لاشك ان سؤال
المنصة الشعرية سؤال معقد ومفتوح على فضاءات فكرية و ادبية وثقافية متضاربة
الابعاد والخطوط والالوان، مما يصعب التحديد اين يكمن التهافت بين كفتي
الميزان،اهو في المنصة بوصفها بعدا مكانيا وثقافيا كف عن ممارسة دوره في
الاشعاع والتأثير بفعل صعود
ثقافات الحوار التفاعلي على الشبكة الالكترونية
والسينما والتلفزيون،وبذلك تعد المنصة جزءا من تلك الثقافات الرتيبة ذات
البعد الواحد والتي قد تكون تجاوزتها حركتي الزمان والمكان المتعدد الأطر
والإبعاد في الوقت الراهن؟ ام ان الخلل يكمن في فاعلية الشعرالجمالية
والمعرفية ذاتها على اعتاب ألفية براكين التغييرات السياسية والاقتصادية
والثقافية والبيئية والتكنولوجية؟ ام ان الخلل يكمن في جمهور المنصة الذي
لم يؤسس لتقاليد ثقافية واجتماعية راسخة للتلقي الشعري الان وفي السابق
ايضا؟ هل ان جمهور المنصة والذي هو مثقف بنسبة كبيرة ما زالت تتحكم في
تذوقه وردود افعاله عشوائيات وتناقضات وفوضويات ثقافية تعد جزءا مكملا
للعشوائيات والتناقضات في السياسية والاقتصاد؟
من الممكن
ان نضرب امثلة عدة على هذا التلقي العشوائي للمنصة، منها القاعة التي غالبا
ما تغط بالضجيج وتبادل التحايا والأحاديث الجانبية فيبدو وكأن الشاعر في
واد والجمهور في واد اخر!، ومنها الشاعر الذي يلقي قصيدته ويخرج ولا يكلف
نفسه الاستماع الى غيره،او ذاك الذي يقف خارجا منتظرا دوره، والجمهور
أحيانا لا يتفاعل مع القصيدة بقدر تفاعله مع الشاعر الممثل الذي يجيد تأدية
القصيدة جسديا وصوتيا بغض النظر عن اداء القصيدة اللغوي والتعبيري، الاداء
المسرحي الذي يليق بالقصيدة الكلاسيكية جر بعض الشعراء الى قناعة مفادها
ان المنصة بوصفها مسرحا لا تتسع الا للقصيدة العمودية مما يلاحظ قراءة
الشعراء لنماذج شعرهم الكلاسيكية وان قصيدة النثر غير ادائية لذا من
المناسب عدم قراءتها في المهرجانات،لذلك نحن امام تصنيف جديد للشعرية
العراقية بين قصيدة مهرجان واخرى غير ذلك ،وهنا نحن امام سؤال مهم ،من احق
بالتأثير في الاخر،المنصة في تأثيرها على الشعر،ام ان الشعر بوصفه طاقة
ابداعية خلاقة ورائدا لثقافة امة تدعي بأنها امة شاعرة!هو من يؤثر في
المنصة ويعيد تشكيلها بالشكل يلائم طاقة الشعر الخلاقة؟
يخيل الي ان هنالك قطيعة ثقافية ومعرفية بين المنصة مكانا ودورا وبين
الثقافة ابداعا ومنجزا من جهة،وبين المنصة والتلقي من جهة اخرى،وان الحوار
بينهما لايعدو ان يكون حوارا للخصوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.