هل علي ان احزن ان
مت الان"0ذلك هو"كاظم" انسان الارياف مستلب من جميع الحقوق،ماهو الا"
معيبر/عابر" يستخدمه الجميع وتعتلي صدر قاربه"الاشخاص/الاحداث"،يعرف هواجس و
تطلعات واحلام العابرين ولا احد يسأله عن احلامه وتطلعاته ،وهو لايدرك
شيئا الاعجزه الجنسي في ظل مجتمع يعتبر الفحولة مقياسا للرجولة بكل ما
تحمله هذه المفردة من معاني القوة والغلبة والشجاعة والفخار،حياته تختصر"في
ليلة غزالة الكاولية " المرأة التي عرفت الطريق الى فتح مغاليق فحولته
ومعها صار رجلا للمرة الاولى والاخيرة0
الرواية
ايضا تعد من روايات الدعاية الايدولوجية الصريحة ولست اعني بالدعاية هنا
معانيها السلبية بقدر معناها الايجابي الذي يقرن الكتابة الابداعية بتوجه
محدد وهدف واضح للمتلقي منذ الوهلة الاولي فالدعاية الادبية "تكمن في كل
كتاب وكل عمل فني ذي معنى او هدف سياسي او اجتماعي او ديني يتلون دائما
بمعتقدات المنتج"2 ،لا شك ان مجموعة الافكار التي تبنتها
الرواية"الجوع،الفقر،الظلم، التخلف، الاستلاب" والتي صيغت على شكل حدوتة
"شعبية" متراتبة منطقيا في الزمن يؤطرها صوت راو عليم يدير الاحداث ويوجه
الشخصيات ،الرواية تبنت الانحياز الى طروحات فكرية معينة"سياسية ودينية
واجتماعية"0 وبالامكان القول ان كلا المفصلين"الوصف الحسي"والدعاية
الايديولوجية" يكملان بعضهما الاخر في اقامة دعائم النص بحيث ان الحس/الجسد
يعد جزءا من صيرورة العلامات نحو شعار فكري معين0 وبالمثل فأن الثيمة
والموضوع يرشحان تأثيرهما المباشرعلى البنية السردية واسلوبياتها0
ان
المشهد السردي المكثف لاغتصاب فتنة يمثل انموذجا لاشتغال النص على
الاعلان الحسي والاعلان الفكري "التوجهات اليسارية" ،المشهد يمثل ما يطلق
عليه في الفنون المرئية ب" mastr seen الذي تختزل فيه الوظيفة البلاغية والابلاغية للنص0
السركال"ثجيل"الابن
البار "الغير شرعي" لقطبي الاستبداد وهما الاقطاع "البرجوازية"الشيخ
"دامس الفرهود" والاستعمار العالمي" بريطانيا"، يعاني ثجيل من عقدة" ابن
السفاح" والتي جعلت منه منبوذا من قبل الاهالي اذ كان قد ولد لام بريطانية
جاءت ضمن بعثات الجيش ابان الاحتلال واقامت علاقة مع الشيخ دامس
الفرهود،كان ثمرتها ثجيل الذي لم يعترف الشيخ ببنوته وجعل منه خادما واجيرا
وكلبا للحراسة ويدا للبطش والظلم،ثجيل الذي ترفض القبيلة تزويجه من بناتها
لانه مجهول النسب"مقطم" ،يمارس هواية اغتصاب النساء منذ مراهقته معتبرا
"الاغتصاب" وسيلته المحببة للأنتقام من المجتمع الذي يرفضه ومن ثم يزرع في
ارحام النساء اطفالا على شاكلته لكي يتجذرفي الارض"اتعلمين كم من الابناء
غرزتهم في ارحام النساء،اتعلمين ان بعضهم غدا رجلا يسقط عشرة رجال
عقاله"،وهويختار ضحاياه من نساء الاشراف،واللواتي عرفن بالعفة وطيب المحتد
والاصل ممثلا بذلك عن نزوع السلطة الدكتاتورية نحو القهر والاذلال ممثلا
بجسد المرأة مبتدأة بملح الارض وعرقها"الشرفاء" 0
هي"فتنة"
المرأة الشجاعة والابية ،ابنة الرجل الطيب"الوحاش" والذي اغتيل من قبل
الاقطاع عندما كان يدافع عن ارضه،وزوجة ابراهيم الريفي البسيط، الذي لايعرف
التمييزبين صديقه من عدوه حيث كذب عليه ثجيل ودفع به نحو العاصمة بغداد
ليتوه في شوارعها ،ويظفر ثجيل بليلة طال انتظارها وهو يحلم بالاستحواذ على
جسد فتنة الشهي/العصي ،ويستحوذ من خلال جسد فتنة على جسد الوطن فما ثجيل
الارمزا للحاكم اداة المستعمروفتنة رمزا للوطن المغتصب 0
لقد
