تحقيق: إنجى ماجد ــ أحمد سيد
لم يكن المخرج يسري نصر الله يتمني بعد منافسة فيلمه "بعد الموقعة" علي السعفة الذهبية ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي أن يخرج فقط بالاشادة والتقدير والاعجاب من لجنة التحكيم خاصة أنه أعاد السينما المصرية إلي كان بعد غياب دام 15 عاما منذ مشاركة فيلم »المصير« للراحل يوسف شاهين.جاءت الرياح بما لاتشتهي السفن فإلي جانب حرمان الفيلم من الإشادات القوية من جانب النقاد العالميين، تعرض لموجة شديدة من الهجوم بعد اكتشاف أن أحد المشاركين في الانتاج صهيوني ومن أشد الداعمين لاسرائيل داخل فرنسا وهو الصحفي جورج مارك بنامو الذي دخل عالم الانتاج السينمائي من باب الثورات العربية بعد ما أكد أنه يجب احتضانها والتعبير عنها في الأعمال السينمائية العالمية.
ولم يقتصر الأمر علي ذلك فبعد أن أعلنت شركة توزيع اسرائيلية أنها اشترت حقوق عرضه ليعرض داخل اسرائيل، زاد من حدة الانتقادات نحو صناع الفيلم وشركته المنتجة، نقابة السينمائيين أكدت أنها لاتعلم شيئا ولاتتوافر لديها معلومات مؤكدة لفتح تحقيق فوري.حول صحة تلك الادعاءات توجهنا إلي أطرافها لمعرفة حقيقة الأمور كما استطلعنا آراء النقاد للوقوف علي أزمة عرض أفلامنا داخل اسرائيل.
البداية كانت مع الناقد أحمد عاطف الذي أكد أنه مفجر ومكتشف مشاركة المنتج الفرنسي الصهيوني جورج مارك بنامو في العملية الانتاجية للفيلم.عاطف سرد الحكاية من بدايتها قائلا: الأمر جاء بالصدفة البحتة بعد ما تفاجأت بمشاركة جهات إنتاج فرنسية لشركة "نيو سينشري" المصرية في عملية الانتاج وخاصة أن "نيوسينشري" شهيرة بتقديم الأفلام التجارية البحتة ومن الصعب أن تكون لها علاقات مع جهات انتاج أجنبية، لذلك أثار هذا الأمر انتباهي وبدأت عملية بحث عن هوية تلك الجهة الغربية لاكتشف أن وراءها الصحفي الفرنسي الصهيوني جورج مارك بنامو الذي يصنف ضمن الـ 500 شخصية المتحكمة في الإعلام الفرنسي وكان من المستشارين المقربين للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وشهير بدعمه الصارخ لدولة اسرائيل وكراهيته للعرب، وعندما تم نشر ذلك أراد المخرج يسري نصر الله تحويل إتجاه الأحداث فأخذ يظهر في وسائل الاعلام ليؤكد أن المنتج ليس اسرائيلي الجنسية، وأنا لم أقل ذلك كما نفي نصر الله بيع الفيلم للعرض في اسرائيل وهذا غير حقيقي أيضا، ولإثبات ذلك وجدت أن شركة اورلاندو فيلم الاسرائيلية اشترت حقوق عرضه من شركة MK2 وهي الموزع الدولي للفيلم صاحبها موزع فرنسي صهيوني اسمه مارين كارميدز خلال سوق مهرجان كان وذلك مثبت علي الصفحة الرسمية للمهرجان.
ويضيف عاطف قائلا "وحتي تكون لدي مستندات موثقة قمت بمراسلة مدير التوزيع في شركة اورلاندو ويدعي روني مهاداف وأكد لي في خطاب أنهم قاموا بشراء الفيلم من شركة MK2، وكان هدفهم عرضه في عدد من صالات العرض ثم عرضه علي الشاشة الصغيرة، ولكن منذ بضعة أيام أخطرتهم الشركة أن عقدها مع المنتج المصري يتضمن بندا يمنع البيع لاسرائيل ولذلك لم تحسم الشركة أمرها بعد من مسألة عرضه«.
وأكد قائلا "أنا لست ضد الفيلم وكنت أول من ينشر كلاما علي لسان نصر الله بعد اعلان دخول الفيلم المسابقة الرسمية لكان، ولكن ضميري المهني لن يقف ساكنا أمام تعاون أي فنان مصري مع صهاينة يكرهون العرب ويدعمون الكيان الإسرائيلي بكل الوسائل المتاحة، وليس معني أن نصل للعالمية أن نتعاون معهم وأبرز مثال علي ذلك الأسطورة الراحل يوسف شاهين«.
لاتوجد أدلة
وبالتوجه إلي مسعد فودة نقيب السينمائيين أكد ان النقابة ستقوم بفتح تحقيق فوري عندما تتوفر لها مستندات رسمية وأدلة مؤكدة لصحة هذا الكلام، وحتي الآن لا يوجد لدينا ما يجعلنا نقوم بفتح تحقيق رسمي.
وبمواجهته بشأن وجود ملف كامل عن تلك الأزمة لدي النقابة ، نفي فودة ذلك الكلام وأكد أنه غير صحيح وحتي تاريخة لاتمتلك النقابة أي أدلة موثقة أومعلومات كافية عن تلك الإتهامات.
