاية لم يكتب حتي بعد فوز أحد المرشحين بالرئاسة، فعندما يعلن رئيس اللجنة الدستورية نتائج انتخابات مرحلة الإعادة، ويكتشف أن عدد الأصوات الباطلة بلغت ما يقرب من 20 مليونا، سيكون لهذا تأثيره الواضح علي الانتخابات، ومن هنا تكون مرحلة الانتخابات بداية وليست نهاية خاصة أن هناك من يرفض إقامة دولة دينية حتي لا يصبح كافراً كما يرفض شفيق حتي لا يصبح خائناً.
ويضيف الديك قائلاً: إن هذه الكتلة التصويتية لا يستهان بها وتمارس حقوقها السياسية وهذا دليل علي وجود حراك سياسي تعيشه منذ أن اندلعت ثورة 25 يناير، وفي تصوري أن كلا السيناريوهين سيئ للغاية ولكن فوز شفيق يعد الأسوأ لأن هذا يعني عودة الأوضاع لما كانت عليها قديماً.
أما في حالة فوز الدكتور مرسي فإن هذا يعني سيطرة الإخوان علي مقاليد الحكم ولكن أهون بكثير من فوز شفيق ولكن بشروط أولها الاعتذار عن الأخطاء التي بدرت منهم والتخلي عن كبريائهم والالتزام بالعهود والمواثيق.
الصراع قائم
أما المؤلف طارق عبدالجليل يتفق في الرأي مع بشير الديك ويقول: إن مشهد نهاية فيلم »طيور الظلام« الذي قام ببطولته عادل إمام يعد من أكثر المشاهد التي تعبر عن المشهد السياسي الذي نعيشه الآن، وهو فكرة الصراع بين النظام السابق والتيار الديني، وفي تصوري أن هذا المشهد يعد البداية وليس النهاية لأن مازالت الثورة مستمرة ومازال الصراع مستمرا حتي بعد فوز أحد الطرفين، ففي حالة فوز الفريق أحمد شفيق ستكون أول قراراته حل مجلس الشعب المسيطر عليه الإخوان وهو الأمر الذي سيثير غضبهم ويدب الذعر في قلوبهم، وفي نفس الوقت تعود الحياة لما كانت عليه سابقاً وتحديداً في عهد المخلوع، أما إذا فاز الدكتور محمد مرسي فسوف يسعي لكشف الفساد والسيطرة علي كل القطاعات وتظهر صراعات مع الحكومة والداخلية بالإضافة إلي المجلس العسكري.
ويضيف عبدالجليل قائلاً: في الحالتين سنشهد صراعاً شديداً بين الطرفين وإن كنت أري فرصة شفيق أقوي في حسم مشهد النهاية خاصة أنه محصن وضد المحاسبة بعكس المخلوع مبارك، وهنا لابد أن ننادي بعدم المساواة خاصة إذا طالب الشعب بمحاكمة شفيق فإنه سيحاكم محاكمة عسكرية وليست مدنية.
أزمات مستمرة
ويقول المؤلف هاني فوزي: إن مشهد نهاية فيلم »طيور الظلام« المنتشر حالياً علي صفحات الفيس بوك إنما هو مشهد معبر عما تعيشه الآن وما وصلنا إليه، ولكن في تصوري هناك نهايتان وضعتنا فيهما الانتخابات وللأسف استطاع النظام السابق أن يحقق أغراضه ووضع الناس في الاختيار القديم بين فزاعة الإخوان والنظام السابق، فانتزعا معاً الأمل من أحلام الشعب المصري وقررا أن يعودا بنا إلي نقطة الصفر من جديد.
ويضيف هاني فوزي قائلاً: إنه لا توجد رؤية مستقبلية تساهم في حل الأزمة التي وصلنا إليها حتي أن المفاوضات لم تسفر عن شيئاً، وتسبب ذلك أيضاً في حالة من الحيرة انتابت الناس وأصبح هناك اختلافاً في التقييم.
ويشير هاني فوزي إلي أن الحل من البداية في القوي السياسية النابعة من رحم الثورة وحتي هذا لم يحدث والأمل في خروج هذه القوي في هيئة أحزاب يمكن أن تنافس بقوة في الانتخابات القادمة.
ويوضح هاني فوزي قائلاً: إن مشهد النهاية المتوقع في الحالتين سواء فوز شفيق أو فوز مرسي فإنه سيثير غضب قطاع عريض من الناس ويتسبب في وجود أزمات مستمرة.
اخبار الفن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.