اختار السركال وقت تنفيذ جريمته مع ساعات الليل وبداية خيوط الفجر،دلالة
الزمن تشير الى استمرار متوالية الظلم بين نهايات ليل دامس وبداية فجر ما
ان يلوح حتى يختنق بواقع الجريمة "تسللت كف السركال بأحتراف الى عارضة
خشبية صغيرة ما ان ازاحتها حتى شرع الباب مسربا قدمي السركال وحفنة من ضوء
الغجر الباهت"0 بيوت الفقراء مشرعة دائما على اهوال تأتي من الخارج فتلك
البيوت بسيطة ومتأكلة وغير مأمنة ضد الاحداث والنوازل"0
السركال
كان يعرف انه مقبل على منازلة شديدة فليست فتنة من النساء اللواتي يستسلمن
بسهولة"قفزت فتنة من فوق التخت متجهة الى باب كوخها المارب بأحكام فاسرع
ثجيل بالقفز ناصبا جسده المتصا لب بتوتر لم يعتده بينها والباب ،عرض خنجره
امامها شاقا فضاء الكوخ"0
لقد
قررت فتنة المقاومة حتى الموت"تجيل اغرز خنجرك ان شئت ،ماذا تنتظر" لقد
استغاثت مرات بعبد شويخ البدوي بدون جدوى"عنوان الرواية" لكي ينقذها فشيويخ
هذا رجل نوراني من ابناء القرية وهو بمثابة المخلص الذي يعلق عليه
الريفيون امالهم في النجاة والخلاص رغم انه ثبت موته للمرة الثالثة على
التوالي 0لكنها وفي اثناء مقاومتها الشرسة والتي كادت ان تؤتي ثمارها رأت
المفاجئة التي اذهلتها وشلت قواها "جذبت فتنة ذيل اليشماغ مفككة عقده
احالته الى خرقة ساحت حول رأس ثجيل،ورقبته ثم تكومت بين يديها،اتسعت عيناها
بدهشة بعثرت ارتخاءا باذخا في اطراف فتنة حين تموج امام عينيها شلال شعره
الاشقر الطويل ،تمتمت فتنة بتساؤل،اشقر"،لقد شلت المفاجئة قوى فتنة وقت
اكتشفت ان السركال اشقر"اجنبي"،هل يعقل ان يكون السركال "ثجيل"يد الشيخ
الضاربة وزارع الرهبة والخوف في قلوب نساء ورجال قرية"ام دهلة" ما هو الا
شخص لقيط وليس عربيا ايضا؟ لقد كانت دهشتها ايذانا بالاستسلام التام لفعل
الاغتصاب"لم تقاوم ثجيل حين نضا عنها ثوبها الشجري المحاط بنقاط فضية..ولم
يبارحها ذهول عينيها حين جردتها كفا ثجيل من ثوبها الداخلي ليثب امامه
عريها الشاسع المستسلم لموت مؤجل" اراد السارد ان يبقي علامة استفهام حول
استسلام فتنة الذي هو استسلام الشعوب امام قوى الاستبداد هل هو خضوع
للحتمية التاريخية ام هو نوع من غواية الاستعباد؟0
بعد
ذلك يصف السارد حالة المواقعة وصفا دقيقا مسهبا متوخيا من ذلك ابراز بشاعة
الفعل وحجم العقد"الجنسية والاجتماعية" والامراض النفسية التي تختزنها
شخصية ثجيل "كرر اختراق كهفها في رواح ومجئ تخلى عن بطئه سريعا ليتسارع
يتسارع حتى شعر ان براكين خامده ستتفجر في داخله لهث ككلب جائع وهاج جسده
الذي خيم فوق عريها الذي تبارحه البروده"0ثم ختم المشهد بتصريح اعلاني
لايخلو من مبالغة سردية "تفرست في شعره المنهمر فوقها..هالها مالم تظن انها
انها ستراه يوما اسراب متقاطرة من القمل تسفبين ثنايا شعره وفوق خصلاته"
فالمؤلف الضمني الذي جعل من ثجيل ربيب البرجوازية والاستعمار اشقرا بشعر
طويل وببشرة بيضاء امعانا في تغريب الشخصية عن محيطها لم يكتف بذلك الا ان
يجعل الشعر الاشقر مليئا بالقمل كناية عن القذارة والخزي التي تحملها
الشخصية بين طياتها،لقد اغتصبت فتنة"الوطن" واستلبت اغلى ما تملك"العرض"
وعندما غادرها مغتصبها ثجيل لم يترك على جسدها المنهك/المنتهك الا القمل0
الهامش:
1 الميتة الثالثة والاخيرة لعبد شويخ البدوي/اسعد الهلالي/دار الشوون الثقافية العامة/الطبعة الاولى 2010
2- الادب والدعاية ترجمة هادي الحمداني/دارالشؤون الثقافية العامة/بغداد/1986
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.