زرادشت
هو نبي إيراني كان يعيش في شرق إيران وهو مؤسس الديانة الزرادشتية.في اللغة الإيرانية الحديثة «زرتشت»، وكانت تسبق اسمه كلمة «أشو» أي الطاهر النقي. وتتألف كلمة زرادشت من كلمتين: «زرت + اوشتره» أي الذهب + الجمال، لذلك ذهب بعض المستشرقين إلى تسميته صاحب الجِمال الذهبية، وبعضهم فسر اشتره بمعنى النور والضياء، فيصبح اسمه ذا النور والضياء الذهبي أو«الهالة الربانية».
حياته
ورد اسمه في النصوص الأفستية «زرئوشتره»، ويقال أن ظهوره كان في القرن العاشر أوالتاسع قبل الميلاد في بعض الآراء، وفي القرن السادس أوالخامس قبل الميلاد في بعض الآراء الأخرى، ولد في أذربيجان، ثم انتقل إلى فلسطين، واستمع إلى بعض أنبياء بني إسرائيل من تلاميذ النبي إرميا، ثم رجع إلى أذربيجان، ولم تطمئن نفسه إلى اليهودية، وقد حيكت حوله قصص وحكايات اختلط فيها الواقع مع الخيال والإمكان مع الإعجاز، تشكل ترسيمة عن حياة تبدأ بالنبوءة التي تعلق أن ثوراً تكلم وتنبأ بميلاد منقذ، وتنتهي بموت قدسي في أحد المعابد أمام النار في طبلخ فقد قتل عن 77سنة من قبل الطوراني «براتغاركش». وله كتاب هو«الأمينستا» وشرحه «الزندافستا»، يقسم العالم قسمين، الروحي والجسمي والخلق إلى التقدير والفعل، والوجود إلى النور والظلمة، والموجودات من النور والظلمة معاً، أو من الخير والشر، والعالم صراع دائم بين القوتين المتضادتين، الخير ويمثله إله النور «أهورامازدا» والشر ويمثله إله «اهرمِان» الذي ينتهي بانتصار إله النور في آخر الزمان، ولذلك تسمى الزردادشتية أحياناً باسم المازدية Mazdaism وأطلق عليها الإسلاميون اسم المجوسية، والمجوسية اسم ديانة عبدة النار، وكان زرادشت قد اعتنق عبادة النار أيضاً.
بدأ زرادشت أمره طبيبًا بارعًا، وحكيمًا وفيلسوفًا، حاول الوصول إلى سر الكون بالنظر والتأمل العقلي.. تعرض للاضطهاد في بادئ أمره، ثم لما مرض حصان الملك وعالجه زرادشت كافأه الملك بأن أذاع نبوته، ونشر عقيدته، ولما تزوج رئيس الوزراء ابنته كافأه بأن فرض ديانته على الشعوب المجاورة.. لكن ما لبثت هذه الشعوب أن قتلته!!
اسمه "زرادشت بن يورشب" من قبيلة "سبتياما"، وكانت أمه لأبيه من أذربيجان، أما أمه فمن إيران واسمها "دغدويه".. ولد في القرن السادس قبل الميلاد، واختلفت المصادر في التحديد الدقيق لتاريخ مولده، غير أن المؤكد أنه ولد في وقت انتشرت فيه القبائل الهمجية بإيران، وانتشرت معها عبادة الأصنام وسيطرة السحرة والمشعوذين على أذهان البسطاء.
وتقول الأساطير: "إن والد زرادشت كان يرعى ماشيته في الحقل، فترآى له شبحان، وأعطياه غصنًا من نبات، ليمزجه باللبن ويشربه هو وزوجته دغدويه، ففعل وشرب ما طلبه منه الشبحان، فحملت زوجته، وبعد خمسة شهور من حملها رأت في منامها أن كائنات مخيفة هبطت من سحابة سوداء، فانتزعت الطفل من رحمها وأرادت القضاء عليه، إلا أن شعاعًا من نور هبط من السماء مزق هذه السحابة المظلمة وأنقذ الجنين، وسمعت صوتًا من هذا النور يقول لها: "هذا الطفل عندما يكبر سيصبح نبي أهورامزدا".
