لا يوجد شعب من شعوب الأرض إلا وله خزين من الأساطير والخرافات، معبرة عن حاجة نفسية وروحية،
ترضي
لديه فضول التساؤل، وتجد حلولا وتفسيرا لإشكاليات أو ظواهر وأحداث عجز
عقله عن إيجاد تفسير علمي لها ..... ولكن غالبا ما يحدث تداخل وتشاكل بين
الأسطورة والخرافة بحيث يصعب الفصل بينهما ... وقد يتحول أحداهما للآخر
بفعل تأثير ظروف اقتصادية وسياسية ونفسية خاصة ....
فالأسطورة (هي حكاية مقدسة، ذات مضمون عميق يشف عن معاني ذات صلة بالكون والوجود وحياة الإنسان)1
وهي
في الأعم الأغلب ذات علاقة وثيقة بالأديان والمثيلوجيا الدينية لذلك
اكتسبت قدسيتها من قدسية الدين ورموزه ، الدين الذي بطبيعته يعتمد على
الأيمان الذي لا يقبل التساؤل ولا يسمح بالمناقشة ولا المسائلة عن يقينه
وطقوسه وغير ملزم بإعطاء تفسيرات لمضمونها أو جذر وجودها..... وهو ما
يميزها عن الخرافة التي يقول عنها فراس السواح:-
(الخرافة
التي هي أكثر انواع الحكايا التقليدية شبها بالأسطورة، ولكن العين الفاحصة
ما تلبث حتى تبين الفروق الواضحة بين النوعين، تقوم الخرافة على عنصر
الإدهاش وتمتلئ بالمبالغات والتهويلات، وتجري أحداثها بعيدا عن الواقع) 2
أما
أمر تبادلهما للمواقع أو المساحات والمواقع يعتمد على طبيعة التركيبة
الاجتماعية الاقتصادية في فترة زمنية محددة، ومن ميزاتها أيضا بأنها لا
تُمْسَح ولا تَختفي من الذاكرة الجمعية ومن لاوعي الإنسان تماما ولكنها تظل
تتأرجح بين حالة ظهور وهيمنة وسطوع براق أو حالة من السكون والاستتار
والخفوت، تبعا لحالة وواقع التطور العلمي والثقافي والاقتصادي للشعب المعين
خلال مسيرة تطوره أو نكوصه..........
(ان
صلة القربى التي تربط بين الأسطورة والخرافة، تخلق بينهما حالة تبادل، فقد
يلتقط الكهنة، في فترات ضعف المؤسسة الدينية وانهيار المجتمعات الراسخة،
حكاية خرافية ويحملونها مضامين دينية ويضفون عليها طابع القداسة) 3
وإذا
كنا نؤمن ان تاريخ الشعوب إنما هو تاريخ صراع المصالح والمنافع بين القوى
الاجتماعية المختلفة، صراع من أجل الحصول على المكاسب والمراتب، كل يعمل
جاهدا وبمختلف الوسائل لتأبيد هيمنته وسيطرته وتعزيز مكاسبه متبعا بذلك
وسائل مختلفة من اجل ذلك من ضمنها العنف والحرب وهي أكثر الوسائل شيوعا
وأكثرها وضوحا ومباشرة..... ولكن الوسيلة التي تعتبر اشد فتكا وأمضى أثرا
هي محاولة كل من هذه القوى توظيف التراث الثقافي والكونفورميا الاجتماعية
لدعم توجهه وأهدافه وإدامة مصالحه....... ففي الوقت الذي تسعى فيه قوى
الاستغلال والاستبداد تنمية ودعم كل ما يتصل بالخرافة والعمل على إدامتها
حد إكسابها قدسية الأسطورة من اجل تعمية وعي المستغلين والمحكومين وشد
عصائب التضليل والتدجيل على عيونهم لإدامة سلطتها وتواصل استغلالها وظلمها (فحيثما يسود فكر أسطوري(وهو فكر اضطهادي عبودي بطبيعته) تسيطر العبودية الاجتماعية على الطبقات العاملة والفقيرة)4
تحاول
القوى المستغلة (بفتح الغين) على بث الروح في الموروث الايجابي التنويري
الثوري المناهض للظلم والقهر والمعادي للجهل والاستبداد لغرض القضاء على
مستغليها والتحرر من عبوديتها و ضمان حريتها وعيشها الكريم....... وهي
بالتالي من اشد أعداء الخرافة ومروجيها
البقرة والشجرة في ثقافة الشعب العربي
(ناقة
صالح إلى قومه ثمود).......(كانت ترعى في رؤوس الجبال، تاركة مراعي ثمود
إلى مواشيهم، ثم تدخل المدينة بلسان فصيح : من أراد اللبن فليخرج!) "5"
كذلك ما ورد في القرآن الكريم (.. صفراء فاقع لونها تسر ألناظرينا)، وان هناك من يعبد ويقدس البقرة كما في الهند .......
