و الرَوْح هي الراحة ، و لهيبها يعني احتراقها و ذهابها عن النفس البشريّة ، و كلّ ما يُذهب راحة النفس شــــــــر .
الشر في الأنفس البشرية : دراسة في علم الاجتماع
الشـــــر :
نشأتـــــــــــه :
لقد خُلق البشر في الأصل من أبٍ و أمٍ واحدة ( آدم و حواء ) و لم يكن للشر آنذاك وجودا أو دلائلا أو حتى مفاهيما ضمنيّة تندرج تحت لوائه ، كون الذين كانوا في ذلك الوقت ينحدرون بطبيعة الحال من سلالة نقيّة آدم عليه السلام : نبيّ ، محدّث ، ناصح ، مربّ و مرشد في آن واحد ، خاصة بعد الذي ألمّ به جرّاء نزوله من السّماء و بدأه لحياة بشريّة متعبة على وجه الأرض ، ليظلّ هذا المصطلح مخبّأ لعهد طويل تحت عباءة الشيطان و عرشه حتّى جاء قابيل ... هذا الأخير الذي استطاع إبليس أن يُحصّل طريقا لفؤاده ثمّ أفعاله :
غيرة ـــــــ حسد ـــــــ بغض ـــــــ كره ــــــ قتل ــــــ فجريمة .
و بالتالي كانت هذه ... أوّل جريمة تقع على وجه الأرض .
- لقد سطّر قابيل بفعلته تلك مفهوما للشرّ بشتّى أنواعه فجمع تحت ذلك المفهوم أصول الشرّ المطلق ، كون ما ورد منه لم يكن نحو غريب بل نحو أخيه الذي هو من أمّه و أبيه .
مفهومــــــــــــــه :
لقد تضاربت آراء فلاسفة العصور الوسطى ( اليهوديّة ، المسيحيّة ، الإسلاميّة ) و كذا المحلّلين و علماء الاجتماع القدماء منهم و المعاصرين حول هذا المصطلح ، فعند الفلاسفة : يقول سقراط و الذي ربط في تصوّراته للشر بين الجهل ( إنّ الفضيلة علم و الرّذيلة جهل ) ، و يُعرّفه أيضا فيدون بقوله ( الشرّ طبع كامن في بعض النّاس بفعل تأثير الجسد المادّة في النفس ) ، أمّا من المنظور المعاصر لبعض العلماء ( فهم يُؤكّدون على إيجابيّة مفهوم الشرّ كونه يمثّل مع الخير) .
- يعتبر الشرّ مجموعة من الإيحاءات السلبيّة الكامنة في بعض الأنفس البشريّة ، نتيجة لظروف حياتيّة معيّنة : نفسيّة ، اجتماعية ، اقتصادية ، تربويّة و أسريّة ... إلخ ، و بالرغم من ذلك فقد ينجح البعض في التحكّم بهذه الإيحاءات و تعديل اعوجاجها ، في نفس الوقت الذي يعجز فيه باقيهم ... فينقادون بذلك للتيّار المعاكس محدثين جملة من الأضرار التي تُسبّب للأفراد أضرارا معنويّة و أخرى ماديّة رغم تعرّضهم لنفس تلك الظروف القاهرة .
الأضرار المعنويّة ( النظريّة ) :
و التي تصيب روح الفرد و فؤاده فتسبّب له العذاب و المعاناة كالغدر و الخيانة مثلا .
الأضرار الماديّة :
و تخصّ كلّ ما هو ملموس و هي تلك التي تُصيب الفرد في بدنه فتتسبّب بمعاناته و عذابه بشكل أو بآخر أو قد تتعدّى ذلك لتذهب بروحه و هذا أشدّها كالقتل مثلا .
- و كما لكلّ شيء على وجه الأرض آثارُ سلب و إيجاب ، فلا يعدو الشرّ أن يكون كذلك أيضا فبالرغم من سلبيته البعيدة المدى فله من منظور آخر إيجابيّة واحدة كونه العامل الأساسي الذي نستطيع بفضله تقييم المواقف الإيجابية بمعيار أكثر دقّة ، مثلا : و بالمثال يتّضح السّؤال كما يُقال ... ( فلو لا الشراب المرّ لما استسغنا الشراب الحلو ، و لو لا الجوع ما عرفنا حلاوة الشبع ، و لو لا الألم لما عرفنا قيمة اللذّة ) .