وتعددت الأساطير حول ميلاد زرادشت، ومنها أنه لما ولد قهقه بصوت عالٍ اهتزت له أركان البيت، وأن كبير سحرة إيران "دوران سورن" رأى أن طفلا سيولد، ويقضي على السحر وعبادة الأصنام، ويطرد الكهنة من جميع البلاد، وتستطرد الحكايات أن هذا الكاهن قد حاول قتله وهو في المهد مرات ومرات، وكان الفشل هو النتيجة دائمًا.
واهتم والد زرادشت بابنه، ورأى أن يعلمه أفضل تعليم في البلاد؛ لذا أرسله في سن السابعة إلى الحكيم الشهير "بوزين كوروس"، وظل الابن معه ثمانية أعوام درس فيها عقيدة قومه، ودرس الزراعة وتربية الماشية وعلاج المرضى، ثم عاد إلى موطنه بعد هذه الأعوام الطوال.
ولم يكد يستقر بين أبويْه حتى غزا التورانيون إيران، فتطوع زرادشت للذهاب إلى ميدان القتال لا ليحارب وإنما ليعالج الجرحى والمصابين، ولما وضعت الحرب أوزارها انتشرت المجاعة في البلاد، وانتشر معها المرض، فتطوع زرادشت ثانية ليضع خبرته وجهده في علاج المرضى، وانقضت خمس سنوات أخرى من عمره في هذا الأمر.
ويبدو أن أباه قد ملّ من ابنه الذي تكاد حياته تضيع في خدمة الناس من حوله؛ لذا فعندما عاد إلى موطنه طلب منه أبوه أن يتخلى عن عمله بين الناس، وأن يتزوج ويعيش كغيره من الشباب ليرعى أرضه وماشيته، غير أن الابن لم ينفذ من وصية أبيه إلا الزواج من الفتاة الحسناء "هافويه".
وقد أقنعت الحرب زرادشت أن عليه عملا عظيمًا أفضل من تربية الماشية وزراعة الأرض؛ ألا وهو علاج المرضى وتخفيف آلامهم؛ لذا ظل عشرة أعوام أخرى بين المرضى يعالجهم، ويبتكر وسائل جديدة لمداواتهم، ووجد أن جهوده لم تضع نهاية لآلام الناس وأحزانهم، وتساءل عن مصدر هذه الشرور في العالم، وكانت هذه الأسئلة هي الباب الذي ولجه للتأمل العميق والرحلة طويلة.
زرادشت الناسك
استأذن زرادشت زوجته هافويه في أن يعيش بعيدًا عنها ناسكًا لفترة يفكر في الشر والخير، وانطلق إلى جبل "سابلان"، وعزم ألا يعود لبيته حتى يكتسب الحكمة، وظل هناك وحيدًا يفكر لشهور لعله يجد تفسيرًا للخير والشر، غير أنه لم يهتدِ لشيء، وذات يوم تأمل في غروب الشمس وحلول الظلام بعد النور، وحاول أن يكتشف الحكمة من ذلك، ورأى أن اليوم يتكون من ليل ونهار، نور وظلام، والعالم أيضا يتكون من خير وشر؛ لذلك فالخير لا يمكن أن يصبح شرًا، والشر لا يمكن أن يصبح خيرًا، وإن الكهنة والسحرة الذين يعبدون الأوثان والأصنام لا بد أن يكونوا على خطأ؛ لأن معتقداتهم كانت أن الآلهة والأوثان التي يعبدونها هي آلهة الشر، وأنهم يتقربون إليها اتقاء لشرها ودفعًا له، وهم كذلك يتقربون إلى إله الشر ليصنع لهم الخير.
ورأى أن تاريخ العالم يتمثل في الصراع بين الخير الذي يمثله الإله "أهورامزدا"، والشر الذي يمثله الإله "أهرمان"، وأهورامزدا لا يمكن أن يكون مسئولا عن الشر؛ لأن الشر جوهرٌ، مثله مثل الخير، وأن هاتين القوتين وجهان للموجود الأول الواحد؛ لذلك لا بد أن يكون بعد الموت حياة أخرى، بعدما ينتصر الإله الأوحد على الشر، عندئذ يُبعث الموتى، ويحيا الناس مرة أخرى، وتنطلق الأرواح الخيرة إلى الجنة، أما روح الشر وأتباعها من الخبثاء فيحترقون في المعدن الملتهب.. عندها يبدأ العالم السعيد الخير الذي لا شر فيه ويدوم سرمديًا.
