أخر الأخبار >> مجلة المصباح دروب ثقافية أدبية * ثقافية * فنون تشكيلية كما نرحب بجميع المساهمات الواردة عبر البريد الإلكتروني m.droob77@gmail.com أهلا بكم أصدقائنا * مع تحيات أسرة التحرير

أحـدث المقالات

حارس الشارع / سناء بدوي

قصة قصيرة : سناء بدوي

إهداء إلى عمالنا في عيدهم. مع الاعتذار





() جلس يستريح في دخلة الشارع، بعيدا عن أعين المارة. أخرج كيسا ورقيا من جيب سرواله وبدأ يقرض الفستق المحمص. وكلما شعر أن احدهم يتوجه إلى المكان وقف وأشار إليه بالمرور. وهو يعلم انه شارع الرئيس ويطلق عليه شارع الوزارات لما فيه من مباني للوزارات الحكومية. اتسعت عينيه استغرابا حين طلب منه رجل يرتدي هنداماً جديدا ويبدو عليه من عليه القوم أن يحرس له سيارته الفارهة بالقرب من الدخلة. لا يدري كيف وافق على القيام بمهمة الحراسة رغم انه لا يعمل حارسا ولا يملك من الشارع متراً. وضع الرجل الغريب مفاتيح سيارته (بيد مهاجر ) و انطلق مسرعا يسوي ربطة عنقه وبيده ملفات وحقيبة يد يحملها رجال أعمال.


 شاهد مهاجر الرجل الغريب وهو يقطع الشارع باتجاه وزارة الأشغال حتى دخل البوابة الرئيسية للوزارة. كاد الشيطان يلعب في ذمته ويجره نحو فعل السوء. فها هي سيارة يقدر ثمنها بعشرات الآلاف من الدولارات بين يديه يستطيع سرقتها حالاً. فهو لا يملك ثمن قوته اليومي.
و مرت في مخيلته استفسارات ابنته عن أهمية الاحتفال بعيد الميلاد للبنات من جيلها؟؟ قالت له سوسن: أبي اليوم عيد ميلاد بنت المعلمة وهي في صفي. لماذا تعمل بنات المعلمات احتفالات بعيد ميلادهن وأنا لا افعل؟؟ هل هنالك شرطاً أن يحتفل فقط بنات المعلمات بأعياد ميلادهن؟ يومها رد الأب أنت صغيرة عندما تكبرين ستعلمين أن أولاد الأغنياء وحدهم من يحتفلون بأعياد ميلادهم. ويومها ردت سوسن عليه وقالت: أبي: هل أنا غنية؟ يومها كان يحفظ الجواب عن ظهر قلب. قال: لا. لسنا أغنياء، لا أنا ولا أمك ولا أنت ولا أخوك. فلا تسأليني لماذا أنت تعرفين الجواب. وأضاف" الذي يحتفل يشتري حلوى وكعكة وعصير ومكسرات وملابس جديدة .. وغيرها من الحاجات . وهنا وجهت سوسن سؤال: عندما تجد عملا ويعطيك الله مالا هل ستحتفل بأعياد ميلادنا ولو كنا كباراً.عجز هو ووالدتها عن الاجابه الصريحة فهو لا يعتقد انه سيصبح لديه مالا يمكنه من الاحتفال بعيد ميلادها يوما ما. في ذاك اليوم خرجت سوسن مكرهة للعب مع بنات الجيران وهي تبكي . ومن يومها فكر مهاجر بضرورة البحث عن عمل مها كان أجره عله يجمع مالا يستطيع به شراء كل ما يلزم لعيد ميلاد سوسن. لا يدري كيف أصبحت هذا الحوار مع ابنته هماً يضاف إلى عشرات الهموم فوق رأسه . وهو يومياً يحضر إلى هذا الشارع عله يجد من يشغله عدة أيام يستطيع بعدها توفير ما يلزم لعيد الميلاد. وبينما هو منشغل بذا التفكير ، والسيارة الفارهة أمام ناظريه . كان يحاول لمس المفاتيح والميدالية الذهبية التي تتدلى وفي داخلها صورة صاحبها(الرجل الغريب ) مرت ساعة تقريباً والرجل لم يخرج بعد. ومهاجر يتخيل نفسه في السيارة يقودها والى جواره زوجته وطفليه ووالده المريض والناس تشير إليه وتحسده على السيارة وتتمنى النظر إليه والسلام عليه. وتذكر بنات المعلمات في مدرسة ابنته سوسن وهن ينظرن إليها باستغراب وهو يفتح لها باب السيارة في الغد لتخرج إلى مدرستها وهي فرحة وفخورة بوالدها. فهو يعلم أن بنات المعلمات لا يملك أي من والديهن مثل تلك السيارة الرائعة، لكن نفوذ أمهاتهن يجعلهن متميزات رغماً عن الجميع .
خمن من يكون صحابها. ولماذا دخل إلى وزارة الاشغال. قال لابد انه رجل أعمال كبير أو تاجر مواد بناء أو مهندس محترف أو انه مستثمر عربي. وبينما هو يحسب الحساب لهذا الرجل حدثته نفسه كيف يقبل أن يعامله هولاء بالاستخفاف. فهو لا يعرف الرجل ولا يبدو عليه يعمل في كراج سيارات وليس هو بواب للعمارة. مسح عرقه الذي بدأ يتصبب على وجهه. ساعة مرت. بدأ يحسب الحساب لساعة أخرى. هذه أمانه كيف يترك السيارة وكيف يسرقها فهو ليس لصا وإن يكن فقيرا فهذا وارد و ممكن أن يكون هناك ملايين من الرجال بدون عمل وفقراء لكنهم أسوياء. فهو يتحمل من سوسن أسألتها الغريبة وحاجتها لأن تفرح مثل كل البنات لكنه لا يتحمل أن ينظر الناس لها على أن أباها لصا وخريج سجون." استغفر لله" . قال في سره "هذا قدري. الله أراد مني أن أكون اليوم حارسا للشارع". وبينما هو يفكر، صاح به رجل اطل من نافذة سيارته: يا أنت هل تأتي للعمل في الحديقة حتى المساء مقابل أجر كامل. فرح نهض نحو الرجل وقال: نعم يا سيدي. نعم آتي معك حتى الصبح. لا يهم أين، المهم العمل . وهم بفتح باب السيارة الخلفي ارتطمت المفاتيح التي كانت معلقة بأحد أصابعه في حديد الباب فانتبه إلى انه يحرس السيارة ، وأن الرجل الغريب سيأتي لأخذها بعد حين. نزلت من عينية دمعتين ومسح دمعتيه وعرقه المتصبب من وجهه وقال: استغفر الله. ماهذا اليوم النحس؟. سمعه الرجل الذي كان يقود سيارته بانتظار أن يقله إلى حديقته وسأله ماذا تقول؟. لوح مهاجر بالمفاتيح في وجه الرجل وقال: عفوا أنا املك تلك السيارة لست باحثا عن عمل. ابتسم الرجل وقال:آسف جداً. سامحني .
في الوقت الذي كان مهاجر يشير إلى الرجل في السيارة بالوداع، شاهدة الرجل الغريب يأتي نحوه مسرعا فرحا وقال له "أنا تأخرت لقد أخذت المشروع .هذه ألف ليرة لك."

دروب أدبية

دروب المبدعين

دروب ثقافية