أخر الأخبار >> مجلة المصباح دروب ثقافية أدبية * ثقافية * فنون تشكيلية كما نرحب بجميع المساهمات الواردة عبر البريد الإلكتروني m.droob77@gmail.com أهلا بكم أصدقائنا * مع تحيات أسرة التحرير

أحـدث المقالات

مجنوني ــ بقلم: حكيمة شكروبة


بقلمحكيمة شكروبة
              رتلت في دجى الليل حروف اسم مجنوني ،وبيت أشواقي في مضجعي ، وغفوت فوق جفونه وصرت له لهيبا حين ناداني لأحضانه لأنام في قلبه في ليلة العمر ،وسقاني من رحيق الهوى وبعثني مدادا في دفاتري لأدون بحروف عشقي هويتي ومرجعيتي وصار وطني الجديد.
             لم أغير مسقط رأسي ولا شهادة ميلادي ولا دفاتري وأستبقيت على جذوري ، وريحه حملتني لأرض البقاء ، فإنصهرت في لهيبه ، و شيدنا بحبنا أسوار قلعتنا التي لن يغزوها غازي.أحبك... أحبك مجنوني وأرى وجهك في وجوه كل الخلق، وأشم ريحك في مهب الإعصار،وتصيرني أنثى بكل الألوان ، فيا مجنوني ، قلبي يرتعش من البرد فألبسني معطفك ، وعيوني تهطل مطرا، فأهديني شمسك .
             لقد قيل لي لا تعبري جسره حتى يأتيك بنبأ سبأ ،ومفتاح بوابة قرطبة وسيف سيدنا عثمان(رضي الله عنه )،وتاج كسرى وملك الروم ،ولم يعلموا بقلبي الكسير الذي أنهكه النظر لبقايا الخراب حين تسربت منه الأحلام عبر شقوق مدينتي.
            فأقبل يا مجنوني، ومعك سرب الحمام الذي هاجر سماء الأندلس لأهديك مجد هوميروس في ليلة العمر، وقبلة سرقتها من شفاه الشمس وفرحة أهداها لي زحل في يوم الميلاد .
فأرضي قفار وحياتي بلون الحداد وعمري مواسمه فصل الشتاءفأقبل وأبسط يداك التي زرعت أشجار النخيل في سيناء، وأشجار الزيتون في فلسطين .فأطرق باب حصني لأقرأ تفاصيل الحكاية المخبأة في تقاسيم وجهك البريئ ،وتعتلي حروفي قمة جبلإفرست"وترتحل أشواقي صوب بحيرتك العاجية التي شيدت بدخان الأنهار، وشربت من سحاب السماء، وأضاءت بقناديل مواسم الأحزان .
            فأقبل لتهديني قبلات بريح اللوتس والزمرد فأرضي تشتهي ظلالك لتكون لي زاد فيما تبقى من العمر، وأذكرني كما تذكر السماء الأرض بالغيث.
لتصبح قصتنا أسطورة تروى للأجيال ،وتذكرنا أسراب طيور النورس التي شهدت فرحتنا فوق المروج والتلال، حين ركضنا سويا كالأطفال وراء الفراشات ،وجمعنا فيها الزهور ليشهد من يأتي بعدنا أننا شربنا من نبع رحيقها ،وما أرتوينا وأحرقت كل أحزاننا في لهيب الهيام، وما كنا نفعل كل هذا لو لا نسيم الهوى ورجة الروح في الوجدان .
          يا مجنوني،قد جاءت معك أشجار الزيتون حاملة لي رايات السلام...وقبس النار ....وجماجم الملوك، وقوافل الأشعار وسيوف المغول ورماح الروم وعرش الأتراك ....وترانيم الأبصار فأهديني آنية الفخار و حكاية أمجاد أجدادنا النومديين والرومان ،وأروي لهم بطولات سيفاقس و ماسينيسا والأزمان والأحقاب .. ويا قلبي الجريح ،أفق من السبات وتحرر من القيود ما عادت ذكراك في رف النسيانوما عادت تنبض بالوحدة والعذابفالأيام كلها صارت لك عيدا وأفراح .
             يا نفس توبي توبة لن تتوبي بعدها، ويا روح تطهري من غشاوات الأوهام، وتزيني بثوب الصفاء ولا تحلمي سوى بالإستبرق والولدان.
         فمجنوني سيأتيه يوم يرحل إلى الأبد ، تاركا وراءه أشواقي التي لا تنتهي وأحلامي المنطفئة بعتمة الفراق عندها تتوقف الأرض عن الدوران وتكون بذلك قد تلاشت كل أحلامي ،عندها لن أبقى قابعة في عتبة الآلم .
أذكر جيدا عندما رتعنا أنا ومجنوني في الحقول ورقصنا تحت المطر وصرت أحن له الآن كما يحن الغصن للزهر والثرى للغيث .
               فيا مجنوني ، أحببتك...فالحب وحده لا يكفيك والعشق وحده لا يكفيك، ونحت العمر كله لا يكفيك .فأسقيني من خمرت جنونك فبك أشتعل وبك أنطفئ ،و أحتوني وأرمني في وجه الإعصار ،لأمظي في عيونك مكبلة بريحك ،فلن أكون حرة وأنا أسيرتك، وأجلد عندها فوق صليب جنونك ألف مرة وبكل الألوان، وفي ظلال حبنا نرتوي بملء الأجفان، ومن رحيق الهوى نتعطر ونهيم في ضفاف عشقنا لنحرق الشوق على خط الزمن ونصير أسطورة الأزمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.

دروب أدبية

دروب المبدعين

دروب ثقافية