وظل زرادشت على جبل سابلان يستوضح أفكاره، التي تخرج في بطء شديد كأنها ولادة متعثرة، وتزعم الأساطير أنه وهو واقف على الجبل رأى نورًا يسطع فوقه، وإذا به "فاهومانا" كبير الملائكة، قد جاء ليقود زرادشت إلى السماء ليحظى بشرف لقاء الرب، ويستمع إلى تكليفه بأمر النبوة، فصدع بالأمر، ثم قال بعدها: سأنزل إلى الناس، وأقود شعبي باسم أهورامزدا من الظلام إلى النور، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن الشر إلى الخير.
بدء الدعوة
قرر زرادشت أن يدعو قومه إلى تعاليمه والإيمان بها، واستمر في دعوتهم عشر سنوات، لقي فيها عنتًا واضطهادًا، ولم يؤمن به أحد، وتخلت عنه عشيرته وأسرته، بل طرد من بلده، فتنقل بين البلاد والأقاليم، إلا أن الناس تجنبوه، وأغلقوا دونه الأبواب؛ لأنه رجل يسب الدين والكهنة، فتطرق اليأس إلى قلبه. وتزعم الأساطير أن أهورامزدا ظهر له، وأن الملائكة لقنته أصول الحكمة، وحقيقة النار المقدسة، وكثيرًا من الأسرار؛ فبدأت سحابة اليأس المظلمة تنقشع عن قلبه بعدما آمن به ابن عمه "ميتوماه" الذي نصحه أن يدعو المتعلمين من قومه إلى تعاليمه؛ لأن تعاليمه الجديدة صعبة على فهم الناس غير المتعلمين.
الجهال لا يستحقون الدعوة
استرعت نصيحة ميتوماه زرادشت، وعزم أن يبدأ بالمتعلمين لدعوته، وعلى رأسهم الملك "كاشتاسب" وزوجته؛ لذا انطلق إلى مقر إقامة الملك، وشرح له دعوته الجديدة، ودعاه إلى الإيمان بها، وعقد الملك مناظرات بين زرادشت من جانب والكهنة والسحرة من جانب آخر، واستمرت المناظرات لمدة ثلاثة أيام، أجاب فيها زرادشت عن جميع أسئلتهم بعدما أخذ العهد والميثاق من الملك أن يتبع تعاليمه، ويتخلى عن عبادة الأصنام إذا انتصر على هؤلاء الكهنة، ولما تحقق نصر زرادشت عليهم قال الملك: "إنما هو نبي من عند إله حكيم"، فآمن به، وانتشرت ديانة زرادشت في إيران، وأقبلت جموع الناس على زرادشت للإيمان بهذا الدين الجديد، فملأت السعادة نفسه؛ لأنه انتصر على الأصنام والأوثان.
سر الإيمان.. موت الحصان!!
ولم تستمر سعادته طويلا؛ إذ تآمر الكهنة عليه، ودبروا مكيدة له، انتهت بأن أصدر الملك كاشتاسب أمرًا بالقبض عليه وإلقائه في السجن، وأمر الناس أن يعودوا إلى عبادة الآباء والأجداد، ونفض عنه الإيمان بأهورامزدا. وتصادف في ذلك الوقت إصابة جواد الملك بمرض عضال عجز الأطباء عن علاجه، ولم تنفع دعوات الكهنة للآلهة في شفائه، وعلم زرادشت بالأمر، فأرسل إلى الملك أنه يستطيع شفاء الجواد شرط أن يعود الملك إلى تعاليمه التي هجرها، ووافق الملك على ذلك، وشُفي الجواد، وصدر الأمر بالإفراج عن زرادشت، وعاد الملك إلى تعاليمه وآمنت المملكة به، وازداد إيمان الملك عندما رأى كثيرًا من المعجزات تتحقق على يد زرادشت، الذي أصبح كبير كهنة الملك في بلاد بلخ بإيران.