- و هذا ما يُؤكّد لنا إيجابيّة الشرّ من جانب واحد إذْ يُحدث فينا هذا الأخير وعيا بمعرفة قيمة الأفعال الخيّرة ... و هذا ما عزّزه هيقل بقوله : (إنّ بُلوغ الإنسان السّعادة لا يأتي إلا بعد تعرّضه لأحلك الظروف
أسبابــــــــه :
قال الله تعالى : " و جعلنا لكلّ شيء سببا " .
و يُقال أيضا : " لا شيء يأتي من الفراغ " .
- لقد قسّم الفيلسوف الأمريكي آلفين بلانتيغا الشرّ لقسمين شرّ البشر و شرّ الطبيعة متّخذا في ذلك سببين أساسيين هما : الحريّة و الشيطان .
و من وجهة نظر الفلاسفة قد أصاب آلفين كونه قام بحلّ مشكلة الشرّ من جذورها و قدّم حلا نهائيا ، أمّا توماس هوبز فيُؤمن أنّ الشرّ في الأنفس البشريّة له أسبابه الطبيعيّة .
أسباب طبيعيّة :
يرى أنّ الإنسان شرّير بطبعه و ميّال للعنف في الأصل لذلك كانت الحياة الطبيعيّة كلّها فوضى و عنف و حرب الكلّ ضدّ الكلّ ، فكلّ واحد ينظر إلى أخيه نظرة ملؤها الخوف و الشكّ و عليه تكون القوّة و السيطرة طرقا مشروعة لتحقيق الأهداف و نفس الفكرة عند ميكافيلي الذي يعتبر النّاس خبيثون بطبعهم لذلك لا ينبغي للمرء أن يكون شريفا دائما .
و هناك أسباب أخرى نذكر منها ما يلي :
أسباب أسريّة تربويّة :
تُؤثّر التنشئة في سُلوك الفرد تأثيرا لا يمكن لنا تحديده ، و ذلك نسبة لقول خبراء نفسانيين تسعون بالمائة 90% من شخصيّة الطفل تتشكّل في سنواته السبع الأولى حيث يقول في هذا السياق عرقسوسي ( الشدة الزائدة وقمع الطفل وكبت حريته، قد يراها بعض الناس تربية وتهذيبا لأولادهم، لكنها مرفوضة شرعاً وعرفاً، وهي تصيب نفسية الطفل بأذى كبير جداً وتفقده الإحساس بكرامته، وتضعف شخصيته وتجعله منطــويا وغير قادر على اتخاذ القرارات حتى في أتفه الأمور، أو قد تجعل منه شخصية متمردة تسعى للصدام مع المجتمع ومواجهته وقد تعرض نفسها والآخرين للخطر) . و من هنا يبرز لنا قوّة تأثير الأسرة على الطفل ، فإن تلقّى تنشئة صحيحة بكلّ معاييرها كان في أيّامه القابلة فردا صالحا في المجتمع ذو شخصيّة سويّة ، أمّا و إن حدث العكس كانت النتيجة بطبيعة الحال نتيجة عكسيّة .
- يخلق الفرد طينة طريّة و صفحة بيضاء بين يديّ أبويْه ينهل منهما ، يأخذ و يتعلّم و لأنّ أقرب الأشخاص له من بين جميع الخلق أمّه ... فهي المحور و الرّكيزة الأساسيّة في تكوين شخصيّته ، فإن كانت مربيّة عظيمة بفكر ناضج عالم بأصول التربية السّليمة أبشر ... (فوراء كلّ رجل عظيم امرأة ) ، و إن كانت العكس فعظّم الله أجرك ، فماذا تنتظر من هذا الطفل أو الفرد ؟! .
همسة : أنا لا أقصد هنا ضرورة أن تكون الأمّ من ذوي الشّهادات أو غيره فكم من أمّ استحقّت وسام شرف يوضع على صدرها جرّاء تربيتها النبيلة لأبنائها ، إنما المقصود هنا أمّ تخاف الله في نفسها حافظة لدينها صادقة مع الغير في معاملاتها ... و القرآن خير مربّ .