أما
الشجرة فان لبعض انواع الشجر قدسية خاصة في الموروث الثقافي العربي وخصوصا
في مجتمع ما قبل الصناعة والحداثة في المجتمع الزراعي والرعوي كما يؤكد
ذلك الدكتور خليل احمد خليل
(...للشجرة
قيمة خاصة في المجتمع البدائي والزراعي، والطبيعة تكون مثقلة بقيمة
أسطورية أو دينية..... الشجرة ليست شجرة عادية وحسب : إنها شجرة الكون شجرة
القداسة التي ترمز تارة إلى الحياة وتارة إلى الحكمة والخلود)"7"
ولازال
لدينا في العراق من يضفي هالة القدسية على بعض الأشجار كشجرة (السدر)، فلا
يقطعها إلا سيد من نسل الرسول محمد (ص)، وعند قطعها يضحى لها فدية بطير
دجاج .... كما إننا نشاهد العديد منها وقد حُمِلَ جذعها،وتدلت من أغصانها
الشرائط الملونة الخضراء خصوصا طلبا لقضاء حاجة، كما تؤخذ أوراقها تيمنا
ودواء بلسما شافي للأمراض ....
ولذلك
نرى ان الأديبة المبدعة (دينا نبيل) في قصة (أنا طالع الشجرة) وظفت توظيفا
ناجحا ومميزا ل(البقرة والشجرة) الشجرة المقدسة والبقرة المعطاء التي تهب
الغذاء والنماء والتجدد للناس، ورسوخها في المخيال والذاكرة الشعبية وخصوصا
في قرية (البقرة) قرية الفتاة وصديقها ورفيق عمرها (جمال) هذا الاسم الذي
يحمل سيمياء البهجة والحب والمضاد الموضوعي للقبح والقهر والخوف انه الجمال
..
ولكن
البقرة هنا هي نقيض (ناقة صالح) التي كان ضرعها ملكا مشاعا للجميع يدر
حليبها للجميع دون منة أو كلفة ... هنا البقرة راعية ومربية ومجددة للعمدة
الأناني المستغل الظالم، وذات عدوانية ووحشية بالغة القسوة على المستغلين
والفقراء ... تنعش وتجدد حياة الظالم وتمتص دم المظلوم!!!!!!
ففي الوقت الذي كان الشاب (جمال) ورفيقة عمره يرددان معا في طفولتهما وصباهما مع أقرانهما بشكل عفوي لازمة
(يا طالع الشجرة ... هات لي معك بقرة
تحلب وتسقيني ... بالملعقة الصيني)*
وهي
إشارة من القاصة إلى كون مثل هذه الأساطير هي وليدة لبدائية وطفولة وعفوية
وسذاجة المجتمع البشري في مراحل نشوءه الأولى قبل بلوغه سن الرشد العلمي
والعملي في عصر التنوير والنهضة عصر العلم والمعرفة والتفسير العلمي
للإحداث والظواهر.......
(كنت أنا و جمال كسائر الصبية في القرية نجري ونتحلق في حلق ونشدو :
يا طالع الشجرة ... هات لي معك بقرة
تحلب وتسقيني ... بالملعقة الصيني
حلم
يراود أحلامنا البريئة " أن نطلع الشجرة " ونقابل البقرة بل وننزل بها
ليعم خيرها الجميع فتعطي هذا كوب لبن ليتغذى عليه .. وذاك ليصير أكثر
شباباً ويقوى على إطعام أولاده)
لكن
الوعي العلمي الناضج الذي ترسخ قي عقلي الشابين أثناء دراستهما الجامعية
وتنورهما بنور العلم والمعرفة، أثار غضبهما واستنكارهما وحنقهما لما قام به
(العمدة) من لي عنق الأسطورة وتحويلها إلى خرافة ظلامية وسلطة مخيفة
مهيمنة على عقول الفلاحين البسطاء واستنزاف جهودهم وكدهم وعرقهم لتصب ذهبا
في جيوبه وزمرته وحاشيته وبطانته
(كبرت
أنا وجمال، وكما كنا لا نفترق في القرية كنا لا نفترق في الدراسة
بالعاصمة، وعندما عدنا كانت القرية غير القرية .. ماذا تغير فيها ؟ .. ما
هذه العيشة؟ .. ألا يرون صورهم في المرآة ؟ .. أشباح تمشي على الأرض ..