ويقول الزرادشيتون: "إن كاشتاسب أمر بذبح اثنتي عشرة ألف بقرة، دُبغت جلودها، ورُبطت بخيوط الذهب الخالص، وكُتب عليها بحروف من الذهب جميع تعاليم زرادشت، التي عرفت باسم "الآفيستا"، ويزعمون أن الإسكندر الأكبر أحرقها عندما فتح فارس عام 330 ق.م، وأن بقايا الأفيستا جمعت بعد ذلك، وتمت ترجمتها إلى اللغة الفارسية، كما أن أقدم مخطوط لهذا الكتاب يعود إلى سنة 1258 ميلادية.
وكان لزرادشت ابنة صغيرة جميلة عاقلة تسمى "بوروكيستا" نالت إعجاب الأسرة المالكة، أعجب بها رئيس الوزراء وتزوجها، وبذلك دعم الرجل مركزه الديني بمصاهرة سياسية، ثم تشجع وحضّ الملك على أن ينشر تعاليم أهورامزدا في كل مكان؛ لذلك أرسل الرسل إلى الممالك والأقاليم المجاورة للدعوة إلى الأفيستا، ووصلت هذه التعاليم إلى جميع أنحاء إيران وإلى اليونان والهند.
صلاة زرادشت لم تُجدِ مع النضال
ولما بلغ زرادشت ستين سنة رأى أن يفرض الملك تعاليمه على شعب نوران المجاور لإيران، ودارت رحى الحرب بين المملكتين حول عقيدة زرادشت، وبعد معارك رهيبة شرسة انتصر الإيرانيون، وفرضوا عقيدتهم على الشعب المجاور، وأصبح زرادشت بطلا قوميًا؛ كلمته قانون، وتعاليمه مقدسة، غير أن العقيدة لا تُفرض على القلوب، ولا تُصَب مبادئها في العقول، والدين اقتناع لا إكراه؛ لذلك كره شعب نوران زرادشت وتعاليمه، ولم يكفوا عن المقاومة طيلة سبعة عشر عامًا، حتى استطاعوا أن يشعلوا نار حرب أخرى كبيرة، والتقى الجمعان في ساحة القتال، أما زرادشت فذهب إلى المعبد مع ثمانين من كبار الكهنة يصلون للنار المقدسة أن تنقذ أسوار مدينتهم التيتتهاوى أمام شعب نوران، الذي رفض أن تفرض العقيدة عليه.
وتعالت دعوات زرادشت وهو راكع أمام الناس أن ينقذ شعبه وتعاليمه، غير أن الهزيمة كانت أقوى من الدعوات؛ فدخل النورانيون المعبد، وطعنوا زرادشت في ظهره بحربة، وقتلوا جميع الكهنة، وسالت الدماء في المعبد حتى أطفأت النار.
وانتهت حياة زرادشت وهو في السابعة والسبعين من عمره، وانتقم الملك لمقتله بعد ذلك، وانتصر على النورانيين، ولم يقبل منهم صلحًا حتى وعدوه باعتناق الزرادشتية.
أساطير وخوارق
كان من الطبيعي أن تحاوط الاساطير والخوارق كلا من مولده ومماته على السواء، كطفل معجزة . وذلك أنه حين ولد لم يبكِ ولم يصح قط، على عادة الاطفال، سوى أنه كان دائم الضحك والحبور .
فلقد لازمت مأثورات حياته، ونموه – كبطل خارق – جسد الممارسات والشعائر الايرانية حين تزوج ورأى وجه عروسه للمرة الاولى، وكذا طقوس أخذ وشها ومعاشرتها، والاوضاع الجنسية وكيفية التعامل مع المرأة الزوجة، واخلاقيات الأسرة بعامة .
