التواصل الاجتماعي هو مجمل العلاقات التراسلية بين ملقٍ ومتلقٍ والرسالة ،وقد تكون إبداعا في تعددها المختلف : من خطابة وشعر وسرد وغناء وفن ونحت ورقص وتمثيل وغيرها ،يحسن فيها المرسِل موضوعها و أدواتها ،حتى تبلغ هدفها المنشود ..والتواصل في رأيي نوعان من خلال ماأعاينه وعاينته من تجارب :
1ــ تواصل حر مبني على الديمقراطية ،يؤمن بالحداثة والتجديد ،والسيرورة التاريخية والرأي الآخر ،من آلياته حسن الإصغاء ،والحِلم ،والصبر ،وسعة النظر ، والتعقيب أو المشاركة بأساليب لبقة حضارية نظيفة ،خالية من الت
جريح و التحقير مع إيمان تام بحرية الاختلاف ، سواء في التصرفات أو الأذواق ،أو السلوك ..والإدراك والوعي بأن الأفكار في حركة جدلية دائمة : ينهض الجديد منها على أنقاض أخرى ،بعد أن يقتات من إيجابيتها ... وهذا النوع من التواصل يثري الآراء ، و يساهم دون شك في تنمية الوعي ،وتوسيع المدارك ، فيرقى إلى مستوى عال وبالتالي يكون مثمرا ،ونتائجه محمودة ،والعلاقة طيبة بين المرسِل والمرسَل إليه ..
2ــ تواصل ضيق أحادي القطب متعال ،مسيطر ، مشحون بآليات ضاغطة مهيمنة ،متعصب للرأي ويعتمد إلغاء الآخر ، يرى في الأفكار قرائنَ ثابتة مطلقة صحيحة خالدة ، لايؤمن بالتعدد ولا التجدد ، ولا النقد أو المناقشة ..من آلياته العنف ، والقمع والانغلاق ،حتى يصبح في دائرة اللامفكر فيه . ، مما يؤدي إلى التردي والجمود ،وخلق هوة عدائية عميقة ،بين المرسِل والمرسَل إليه ،خاصة إذا كان هذا الأخير على وعي بالسيرورة التاريخية للحياة، والظواهر الإنسانية والثقافية على اختلافها ،ويطمح للتجدد في كل شيء ..
وحتى أختم هذا الموجز فالتواصل بصفة عامة لم يبلغ متمّه كما ينبغي .. لأنه مازالت في ذاكرتنا بعض الطبائع والعادات ،والأعراف،بعضها ورثناها عن أسلافنا ..وأخرى حتّمتها الظروف المتردية ،فأصبحت لصيقة بنا ،و أجزل بعضها في مايلي :
ـــ النرجسية ،وعدم احتواء الآخر ،أي تشخيص المثل القائم " أنا ومن بعدي الطوفان " يعني لايهمني الآخر بقدر ماتهمني نفسي ..
ـــ طغيان المصالح الشخصية ،وتحقيقها ولو على رقاب العباد ..
ـــ خاصيتا العنف والعصبية اللتان لم تتطهر منهما النفس البشرية ،وغياب آليات الوعي بهما ..
ـــ التشديد والتمسك بالرأي ..
وغيرها من الخصال ،التي مازالت متحجرة ،و لم تتهذب اليوم وفق روح العصر ... مما يقف حجرعثر في روح التواصل حتى يؤدي دوره المأمول ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.