بقلم/ صلاح عبد الله الباشا
فللأب
منا كل الاحترام و التقدير في أي مكان وزمان، ولكننا في صحيح الأمر جل ما
نتمناه هو غد أفضل لجيل قادم، أو ربما لجيل موجود فيستطع اللحاق بركب
الحاضر الذي نتمناه، ولكن بشرط أن نتحرك من الآن، ونلمس بأيدينا أوجاعنا
فنستطيع وصفها والتعبير عنها بكل دقة، لعل وعسى أن يأتي اليوم الذي فيه
يستفيق الطبيب بداخلنا ويصف الدواء المناسب، فنبرأ من سلبيات تنغص علينا
أيامنا وتلتهم الذي تبقى من ليالينا.
وحتى
تكون الفكرة واضحة والأمر جلي، فإننا من هذا المنطلق نوجه أنظار الآباء
الأعزاء إلى ضرورة النقاش والمناقشة، فالمجتمع الكامل الكبير ما هو إلا
عبارة عن مجموعات من المجتمعات الصغيرة، وأصغر و أبسط شكل لهذا المجتمع
الصغير والبسيط هو الأسرة، ورب الأسرة هو دليل الأسرة، بكل ما فيه وما
يحمله من صفات لشخصيته، ستجدها بصورة كبيرة جدا منعكسة على الأسرة ككل،
ومنها إلى شخصية الأسرة نفسها كمجتمع بسيط.
وبما
أن الحوار قد يتطرق إلى نقاط ونقاط فإننا نسلط الضوء على جزئية من
الجزئيات المهمة، والتي للأسف في كثير من الأسر هي موروث خاطئ، تمت وراثته
بمنطق أن الحزم هو الاستبداد، والسيطرة هي نتاج فرض الرأي وإجبار المحيطين
على الالتزام به وتنفيذه بلا أي تعليل أو توضيح.
مجتمعنا
العربي هو ما يهمنا و ذلك ما نركز عليه، مع الاحتفاظ بكامل حق الإنسان في
أي مكان، في داخل عالمنا العربي بعض الطبائع قد يجب إعادة النظر في أسلوب
البقاء عليها أو محاولة تغييرها للأفضل، إذا كان أسلوب تنشأة الفرد يقوم
على أساس السمع والطاعة، وذلك شيء لا خلاف عليه في أساس التربية، ولكن من
حقه أن يتكلم وخصوصاً إذا ما تم إرساء الأساس الصحيح للتربية، فمن حقه أن
يعبر عما بنفسه ويردد ما يجول بداخله.
فإن
أولى الناس بالإطلاع على ما بداخل الفرد هو أقرب شخص لديه، ولن يكون هناك
أحرص من رب الأسرة على مصلحة أي فرد بداخلها، وبالعكس فإن أكثر شخص جدير
بالاستماع هو من هو مسئول عنه، وعليه فيجب على الفرد بداخل المجتمع الصغير
أن يتكلم مع من سيسمعه ويدرك قصده وما يريده، وإن لم يفِ مجرد التعبير عن
الرغبة و الرأي بالغرض، فليكن حوارا قائماً ونقاشاً بين طرفين أساسه
الاحترام والمصلحة، والخروج من زاوية هو رأيي وأنا أراه كما هو، فيكون الرد
ذلك أمري ويجب تنفيذه بدون نقاش، فيتولد العناد وتكون نهاية الأمر أسوأ
مما هو مفترض الوصول إليه في النهاية، ولا يكون نتيجته إلا الخسارة، ولا
يترك إلا شقاق بداخل الأنفس وما يترتب عليه، من العزلة من الأبناء وعدم
التواصل مع الآباء، ومن ناحية أخرى يبقي الآباء في هذه الأبراج العاجية إلى
الأبد.
التأرجح
ما بين عرض الأفكار والتعبير عنها، يختلف من جيل إلى جيل، حتى انتقاء
الكلمات والألفاظ في حد ذاتها من الممكن أن تشكل نهاية مباغتة وحادة لنقاش
لم يبدأ بعد، ويمر على الآباء الكثير من الألفاظ المستحدثة وما يطلق عليه
لغة الشباب، فيشعرون بالضيق والضجر لمجرد أن الابن يتكلم بلغته، أو لمجرد
أنهم لا يدركون معنى ومغزى ألفاظ الأبناء، فيشعرون بشيء من الصعوبة للتواصل
فيلجأون لصيغة الأمر بدلا من اختيار المناقشة.
فلا
يضن الآباء بقليل من الصبر و سعة الصدر، والسؤال بمزيد من التوضيح عن
الهدف من الجملة والحوار ككل، وكذلك على الأبناء أن يدركوا بشيء من الوعي
ذلك الفرق، ويتخيرون بشيء من الفطنة والذكاء أفضل الألفاظ وأوضحها للنقاش،
ليس صعبا ولا مستحيلا، الأمر بسيط و من الممكن تنفيذه، من فضلك فلتبدأ من
الآن في تطوير سبل الحوار، ولتسمع صوت من يناقشك حين يتكلم.
وحينما
لا تستطيع أن تفهمه بلغته، فلتطلب منه مزيد من الإيضاح ولتكتسب أنت أيضا
قدر من المرونة في تعديل جزء ولو بسيط كبداية لتواصل قادم، فلتناقشهم
وتحترم حقهم في أن تناقشهم، كما سيحترمون حقك في أن ينفذوا ما تطلبه منهم
من أوامر بدون نقاش، وإذا عممنا هذه الجزئية وأخرجناها من داخل الأسرة،
فليكن ما بين الجيران والزملاء والشركاء حواراً قائماً وبين بعضنا البعض،
فيصير النقاش شكلاً من أشكال الحياة في تناغم وبساطة، أساسه المحبة
والاحترام المتبادل، لكي تفيدني وأفيدك، فأنا بدوري رب أسرة في مجتمع بسيط
وصغير مثلك تماما، وحريص على أمانه وسلامته، فلنحي أدب التعامل فيما بيننا
بمن فضلك.. ناقشني..
صلاح عبد الله الباشا - الإمارات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.