وهكذا جاءت ديانته أكثر بساطة وشعبية من متاخمتها البوذية، فعندما بلغ العشرين من عمره، هجر حياته الزوجية بحثاً عن الإنسان المحب المناصر لضعفاء وليطعم الحيوانات الضعيفة – الاعجمية – Toretched وليمد النار بأخشابها، إلى أن ظل زرادشت سنوات سبعاً عجافاً : يواصل تحولاته السحرية الكونية، منها أنه أصبح جبلاً شاهقاً يسمى Sinai وفي سن الثلاثين جاءته الملائكة بـ - بشارة – أنه أصبح إله الكون، ووهبه أهورامزدا – و هو رب الخير – الحكمة والبصيرة .
فواصل رحلاته – العبورية – على طول إيران وأذربيجان – بالاتحاد السوفييتي – وأفغانستان، يحارب الاشباح، ويخدم النار ويفتي في الكون وأجرامه وأحجاره – الكريمة – يشفي الناس ويطيب جروحهم بأعشابه – السحرية - .
وتضيف شهنامات الفرس وتضفي الكثير من الاحداث التي عاصرها زرادشت، إلى أن اصبح حاكماً – قاضياً – للموتى عقب موته أو اغتياله في السابعة والسبعين من عمره، مثله مثل الآلهة الزراعية الممزقة، أوزيريس، أدونيس، آتيس الفريجي .
الزرادشتية
المقالة الرئيسية: زرادشتية
الزرادشتية دين فارسي قديم يؤمن بالثنائية، اكتمل تكوينه في القرن السابع قبل الميلاد. كان له بأثيره البالغ على عقائد الديانة اليهودية والمسيحية، وتتمتع الزرادشتية بأخلاق اجتماعية قوية إيجابية، فالعمل هوملح الحياة ولكن خلق الشخص لا يعبر عنه فقط فيما يفعل ويقول، بل بأفكاره، فلا بد للناس أن يقهروا بعقولهم الشكوك والرغبات السيئة وأن يقهروا الجشع بالرضا، والغضب بالصفاء والسكينة، والحسد بالإحسان والصدقات، والحاجة باليقظة والنزاع بالسلام، والكذب بالصدق.[1]
ولم يبق من تعاليم زرادشت إلا سبع عشرة ترنيمة تسمى الجاثات GA-THAS.
أما الكتاب المقدس عند الزرادشتيين فهو الابستاق Avesta وهي كلمة فارسية تعني الأصل أوالمتن، والأرجح أن تدوينه تمَّ بعد القرن الخامس الميلادي، ولم ينج الابستاق من التخريب إذ لم يبق منه إلا الأناشيد والترنيمات المذكورة وترنيمات «اليشتا» Yashts والصلوات.
والله في الزرادشتية هوالموجود الأعظم والأفضل والأسمى، لايصدر عنه إلا الخير أما الشر، فيرجع إلى الشيطان «اهرمان» Ahriman،الروح المسؤولة عن كل شرور العالم وعن الأمراض والموت والغضب والهمّ. وبهذا تصور الزرادشتية تاريخ العالم أنه تاريخ الصراع بين الله والشيطان الذي ينقسم إلى أربع فترات تمتد كل منها ثلاثة آلاف سنة... يتأكد في نهايتها دوام الخلق الطيب وهزيمة الشيطان.
رموز الزرادشتية
للزرادشتية رموز دينية، كالهنود والسيخ، يعبرون بها عن الإيمان بمعتقداتهم، وتعد جزءاً من زيهم اليومي، أهمها:
1ـ الكوشتي Kushti وهوجعل فيه اثنان وسبعون خيطاً ترمز لأسفار «اليسنا» Yasna وهي تعقد مرات عديدة في اليوم تعبيراً عن تصميم الدين والأخلاقي معاً.
2ـ ارتداء قميص «الساندر» Sandre منذ سن البلوغ، ويرتدي الكهنة رداء أبيض وعمامة بيضاء وقناعاً على الفم أثناء تأدية الطقوس تجنباً لتلويث النار المقدسة بأنفاسهم.
3ـ صلاة الصبح «كاه هاون» وصلاة الظهر «كاه رقون» وصلاة العصر «كاه أزيرن» وصلاة الليل «كاه عيون سرتيرد» وصلاة الفجر «كاه اشهن: وهناك احتفالات وصلوات خاصة لجميع المناسبات الكبرى في الحياة : الميلاد والبلوغ والزواج والإنجاب والموت.