براءة المخرج
أما الناقد طارق الشناوي فيري: أن أزمة فيلم »بعد الموقعة« أنما هي أزمة محل شك ونزاع خاصة أنه لم تكن هناك أي دلائل او براهين واضحة علي عرض الفيلم في اسرائيل وهو الامر الذي نفاه يسري نصر الله في المؤتمر الصحفي الذي أقيم للفيلم في مهرجان كان عقب عرضه وأكد أن الفيلم لم يعرض في اسرائيل وليس هناك بند من بنود العقد تنص علي ذلك بين شركة نيوستشري والشركة الفرنسية المشاركة في الانتاج.
ويوضح الشناوي قائلا: عقب المؤتمر الصحفي سألت يسري عن هذه الازمة فقال لي أن الشركة الفرنسية لاتستطيع أن تعرض الفيلم في اسرائيل طبقا للناحية القانونية للاتفاق التعاقدي مع الشركة المصرية حتي لاتتكرر نفس الازمة التي تعرض لها المخرج الراحل يوسف شاهين عند عرضه فيلم "المهاجر" وهذا الجانب أصبح لايحتمل الكذب حتي إشعار آخر.
تحقيق فوري!
فيما يتعلق بجزئية عرضه داخل اسرائيل، يؤكد الناقد عصام زكريا أن طبيعة الانتاج السينمائي المشترك من الوارد فيها دوما أن تقوم جهة الانتاج الغربية ببيع العمل لمن يريد بما في ذلك الشركات الإسرائيلية، وبالتالي فليس من حقنا كمصريين أن نغضب أو نثور علي ذلك لأن عملية التعاقد لم تكن مع الجانب المصري وإنما مع الجانب الغربي. فالجميع يدرك أن مبدأ عدم بيع أعمالنا الفنية إلي اسرائيل من أجل منع التطبيع الثقافي، ولكن في حالة فيلم يسري نصر الله فالشركة الفرنسية هي صاحبة قرار بيع نسخ الفيلم إلي الشركة الإسرائيلية، وبالتالي فلم تحدث مخالفة للمقاطعة الثقافية بيننا وبينهم.
ويوضح قائلا: لمن لايعرف معظم الأفلام المصرية تعرض داخل اسرائيل لعرب 48 بشكل غير مباشر بعد أن يتم بيعها إلي موزعين في قبرص لتقوم هي ببيعها إلي شركات توزيع اسرائيلية، ونقابة السينمائيين وغرفة صناعة السينما لا تعارضان ذلك عملا بمنطق أن الافلام في جميع الأحوال تتعرض للسرقة وتعرض هناك ولكن عندما يتم بيعها داخل اسرائيل بطريقة غير مباشرة عن طريق موزعين قبارصة فلا يقع اللوم عليها كما تحقق مكاسب مادية، ولهذا في رأيي الهجوم الذي تعرض له صناع الفيلم وهم لاذنب لهم فيه ليس إلا »تلاكيك« فقبل قذف الاتهامات يجب التأكد بدقة من صاحب هذا القرار، ولايصح أيضا اتهام كل من ينجح ويصل للعالمية بالعمالة وعدم الوطنية.
وفيما يتعلق بجزئية المنتج الصهيوني، يؤكد زكريا أن الأمر يظل من باب الشائعات حتي يحدث تحقيق رسمي محايد من جانب الجهات المختصة في الواقعة ليتم اثبات أو نفي ذلك الإتهام، ولكن شائعة تطفو علي السطح وتشعل الحديث حولها دون الاستناد علي دلائل مؤكدة فهذا غير محايد. ولذلك طالب بضرورة فتح تحقيق من جانب نقابة السينمائيين بين الجانبين المصري والفرنسي لمعرفة الحقيقة من صحة الاتهامات أو كذب مطلقي تلك التصريحات، ما عدا ذلك أتمني البعد عن المزايدة ونظريات المؤامرة وتحطيم جهد الاخرين وإلقاء الاتهامات جزافا بدون وجود دلائل.
اشاعات مغرضة
تؤكد أمل الحامولي المسئولة عن انتاج الفيلم في شركة نيوسنشري أن كل ما يروج عن الفيلم إنما هي اشاعات مغرضة وليس لها أي اساس من الصحة خاصة أن بنود العقد وحتي من الجانب القانوني لاتسمح للشركة الفرنسية أن تتصرف في الفيلم كما يحلو لها لأن شركة نيوسنشري هي المتصرف الوحيد في الفيلم.
وتوضح الحامولي قائلة: إن يسري نصر الله أعلن ذلك خلال المؤتمر الصحفي وقد اتهم بالعنصرية وأنه معاد للسامية وهو الأمر الذي أثر علي فرص الفيلم في الحصول علي جائزة وتم استبعاده بسبب تصريحات يسري نصرالله.
وتضيف أمل الحامولي قائلة: أن الشركة المصرية المنتجة للفيلم ترفض تماما عرضه في اسرائيل حتي وإن طلبت الشركة الفرنسية هذا الامر.
اخبار الفن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.