و كما قال الشاعر :
الأمّ مدرسة إن أعددتها *** أعددت شعبا طيّب الأعراف
- كما أنّ هنا عوامل أخرى تندرج ضمن العوامل الأسريّة و تأثيرها كبير لا يُمكن لنا التغاضي عنها :
- التفكّك الأسري الذي أحيانا قد يتسبّب في خلق أفكار سلبيّة عدوانية ضد المجتمع .
- العنف و التعنيف داخل الأسر سواء أكان للطفل مباشرة أو من الأب اتجاه الأمّ على مرأى الطفل و مسمعه .
- التوجيه الأبوي الخاطئ نتيجة الجهل .
كلّ ذلك قد يخلق في الطفل شخصيّة سلبيّة عدوانيّة مرضيّة .
أسباب نفسيّة اجتماعيّة :
قد ينشأ الفرد في أسرته نشأة سليمة ليس فيها غير بعض النّقائص التي لا تعدو عن كونها نقائصا عاديّة ليس لها أيّ تأثير ، لينقلب فجأة و دون سابق إنذار لفرد سلبيّ طالح يضرّ و لا ينفع ، ثمّ يتلذّذ بذلك الضّرر الحاصل لغيره و يرجع ذلك لعاملين أساسيين هما :
صدمة عاطفيّة :
- يكبر الطفل فيكبر معه عالمه الصغير و يتسع من الأسرة .. للأسرة و المجتمع ، هذا الأخير الذي يحتّك فيه بآخرين فيؤثّر و يتأثّر إمّا بالإيجاب أو بالسلب كأن يتعرّض لصدمة عاطفيّة ناتجة عن غدر أو خيانة ، و بالتالي يشعر المصدوم عاطفيا بالرفض والنفور والاغتراب عن محيطه و الهزيمة والفشل والانهيار مما يجعله ذلك متوترا، سريع الغضب، كارها لنفسه ومن حوله و هذا ما يطلق عليها الخبراء ( حالة التصحر الوجداني) .
قد يستطيع البعض تخطّي هذه المرحلة و بدأ حياته من جديد ، فيما يعجز الباقي عن ذلك فتتولّد لديهم عقدة نفسيّة تقودهم للنزعة العدوانيّة الانتقامية ( السّاديّة ) فينقلبون بذلك لوحوش كاسرة في صور بشر ينهشون كلّ من يعترض طريقهم .
( و هناك الكثير من قمت بتحليل شخصيّتهم عن كثب فوجدتهم قد كانوا ضحيّة ذلك بالفعل )
المراهقة :
و قد عرّفها علماء النفس على أنها الفترة العمرية المُمتدة من سن11 إلى 21 ، وهي فترة متقلبة وصعبة تمر على الإنسان، وتكون بمثابة الاختبار الأول له في حياته الممتدة ، حيث أن مستقبل الإنسان و حضارة الأمم تتأثر كثيرًا بمراهقة أفرادها .
و غياب الرّقابة الأبويّة هنا تعني دفع المراهق للهاوية ( شارع ، أصحاب سوء ، تدخين ، خمر ، مخدّرات و غيرها من عوامل الفساد و الشرّ ) و انحرافه في هذا العمر بالذات يعني المساعدة في خلق شخص آخر منحرف بكلّ المقاييس و من شبّ على شيء شاب عليه إلا من رحم ربّي .
أسباب اقتصاديّة :
الفقـــــر :
قد يعيش الفرد حالة من الحرمان يفقد فيها متطلبات الحياة الدّنيا من غذاء ، ملبس ، تعليم و كلّ ما يوفّر له حياة كريمة كغيره ... فالطفل يحتاج في نموّه لعناية نفسيّة ، بدنيّة ، معرفيّة ، سلوكيّة ، و ذلك لا يتحقّق في ظلّ ظروف معدمة و فقر متقع ، فقد يترك الطفل تعليمه في مرحلة عمريّة مبكّرة لعجز أسرته على توفير مطالبه الدّراسيّة و مصاريفها و بالتالي خروجه إلى الشارع للمساعدة في الدّخل الأسري و توفير لقمة العيش ، و انعدام الرّقابة الأبويّة و فقدان الوعي الكافي يُؤدّي للفساد الخلقي من سرقة و مخدّرات و أحيانا القتل كنتيجة حتميّة .