أحياء أموات سلبت من أعينهم الحياة .. ملامح بلا معان، عقول تائهة وآذان من
طين كالذي يدوسون عليه !!)
،
ففي الوقت الذي أصبحت هذه البقرة مصدر غنى وثراء وديمومة شباب وحيوية
ل(العمدة) المستغل، أصبحت هراوة سحرية وأفعى سامة وتنين حارق ضد الفلاحين
المعدمين وكل من يحاول ان يسترد حقه أو يطالب بمقابل لكدحه أو محاولته
التفكير والعمل من اجل والانعتاق من عبودية الإقطاعي الشرير، هذه البقرة
التي وجدت لها مرتعا في شجرة الخرافة الوارفة الأغصان والتي كانت تتكاثر
وتتناسل بشكل كبير، إشارة إلى وجود تربة صالحة من الجهل والتخلف وتدني
الوعي كل ذلك ساعد على عملقتها وامتداد جذورها لتغطي مساحة واسعة من حديقة
العمدة الأرض الخصبة والوسط الطبيعي الملائم لانتشار الخرافة وهيمنتها على
الواقع المعرفي المتدني لجمهرة الفلاحين الفقراء، في مثل هذه الشجرة
العملاقة وجدت البقرة مرتعا خصبا لها لتمتص دماء الفقر وتخيفهم وتقتل كل
بذرة وعي أو نية تمرد في نفوسهم، فان لها (جنود) يفتكون بكل مشكك ويحرقون
ارض كل متمرد على سلطة العمدة، وهي إشارة ذكية من قبل الكاتبة إلى زمرة
القتلة والمجرمين من حاشية العمدة وخدمه وهم يشكلون القوة الحقيقية
المتوارية خلف البقرة الخرافة.....
ولكن
بفعل نور العلم والمعرفة وروح الشباب الثائر اندفع (جمال) مثال الثورة
والحب والانتصار للحق بالاندفاع البركاني الهائج لكشف زيف هذه الخرافة
المضللة وهتك سر التضليل والتجهيل والاستغلال الذي يتعرض له أهل قريته من
الفقراء المعوزين اللذين ذوت أجسادهم وتلبد أفكارهم وتبلدت عقولهم،
فاستكانوا لسحر خرافة مستعبدهم وهيمن عليهم الخنوع والخضوع والرضوخ لواقع
مزيف فرض عليهم......
(-- " اسكت يا بني .. (كفاية) كلام "
-- " نعم (كفاية) كلام .. ويبقى الفعل !"
جريت وراءه .." ماذا ستفعل يا جمال ؟ " ....
-- " أنا طالع الشجرة !"
أخذت
اجتهد في العدو خلفه إلا أنه كمارد خرج من مصباحه حديثا، لا يمكنني اللحاق
به أو إيقافه، أخشى إن اعترضته أن ينفث النار ويحرقني ! .. قد استشاط غضبا
فصار لا يرى سوى الشجرة في حديقة العمدة ماثلة أمامه تحوي هذه البقرة
الشاذة)
وهنا
لا تغفل الكاتبة المبدعة (دينا نبيل) وبفعل وعي متقدم بحقيقة وطباع وثعلبة
قوى الاستغلال، نقول لم تغفل هذا المكر والتدبر الخبيث ل(العمدة) في
التظاهر بمظهر الورع الصادق والسماح للشاب (المتهور) الثائر للاطلاع على
حقيقة (البقرة) العجيبة وخوارق سلوكها، من اجل تهدئة خواطر الجمهور الهائج
والمستفز والمقهور والمهيأ للثورة على واقع الاستغلال لو استطاع (جمال) ان
يثبت زيف الشجرة والبقرة العجيبة، لذلك قرر وعلى عجل ان يوقع الشاب (جمال)
في فخ وشراك ذئابه وكلابه المسعورة المختفية بين أغصان الشجرة المسحورة،
ليكون درسا لمن يتحدى جبروت العمدة وبقرته العجيبة.........وهنا يحقق
هدفين أو كما يقال يضرب عصفورين بحجر واحد أولا :- يتخلص من الشاب الثائر
وقتله من قبل أنصاره المستترين...
