أخر الأخبار >> مجلة المصباح دروب ثقافية أدبية * ثقافية * فنون تشكيلية كما نرحب بجميع المساهمات الواردة عبر البريد الإلكتروني m.droob77@gmail.com أهلا بكم أصدقائنا * مع تحيات أسرة التحرير

أحـدث المقالات

بساق واحدة يعدو في حيفا؟


الكاتبة الصحفية: أمال عواد رضوان - فلسطين
بساق واحدة يعدو في حيفا؟وعلى ذكرها في الرواية أتيت. فرحنا للحظات فرحك الصغيرة، وآلمَنا ألمُك، وانخداش
حلمك، وتبعثره أمام الحقيقة التي واجهت .
كم أنت محظوظ يا "سامح "، أحسدك لا لشيء كبير، إذ وطئت قدماك تراب الوطن من أخمص قدميه حيث غزة هاشم، وأشبعت رئتيك بنسيم بحره، ومتّعت ولو مرّة ناظريْك، بجَمال الوطن الممتدّ إلى قلبه القدس ورام الله، ليتكلّل مؤخرًا بزيارة حيفا وعكا، آملة أن تكمل رحلة الحقيقة يومًا، فتُكحّل عينيك أيضًا بسحر الجليل، فهل أروع؟!

رغم كلّ الألم الذي واجهته من شعور بالغربة وعدم الانتماء، في الوقت ذاته أحيّيك على صمودك وصبرك، وقوّة تحمّلك التي تُرجمت بالبقاء والعدول عن فكرة الهجرة، والتي حمّلـْتَـنا عِبْئَهـا وبعض ثِقلها، طول الطريق الممتدّ من بداية رحلتك في الرواية إلى نهايتها، حتّى كدنا في لحظات نيأس معك، وبِـتـنـا قيد أنملة من إعلان الانهيار والانكسار، لكنّ تبَصُّرك وإصرارك وصبرك حالوا دون ذلك، وجـعلوك تكمل المسير بخطى ثابتة واعدة، وعلى ساقين اثنتين، فطاب لنا وإيّاك المسير .
في أيّام يُعاني فيه الوطن تمزيقا وعبثًا به وبنا، جاؤوا يُعلنون معك أنّنا هنا رغم المآسي والجراح، فقد كان الوطن لساعات بدرًا مُكتمِلا، رائعًا بأبنائه الحاضرين القادمين من كلّ جهاته، مُسقِطين كلّ الحـدود الجغرافيّة والمكانيّة، ومترفّعين عن كلّ الفروق الإثنيّة والدينيّة.
تُرى، هل اشتمّوا رائحة ذلك في الرواية؟ هل اجتذبَهم ذلك الحنين لالتقاء القادم من جانب الرئة الاخرى للوطن، مُعلّقين الآمال ببسمتك الدافئة رغم ثِقل المعاناة، متشفّعين عساها تكون بلسمًا تشفي الآلام، أم أنهم جاؤوا يطمحون باكتساب درس حيّ في العزم والصمود، في زمن باتت البسمة فيه عاقرة والأمل موْؤودًا؟
سامح خضر؛ شكرًا لك على الأمسية الرائعة، كنتَ وكانت روايتك بوصلة وُجهتِنا .سأغضّ الطرفَ عن بعض ملاحظات صغيرة، ذكرت لك بعضا منها خلال لقائنا، وسأعيد التفكير بها ثانية، تاركة المجال لمن سيقرأ الرواية أن يشاطرني الرأي لاحقا، فثمّة حيّز كبير للكلام .
وأخيرًا، لا بدّ من كلمة شكر لكلّ مَن بادر لهذه الأمسية الراقية المميّزة، ولكلّ مَن ساهم وشارك في إنجاح الأمسية.
كلمة الكاتب سامح خضر: عدتُ موشومًا بالحُبّ. في الطريق إلى حيفا تتخلّصُ تدريجيًّا مِن ألوانك.. يتسلّلُ اللونُ الأبيضُ ببطءٍ داخلك، كلّما اقتربت السيّارة مِن المدينة، لتصِلَها كقطعةِ حريرٍ بيضاءَ، وتصير جاهزًا لتُطرّزَكَ المدينة على طريقتها بألوانِها، لا تتأثرُ بحرب السكاكين، ولا تُزكمُ أنفكَ رائحة العنصريّة الكريهة التي تفوحُ في الطريق إلى المدينة. ترتمي في حضنِ المدينة، بطمأنينةِ مَن يرتمي في حضن أمّهِ بعدَ غياب طويل. لحيفا طريقتها الخاصّة في إعادة المرء إلى أوّلِهِ. اُفرُكْ عينكَ جيّدًا، فعمّا قليل ستأخذك المدينة مِن يَدِكَ، لتُعيدَ تقليمَ مَفاهيمِكَ، وتُلقّمُكَ الحياةَ على طريقتِها. سيُزيّنُ اللوْنُ الأزرقُ حوافَّ عينيْكَ ككُحلٍ، تمامًا كما يُزيّنُ البحرُ جسدَ حيفا، ويُصبحُ الأخضرُ مثلَ وشمٍ مطبوع على جسدِك.
لا تشغلكَ الأمسية التي جئت لأجلِها، ولا بعنوانِها المُستمَدِّ مِن روايتك "يعدو بساق واحدة"، فلا تفكر سوى في حيفا، وما دمت هنا، لا يهمّ إن كنتَ ستعدو بساقيْن أم بساق واحدة أم ستزحف، ليُرصّعَ ترابُها ملابسَك كحبّاتِ لؤلؤ على فستان سيّدة خرجتْ للتوّ من منزلها، لتقولَ للحياة أنا هنا. تسير قفزًا مثل طفل على بساطٍ مطاطيّ في مدينة الملاهي، لترى من المدينة ما أمكن.
تسير في شوارعها بصحبة صديقيْك "فؤاد نقّارة" و"أحمد أبو طوق"، وأنت مُهيّأ تمامًا لإلقاء التحيّة على غسان كنفاني، وإميل حبيبي، وإميل توما، ومحمود درويش، وكريمة عبّود، ونجيب نصّار، ورشيد الحاج إبراهيم. تتردد أصواتهم في محيطك: هنا كنّا يا ولدي وهنا سنبقى.
تتهيأ لأمسيتك ولا تفكر حقاً فيما ستقول، فكلّ كلام في حضرة حيفا زائد.
يخذلك المشي الذي كنت بارعًا فيه، فلا تقوى على المسير. تسحبك الأرض إلى قاعة كنيسة مار يوحنا المعمدان، ويُحيطك أبناء المدينة بمحبّة الأهل لابنهم العائد. يمنحك الحضور ألوانًا إضافيّة تزين بها نفسك، وتذوب سريعًا بينهم.
تعود إلى رام الله وأنت تفكر في حيفا التي غافلتك، ووشمت نفسها على جسدك. وثم تنظر إليه لا لتتذكرها بل لتقرر متى سترجع إليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.

دروب أدبية

دروب المبدعين

دروب ثقافية