الحلول :
يُقال كلّ مشكلة لها حل ...و ليس للحدّ من ظاهرة الشّر حلا غير التقوى و لا تتحقّق التقوى إلا باتّباع كتاب الله تعالى أوّلا و السنّة النّبوّية الشّريفة ثانيا .
التقوى :
قال تعالى " وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " .
يقول الدكتور محمد راتب النابلسي إنّ كلمة وتواصوا بالحق: ليس أن تؤمن بالله ، وأن تعمل صالحاً فقط ، لأنك إن آمنت بالله وعملت صالحاً فالباطل ينمو، فإذا نما الباطل حاصر الإيمان، فلا بد أن ينمو الإيمان نمواً يكون فيه قوياً قادرا على محاصرة الباطل و القضاء عليه ، إذاً : التواصي بالحق ركن أساسي من أركان الدين:
" إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"
لكنّ التواصي بالحق يحتاج إلى مؤهلات ، و من أبسط هذه المؤهلات : أن تكون أنت مثلاً أعلى فالناس ينظرون ، يراقبون ، يلاحظون ، يتأملون ، و قبلهم الله ... فمن أوسع أنواع التواصي بالحق : أن تطبق الإسلام : أن تقيمه في نفسك أوّلا ، أن تقيمه في بيتك ثانيا ، وأن تقيمه في عملك ثالثا .
يقول الرسول صلى الله عليه و سلّم :
" كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، - قَالَ : وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ : وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ - وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ "
أخرجهما البخاري ومسلم في صحيحهما عن ابن عمر .
فمن هذا الحديث و الآية نستنتج أنّ كلّ فرد مسؤول سوف يُسأل يوم القيامة عن ما كان مسؤولا عنه و أنّ الإنسان يُسأل عما استرعاه الله بالدرجة الأولى ، فأنت مسؤول عن هؤلاء الذين استرعاك الله عليهم ، أنت مسؤول عن هؤلاء الذين ولاك الله عليهم ... و بالتالي كلّما اتّسعت دائرة مسؤوليّتك اتّسعت دائرة حسابك يوم الحساب .
- فانظر لعمر بن الخطاب - رضى الله عنه ماذا قال عندما تولّى مسؤوليّة الحكم خوفا من الله عزّ و جل : " والله لو تعثرت بغلة في العراق لحاسبني الله عنها ... لما لم تصلح لها الطريق يا عمر " .
- فلو اتّقى كلّ مسؤول اليوم نصف ما اتقاه عمر بن الخطاب في رعيّته لما كان هذا حال المسلمين اليوم .... فلقد حلّ السودان في المرتبة الثالثة قبل الأخيرة بين الدول الأكثر فسادا في العالم ، وفقا للمؤشر التابع لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2014 ، فيما جاءت 5 دول عربية أخرى بين الدول العشر الأكثر فسادا ... و يرجع ذلك لبعدنا التّام عن الدين و القيم الإسلاميّة .
قال تعالى : " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين " .
و قال أيضا : " وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ "
- لقد خلق الله العبد و جعله حرّا مُخيّرا في أفعاله فإمّا طريق الخير و إمّا طريق الشرّ ، و ذلك للعدالة الإلاهيّة فلو لم يجعله حرّا مخيّرا لسقطت العدالة كاسم و صفة لله و حاشاه أن يكون الله عزّ و جلّ ظالما لعباده : - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا " أخرجه مسلم في صحيحه .
و بالتالي كان للعبد حرّية الاختيار بين الأفعال السّلبيّة و الأفعال الإيجابية ، و بعث له قبل ذلك أنبياء و رسلا لهدايته ثمّ ابتلاه فسلّط عليه بعض المنغّصات الحياتيّة ليمحّصه و يختبر إيمانه و على قدر ذلك و صبره يكون جزائه ، لذلك كان لابدّ على العبد أن يصبر و يحتسب و إن كثرت على عاتقه البلايا و أن لا يتلبّس بلباس الشرّ .... مُتّخذا بذلك من القرآن الكريم سبيلا .
قال تعالى : " و الذين آمنوا و تطمئنّ قُلوبهم ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب " .
و قال أيضا : " و بشّر الصّابرين " .