4ـ وضع الجثة فوق «أبراج الصمت» لتأكلها الطيور الجارحة وهناك طقوس وأعمال عبادة وتطهر.
طقوسها
هناك نوعان من الطقوس المركزية: طقوس النار وطقوس القربان «الهوما» Haoma والنار رمز أهورامازدا وابنه، ولابد أن تحفظ بعيداً عن التلوث في معبد النار، فلا تراها الشمس ولاعيون غير المؤمنين، وهناك عدد من النيران المقدسة يسهر عليها أوعلى خدمتها الكهنة. والنار الرئيسة هي «بهرام» Bahram أوملك النيران الذي يتوج على العرش وعند زيارة النار يضعون على جباههم علامة بالرماد رمزاً للتواضع والمساواة والقوة. والهوما نبات وإله على الأرض، وفي طقوس الهوما يسحق هذا الإله ومن عصيره يستخرج شراب الخلود. وفي هذه القرابين الخالية من الدماء يكون القربان في آن معاً هو الإله والكاهن والضحية يقوم المؤمن بتناوله مستبقاً بذلك القربان الذي سيقام في نهاية العام ويجعل جميع البشر خالدين.
ولما كان زرادشت من عبدة النار، فقد انتشرت بيوت النار في كل أنحاء الإمبراطورية الفارسية، ومن ثم أصبحت المجوسية اسماً لكل الديانات الفارسية ومنها الزرادشتية.
وقد قضى الإسلام على الزرادشتية في القرن السابع الميلادي، فمع الفتح الإسلامي (635م) تبنى الإيرانيون ديانة الفاتحين،ولكن مجموعة من النبلاء لاذوا بالجبال والتصقوا بالعقيدة الوطنية ـ الزرادشتية رمزاً للاستقلال، وقد هاجر بعضهم إلى الهند ويصل عددهم إلى أكثر من مئة ألف يعيشون في قسمها الشرقي وحول بومباي ويدعون البارسيين، وهوتحريف لاسمهم الأصلي الفارسيين.
وكان للزرادشتية تأثير عميق على تطور اليهودية منذ الخروج وما بعده، إضافة إلى تطوير بعض المعتقدات حول مملكة الله والحساب الأخير، والقيامة وابن الإنسان وأمير العالم والمخلص والكلمة وموت يسوع.. وقد أدت الزرادشتية في الواقع دوراً رئيسياً على مسرح التاريخ الديني للعالم، فقد عرفت اليونان زرادشت واحترمته في عصر أفلاطون، وانتشرت عبادة «مترا» وأثارت الزرادشتية فكرة المخلص في الديانة البوذية في صورة «مترا بوذا»، كما أثرت في تطور الإيمان اليهودي والمسيحي وصبغته بصبغتها، كما كان للزرادشتية تاثير كبير في الطوائف الباطنية من قرامطة وغيرهم، واعترفت بها البهائية وادعت أنها عثرت في «الزندافستا» على بشارات بظهور الباب والبهاء.
ولابد من التنويه إلى أن كتاب نيتشه «هكذا تكلم زرادشت» لايحوي آراء زرادشت، وإنما يعبر عن آراء الفيلسوف الألماني، أوردها على لسان زرادشت.
فلسفته
الأيقونات
تفاصيل مدرسة أثينا لرفائيل 1509، يظهر فيها زرادشت.
في الثقافة الغربية
في الديانات
الإسلام
ولعل ظهور زرادشت في منطقة جغرافية مجاورة للأراضي العربية، التي أشرقت على أرضها الرسالات السماوية كلها قد لعب دورًا بارزًا في أفكاره ومعتقداته، بل وفي سيرته التي يتناقلها أتباعه من بعده؛ وهذا ما جعلهم في الإسلام يعاملون معاملة أهل الكتاب؛ حيث نلمح في بعض كلامه بعضا من ملامح التوحيد، والبعث، والجنة والنار، ولعل ذلك يرجع إلى الحنيفية دين إبراهيم -عليه السلام-، الذي كان منتشرًا في الجزيرة العربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.