ثانيا
:- نتيجة لما يحصل في أولا كون البقرة هي التي فتكت بالشاب الذي تحدى
قدسيتها، وبذلك يعزز وجودها كحقيقة في أذهان الجمع المتجمهر المستاء، وبذلك
يديم سطوة الخرافة ويخمد نار الثورة........
(ارتفعت
الأصوات وامتزجت بين سب ولعن، نصح وتحذير وخوف وترقب، كاد الأمر يتطور
للصقع والصفع والرجم والحثو إلا أن هلّة العمدة علينا من شرفته كانت أَذْهب
لكل هذا،وسط سكون ترقب جاثم على صدور الأهالي شق صوت العمدة الأجش السكون
-- " ما هذه الجلبة ؟ .. وما هذا التجمهر ؟ "
-- " أريد أن أطلع الشجرة !"
و كانت المفاجأة ..
-- " حسنا .. افتحوا له الأبواب .. تفضل !")
...
ففي الوقت الذي يعلن الشاب انتصاره على الملأ ... تنقض هذه الوحوش البشرية
دون ان تُرى على الشاب فتجرده من ملابسه وتقتله خنقا بعد ان تدس في فمه
(الملعقة الصيني) وترميه جثة هامدة بين أحضان جمهور مندهش، منبهر، مغلوب
على أمره، متعفن فكره ترسخت في رأسه خرافة البقرة وقدسيتها وحرمة (العمدة)
وقدسية أملاكه وثرواته .....................
(ترتج الشجرة بقوة وتهتز أغصانها .. وتأخذ أوراقها في التهاوي والتبعثر حتى بدت كرأس زنجي أشعث صوته مرعب كصوت حفيف أوراقها ..
وفجأة ..
وبعيداً عن أي توقع ..
سقط جسد عارٍ !! ..
فراغت الأصوات بين صرخة وزعقة .. وانكسر الإيقاع
-- " جمال !! "
هبّ الناس نحوه .. قلّبتُه .. وجهه أصفر شاحب قد تجمدت دماؤه في عروقه
ماذا حلّ به ؟؟).
ما
يجب الإشارة إليه ان حال وواقع القرية المصرية كان ولا يزال موضوعا هاما
موحيا للكثير من القصص والروايات والقصائد الشعرية بالنسبة للأدباء في مصر
الشقيقة، ولكن اغلب ما يكتب يأخذ الجانب العاطفي والغرام والعشق اللا
متكافئ بين الفلاحين وبين العمدة وحاشيته، وهنا يغفل سر السطوة والقوة التي
يملكها العمدة أو الإقطاعي وحاشيته والمستمدة من امتلاكه للأرض وتوظيف
خيراتها لدعم سطوته ونفوذه من خلال امتلاكه للمال والسلاح والحاشية
المرتزقة، وغالبا ما يستتر سبب عدوانية وغلاضة العمدة وقسوته على الفلاحين
وكأنه طبع شرير مزروع في جينة الإقطاعي، وليس هو سلوك لابد منه لمن يريد ان
يطيل عمر استغلاله من خلال مصادرة حقوق الشغيلة الفلاحين وغوائلهم....
ومن
هنا نشير إلى ميزة واعية تضاف لنص الكاتبة القاصة (دينا نبيل) في قصتها
(أنا طالع الشجرة) حيث ألقت الضوء الكاشف إلى الدوافع الكامنة وراء تبني
الإقطاع للخرافة لأنها تصادر وعي الفقراء وتكبت ثورتهم وتديم للإقطاع
استغلاله وتحكمه بالثروة والسلطة وحتى بعقول وأرواح وأفكار الفقراء عبير
دوام تجهيلهم وتضليلهم... حيث أتى الكشف خارج النمط التقليدي الغرامي
المعتاد بل من خلال تحريف ولي الاسطورة وتبني الخرافة ورعايتها في هذا
الصراع الطبقي الذي لا ينطفأ إلا بتحقيق العدل والمساواة..........