و بالتالي كانت التقوى أساس الفلاح في الدنيا و الآخـــــــــــــرة .
الشر في الأنفس البشرية : دراسة في علم الاجتماع
الشـــــر :
نشأتـــــــــــه :
لقد خُلق البشر في الأصل من أبٍ و أمٍ واحدة ( آدم و حواء ) و لم يكن للشر آنذاك وجودا أو دلائلا أو حتى مفاهيما ضمنيّة تندرج تحت لوائه ، كون الذين كانوا في ذلك الوقت ينحدرون بطبيعة الحال من سلالة نقيّة آدم عليه السلام : نبيّ ، محدّث ، ناصح ، مربّ و مرشد في آن واحد ، خاصة بعد الذي ألمّ به جرّاء نزوله من السّماء و بدأه لحياة بشريّة متعبة على وجه الأرض ، ليظلّ هذا المصطلح مخبّأ لعهد طويل تحت عباءة الشيطان و عرشه حتّى جاء قابيل ... هذا الأخير الذي استطاع إبليس أن يُحصّل طريقا لفؤاده ثمّ أفعاله :
غيرة ـــــــ حسد ـــــــ بغض ـــــــ كره ــــــ قتل ــــــ فجريمة .
و بالتالي كانت هذه ... أوّل جريمة تقع على وجه الأرض .
- لقد سطّر قابيل بفعلته تلك مفهوما للشرّ بشتّى أنواعه فجمع تحت ذلك المفهوم أصول الشرّ المطلق ، كون ما ورد منه لم يكن نحو غريب بل نحو أخيه الذي هو من أمّه و أبيه .
مفهومــــــــــــــه :
لقد تضاربت آراء فلاسفة العصور الوسطى ( اليهوديّة ، المسيحيّة ، الإسلاميّة ) و كذا المحلّلين و علماء الاجتماع القدماء منهم و المعاصرين حول هذا المصطلح ، فعند الفلاسفة : يقول سقراط و الذي ربط في تصوّراته للشر بين الجهل ( إنّ الفضيلة علم و الرّذيلة جهل ) ، و يُعرّفه أيضا فيدون بقوله ( الشرّ طبع كامن في بعض النّاس بفعل تأثير الجسد المادّة في النفس ) ، أمّا من المنظور المعاصر لبعض العلماء ( فهم يُؤكّدون على إيجابيّة مفهوم الشرّ كونه يمثّل مع الخير) .
- يعتبر الشرّ مجموعة من الإيحاءات السلبيّة الكامنة في بعض الأنفس البشريّة ، نتيجة لظروف حياتيّة معيّنة : نفسيّة ، اجتماعية ، اقتصادية ، تربويّة و أسريّة ... إلخ ، و بالرغم من ذلك فقد ينجح البعض في التحكّم بهذه الإيحاءات و تعديل اعوجاجها ، في نفس الوقت الذي يعجز فيه باقيهم ... فينقادون بذلك للتيّار المعاكس محدثين جملة من الأضرار التي تُسبّب للأفراد أضرارا معنويّة و أخرى ماديّة رغم تعرّضهم لنفس تلك الظروف القاهرة .
الأضرار المعنويّة ( النظريّة ) :
و التي تصيب روح الفرد و فؤاده فتسبّب له العذاب و المعاناة كالغدر و الخيانة مثلا .
الأضرار الماديّة :
و تخصّ كلّ ما هو ملموس و هي تلك التي تُصيب الفرد في بدنه فتتسبّب بمعاناته و عذابه بشكل أو بآخر أو قد تتعدّى ذلك لتذهب بروحه و هذا أشدّها كالقتل مثلا .
- و كما لكلّ شيء على وجه الأرض آثارُ سلب و إيجاب ، فلا يعدو الشرّ أن يكون كذلك أيضا فبالرغم من سلبيته البعيدة المدى فله من منظور آخر إيجابيّة واحدة كونه العامل الأساسي الذي نستطيع بفضله تقييم المواقف الإيجابية بمعيار أكثر دقّة ، مثلا : و بالمثال يتّضح السّؤال كما يُقال ... ( فلو لا الشراب المرّ لما استسغنا الشراب الحلو ، و لو لا الجوع ما عرفنا حلاوة الشبع ، و لو لا الألم لما عرفنا قيمة اللذّة ) .
- و هذا ما يُؤكّد لنا إيجابيّة الشرّ من جانب واحد إذْ يُحدث فينا هذا الأخير وعيا بمعرفة قيمة الأفعال الخيّرة ... و هذا ما عزّزه هيقل بقوله : (إنّ بُلوغ الإنسان السّعادة لا يأتي إلا بعد تعرّضه لأحلك الظروف
أسبابــــــــه :
قال الله تعالى : " و جعلنا لكلّ شيء سببا " .
و يُقال أيضا : " لا شيء يأتي من الفراغ " .
- لقد قسّم الفيلسوف الأمريكي آلفين بلانتيغا الشرّ لقسمين شرّ البشر و شرّ الطبيعة متّخذا في ذلك سببين أساسيين هما : الحريّة و الشيطان .
و من وجهة نظر الفلاسفة قد أصاب آلفين كونه قام بحلّ مشكلة الشرّ من جذورها و قدّم حلا نهائيا ، أمّا توماس هوبز فيُؤمن أنّ الشرّ في الأنفس البشريّة له أسبابه الطبيعيّة .
أسباب طبيعيّة :
يرى أنّ الإنسان شرّير بطبعه و ميّال للعنف في الأصل لذلك كانت الحياة الطبيعيّة كلّها فوضى و عنف و حرب الكلّ ضدّ الكلّ ، فكلّ واحد ينظر إلى أخيه نظرة ملؤها الخوف و الشكّ و عليه تكون القوّة و السيطرة طرقا مشروعة لتحقيق الأهداف و نفس الفكرة عند ميكافيلي الذي يعتبر النّاس خبيثون بطبعهم لذلك لا ينبغي للمرء أن يكون شريفا دائما .
و هناك أسباب أخرى نذكر منها ما يلي :
أسباب أسريّة تربويّة :
تُؤثّر التنشئة في سُلوك الفرد تأثيرا لا يمكن لنا تحديده ، و ذلك نسبة لقول خبراء نفسانيين تسعون بالمائة 90% من شخصيّة الطفل تتشكّل في سنواته السبع الأولى حيث يقول في هذا السياق عرقسوسي ( الشدة الزائدة وقمع الطفل وكبت حريته، قد يراها بعض الناس تربية وتهذيبا لأولادهم، لكنها مرفوضة شرعاً وعرفاً، وهي تصيب نفسية الطفل بأذى كبير جداً وتفقده الإحساس بكرامته، وتضعف شخصيته وتجعله منطــويا وغير قادر على اتخاذ القرارات حتى في أتفه الأمور، أو قد تجعل منه شخصية متمردة تسعى للصدام مع المجتمع ومواجهته وقد تعرض نفسها والآخرين للخطر) . و من هنا يبرز لنا قوّة تأثير الأسرة على الطفل ، فإن تلقّى تنشئة صحيحة بكلّ معاييرها كان في أيّامه القابلة فردا صالحا في المجتمع ذو شخصيّة سويّة ، أمّا و إن حدث العكس كانت النتيجة بطبيعة الحال نتيجة عكسيّة .
- يخلق الفرد طينة طريّة و صفحة بيضاء بين يديّ أبويْه ينهل منهما ، يأخذ و يتعلّم و لأنّ أقرب الأشخاص له من بين جميع الخلق أمّه ... فهي المحور و الرّكيزة الأساسيّة في تكوين شخصيّته ، فإن كانت مربيّة عظيمة بفكر ناضج عالم بأصول التربية السّليمة أبشر ... (فوراء كلّ رجل عظيم امرأة ) ، و إن كانت العكس فعظّم الله أجرك ، فماذا تنتظر من هذا الطفل أو الفرد ؟! .
همسة : أنا لا أقصد هنا ضرورة أن تكون الأمّ من ذوي الشّهادات أو غيره فكم من أمّ استحقّت وسام شرف يوضع على صدرها جرّاء تربيتها النبيلة لأبنائها ، إنما المقصود هنا أمّ تخاف الله في نفسها حافظة لدينها صادقة مع الغير في معاملاتها ... و القرآن خير مربّ .