اسلوب الروي وحبكة السرد:-
كانت
القاصة موفقة تماما حين استهلت القصة بخاتمتها، بحدث سقوط جسد (جمال)
عاريا بلا حراك، مما أثار فضول القاريء في متابعة الحدث ومعرفة أسباب سقوط
هذا الجسد من على الشجرة
(وفجأة ..
وبعيداً عن أي توقع ..
سقط جسد عارٍ !! ..)
وهذا
استهلال ذكي في فن كتابة القصة، استطاعت الكاتبة ان تنتقل من الصدمة
الأولى للقص إلى انسيابية السرد وتحولاته وعرض تطوراته، كذلك أبدعت
الكاتبة القاصة في صياغة جملها السردية، المحملة بشعرية جميلة
ومعبرة،مضفية على السرد متعة تضاف للمضمون والدلالة الإنسانية النبيلة
للقصة، وهي رسالة موجه للعقول الحرة بضرورة القيام بواجبهم الإنساني لتنوير
الناس ورفع غشاوة الجهل والتضليل عن عيونهم... في ذات الوقت هي تمثل رسالة
نقد مستترة موجهة للتصرف المتطرف المتسرع الغير مدروس مما يجعل صاحبه يقع
صيدا سهلا بين براثن وأنياب قوى الشر والقهر، كان يفترض ان تتم عملية من
التوعية والتثقيف لأهل القرية وكشف زيف ادعاءات العمدة وزيف خرافته التي
تديم استعباده واستغلالهم..قبل اندلاع الثورة، ثورة الجموع المقهورة وليست
ثورة الفرد الثائر الشبيه بالانتحار ...........
تميزت
القصة بأنها قصة تنحاز للفعل بصورة واضحة حيث يمكننا ان نسميها قصة فعلية
فاعلة، مرسلة أفعالها الفاعلة المنيرة لتكشف زيف قوى القهر والاستغلال
وحرقها بلهيب العلم والمعرفة بيت الخرافة وشجرتها السامة......
ولكننا وجدنا بعض الإرباك أو بعض الوهن في حبكة السرد وهي كما يلي كما نرى:-
(ترتج الشجرة بقوة وتهتز أغصانها .. وتأخذ أوراقها في التهاوي والتبعثر حتى بدت كرأس زنجي أشعث صوته مرعب كصوت حفيف أوراقها ..) .
فلا يمكن ان يكون صوت حفيف الشجر مرعبا كما شبهت الكاتبة صوت رأس الزنجي الأشعث ممثلا لرأس الشجرة!!!!
فالحفيف
صوت غير مخيف ولا يدل على الرعب والخوف أو الصخب ... فكان يمكن الكاتبة ان
تشبهه بصوت حيوان مفترس مستفز أو مسعور أو جريح ... الخ ليكون التشبيه
ابلغ والصورة أكثر دلالة وبيان.....
كذلك
نرى ان هناك هنة في حبكة القصة فكان لابد لها ان تغمز أو تلمح في القصة
إلى ان من يسكن الشجرة الخرافة هم عبيد العمدة وعصابته وأزلامه قبل وقوع
فعل الفتك ب(جمال) .... ليكون أمر الفتك ب(جمال) فوق الشجرة مفهوما ومبررا
ومقنعا، لكان أفضل واحكم للسرد ودلالته وموضوعيته ... فمن المهم جدا في
القص ان تكون الأحداث السردية للقصة مقنعة للقارئ العادي قبل القاريء
الناقد.....
وإذا
كانت القصة انتهت بفاجعة موت (جمال) فهذه النهاية لا تعني اليأس والقنوط
ونهاية أمر الكفاح ضد الخرافة وسيلة القهر والظلم فان قُتِلَّ (الجمال) ،
فان مولدة الجمال رفيقة (جمال) الشابة لازالت حية و لا بد لها ان تولد
وترعى الجمال روح ومعنى الثورة وفاضح زيف الخرافة...... وهذه التفاتة جيدة
تحسب للقاصة كما نرى..
في الختام لا يمكننا إلا ان نعلن عن إعجابنا ومتعتنا بالقصة مضمونا وحبكة ولغة ...
نتمنى للقاصة المبدعة دينا نبيل التألق الدائم والى مزيد من الإبداع.....
الحريزي حميد
العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.