و كما قال الشاعر :
الأمّ مدرسة إن أعددتها *** أعددت شعبا طيّب الأعراف
- كما أنّ هنا عوامل أخرى تندرج ضمن العوامل الأسريّة و تأثيرها كبير لا يُمكن لنا التغاضي عنها :
- التفكّك الأسري الذي أحيانا قد يتسبّب في خلق أفكار سلبيّة عدوانية ضد المجتمع .
- العنف و التعنيف داخل الأسر سواء أكان للطفل مباشرة أو من الأب اتجاه الأمّ على مرأى الطفل و مسمعه .
- التوجيه الأبوي الخاطئ نتيجة الجهل .
كلّ ذلك قد يخلق في الطفل شخصيّة سلبيّة عدوانيّة مرضيّة .
أسباب نفسيّة اجتماعيّة :
قد ينشأ الفرد في أسرته نشأة سليمة ليس فيها غير بعض النّقائص التي لا تعدو عن كونها نقائصا عاديّة ليس لها أيّ تأثير ، لينقلب فجأة و دون سابق إنذار لفرد سلبيّ طالح يضرّ و لا ينفع ، ثمّ يتلذّذ بذلك الضّرر الحاصل لغيره و يرجع ذلك لعاملين أساسيين هما :
صدمة عاطفيّة :
- يكبر الطفل فيكبر معه عالمه الصغير و يتسع من الأسرة .. للأسرة و المجتمع ، هذا الأخير الذي يحتّك فيه بآخرين فيؤثّر و يتأثّر إمّا بالإيجاب أو بالسلب كأن يتعرّض لصدمة عاطفيّة ناتجة عن غدر أو خيانة ، و بالتالي يشعر المصدوم عاطفيا بالرفض والنفور والاغتراب عن محيطه و الهزيمة والفشل والانهيار مما يجعله ذلك متوترا، سريع الغضب، كارها لنفسه ومن حوله و هذا ما يطلق عليها الخبراء ( حالة التصحر الوجداني) .
قد يستطيع البعض تخطّي هذه المرحلة و بدأ حياته من جديد ، فيما يعجز الباقي عن ذلك فتتولّد لديهم عقدة نفسيّة تقودهم للنزعة العدوانيّة الانتقامية ( السّاديّة ) فينقلبون بذلك لوحوش كاسرة في صور بشر ينهشون كلّ من يعترض طريقهم .
( و هناك الكثير من قمت بتحليل شخصيّتهم عن كثب فوجدتهم قد كانوا ضحيّة ذلك بالفعل )
المراهقة :
و قد عرّفها علماء النفس على أنها الفترة العمرية المُمتدة من سن11 إلى 21 ، وهي فترة متقلبة وصعبة تمر على الإنسان، وتكون بمثابة الاختبار الأول له في حياته الممتدة ، حيث أن مستقبل الإنسان و حضارة الأمم تتأثر كثيرًا بمراهقة أفرادها .
و غياب الرّقابة الأبويّة هنا تعني دفع المراهق للهاوية ( شارع ، أصحاب سوء ، تدخين ، خمر ، مخدّرات و غيرها من عوامل الفساد و الشرّ ) و انحرافه في هذا العمر بالذات يعني المساعدة في خلق شخص آخر منحرف بكلّ المقاييس و من شبّ على شيء شاب عليه إلا من رحم ربّي .
أسباب اقتصاديّة :
الفقـــــر :
قد يعيش الفرد حالة من الحرمان يفقد فيها متطلبات الحياة الدّنيا من غذاء ، ملبس ، تعليم و كلّ ما يوفّر له حياة كريمة كغيره ... فالطفل يحتاج في نموّه لعناية نفسيّة ، بدنيّة ، معرفيّة ، سلوكيّة ، و ذلك لا يتحقّق في ظلّ ظروف معدمة و فقر متقع ، فقد يترك الطفل تعليمه في مرحلة عمريّة مبكّرة لعجز أسرته على توفير مطالبه الدّراسيّة و مصاريفها و بالتالي خروجه إلى الشارع للمساعدة في الدّخل الأسري و توفير لقمة العيش ، و انعدام الرّقابة الأبويّة و فقدان الوعي الكافي يُؤدّي للفساد الخلقي من سرقة و مخدّرات و أحيانا القتل كنتيجة حتميّة .
الحلول :
يُقال كلّ مشكلة لها حل ...و ليس للحدّ من ظاهرة الشّر حلا غير التقوى و لا تتحقّق التقوى إلا باتّباع كتاب الله تعالى أوّلا و السنّة النّبوّية الشّريفة ثانيا .
التقوى :
قال تعالى " وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " .
يقول الدكتور محمد راتب النابلسي إنّ كلمة وتواصوا بالحق: ليس أن تؤمن بالله ، وأن تعمل صالحاً فقط ، لأنك إن آمنت بالله وعملت صالحاً فالباطل ينمو، فإذا نما الباطل حاصر الإيمان، فلا بد أن ينمو الإيمان نمواً يكون فيه قوياً قادرا على محاصرة الباطل و القضاء عليه ، إذاً : التواصي بالحق ركن أساسي من أركان الدين:
" إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"
لكنّ التواصي بالحق يحتاج إلى مؤهلات ، و من أبسط هذه المؤهلات : أن تكون أنت مثلاً أعلى فالناس ينظرون ، يراقبون ، يلاحظون ، يتأملون ، و قبلهم الله ... فمن أوسع أنواع التواصي بالحق : أن تطبق الإسلام : أن تقيمه في نفسك أوّلا ، أن تقيمه في بيتك ثانيا ، وأن تقيمه في عملك ثالثا .
يقول الرسول صلى الله عليه و سلّم :
" كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، - قَالَ : وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ : وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ - وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ "
أخرجهما البخاري ومسلم في صحيحهما عن ابن عمر .
فمن هذا الحديث و الآية نستنتج أنّ كلّ فرد مسؤول سوف يُسأل يوم القيامة عن ما كان مسؤولا عنه و أنّ الإنسان يُسأل عما استرعاه الله بالدرجة الأولى ، فأنت مسؤول عن هؤلاء الذين استرعاك الله عليهم ، أنت مسؤول عن هؤلاء الذين ولاك الله عليهم ... و بالتالي كلّما اتّسعت دائرة مسؤوليّتك اتّسعت دائرة حسابك يوم الحساب .
- فانظر لعمر بن الخطاب - رضى الله عنه ماذا قال عندما تولّى مسؤوليّة الحكم خوفا من الله عزّ و جل : " والله لو تعثرت بغلة في العراق لحاسبني الله عنها ... لما لم تصلح لها الطريق يا عمر " .
- فلو اتّقى كلّ مسؤول اليوم نصف ما اتقاه عمر بن الخطاب في رعيّته لما كان هذا حال المسلمين اليوم .... فلقد حلّ السودان في المرتبة الثالثة قبل الأخيرة بين الدول الأكثر فسادا في العالم ، وفقا للمؤشر التابع لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2014 ، فيما جاءت 5 دول عربية أخرى بين الدول العشر الأكثر فسادا ... و يرجع ذلك لبعدنا التّام عن الدين و القيم الإسلاميّة .
قال تعالى : " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين " .
و قال أيضا : " وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ "
- لقد خلق الله العبد و جعله حرّا مُخيّرا في أفعاله فإمّا طريق الخير و إمّا طريق الشرّ ، و ذلك للعدالة الإلاهيّة فلو لم يجعله حرّا مخيّرا لسقطت العدالة كاسم و صفة لله و حاشاه أن يكون الله عزّ و جلّ ظالما لعباده : - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا " أخرجه مسلم في صحيحه .
و بالتالي كان للعبد حرّية الاختيار بين الأفعال السّلبيّة و الأفعال الإيجابية ، و بعث له قبل ذلك أنبياء و رسلا لهدايته ثمّ ابتلاه فسلّط عليه بعض المنغّصات الحياتيّة ليمحّصه و يختبر إيمانه و على قدر ذلك و صبره يكون جزائه ، لذلك كان لابدّ على العبد أن يصبر و يحتسب و إن كثرت على عاتقه البلايا و أن لا يتلبّس بلباس الشرّ .... مُتّخذا بذلك من القرآن الكريم سبيلا .
قال تعالى : " و الذين آمنوا و تطمئنّ قُلوبهم ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب " .
و قال أيضا : " و بشّر الصّابرين " .
و بالتالي كانت التقوى أساس الفلاح في الدنيا و الآخـــــــــــــرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.