غزّة كانت ذات يوم القضيّة المفضّلة للقوى الإقليمية لكن في ظل موقف مصر المعلن في الوقت الحالي وتشتت انتباه الدولتين الداعمتين تركيا وقطر بسبب الصعود المفاجئ للإسلاميين المتشددين في العراق وجدت حماس نفسها وحيدة .ويعتقد محلل سياسي أن النظام المصري الحالي في مأزق بسبب حرب غزة، لأن أي نصر تحققه حماس سيخصم من رصيده في معادلة العلاقات المتأزمة بين السلطة من جهة، وجماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس كرافد مهم من روافدها من جهة ثانية.
مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يظل الموقف المصري الرسمي غامضا تجاه ذلك العدوان، بعد أن فضلت مؤسسة الرئاسة التزام الصمت، بينما خرجت وزارة الخارجية بثلاثة مواقف متناقضة ومثيرة للجدل، وفق بعض المحللين. فبعد 24 ساعة من بداية العدوان، خرجت وزارة الخارجية ببيان يطالب الفلسطينيين
والإسرائيليين بوقف العدوان المتبادل، والعودة لاتفاق التهدئة، ثم أدانت الخارجية المصرية -في بيان آخر- الغارات الإسرائيلية على غزة، مطالبة إسرائيل باحترام الاتفاقيات الدولية وعدم الإفراط في استخدام القوة. لكنه لم تمض عدة أيام حتى قالت الخارجية المصرية على لسان المتحدث باسمها بدر عبد العاطي “إن الشعب الفلسطيني يدفع ثمن اعتداءات إسرائيلية ومغامرات داخلية تحاكُ لخدمة أغراض داخلية لا تصب في مصلحة المواطن الفلسطيني”. ولعل ما كشفه مراسل الشؤون العربية في الإذاعة العبرية ” جال برغر” عن قيام رئيس المخابرات المصرية ” محمد تهامي ” بزيارة سريعة لتل ابيب خلال الأيام الأخيرة يدعوا للإنتباه. حيث بيّن برغر بأن الزيارة استمرت عدة ساعات والتقى خلالها بمسؤولين إسرائيليين، فيما شدد على متانة العلاقات الأمنية مع “إسرائيل”، بالإضافة للتطورات الأخيرة في القطاع وسيناء .
في المقابل زعمت الإذاعة أن المخابرات المصرية قلصت من وساطتها في مساعي التهدئة بعد أن جوبهت طلباتهم لحماس بعدم تجاوب .
و في إطار الحرب النفسيّة التي تخوضها الدولة العبريّة من أجل شيطنة المقاومة وأنسنة الجلاد، وضمن سياستها الممجوجة لتفريق وتفتيت الصف العربيّ، المؤسساتيّ والشعبيّ عبر وسائل إعلامها المتطوعة لصالح ما يُسمّى بالإجماع القوميّ الصهيونيّ، زعمت صحيفة (جيروزايم بوست) الإسرائيليّة، في مقالٍ تحليليّ نشرته أنّ مصر وإسرائيل تُشكّلان يداً واحدة ضدّ حركة المقاومة الإسلامية حماس، مؤكدة على أنّ إدانة مصر للعدوان على غزة هي موقف ظاهريّ فقط، على حدّ وصفها.
وتابعت الصحيفة قائلةً إنّ القاهرة تُدين اعتداءات إسرائيل على قطاع غزة، وتُعلن رفضها ظاهريًا للحرب، إلا أنّها في الحقيقة قد تكون راضية عن إلحاق الضرر بحركة حماس، خصوصًا وأنّ صنّاع القرار في مصر زعموا وما زالوا يزعمون أنّ حماس قامت بتنفيذ عمليات مسلحّة في شبه جزيرة سيناء، الأمر الذي مسّ بالأمن القوميّ المصريّ.
وبيّنت الصحيفة الإسرائيليّة، نقلاً عن صحيفة الأهرام، أنّ الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي تحدث مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حيث اتفق الطرفان على ضرورة إيقاف العملية العسكريّة. علاوة على ذلك، أضافت الصحيفة أنّ متحدثاً بلسان وزارة الخارجيّة المصريّة دعا دولة الاحتلال إلى احتواء الوضع من خلال وقف جميع العمليات العسكرّية، وإظهار الحد الأقصى من ضبط النفس، موضّحةً أنّ الحقيقة قد تظهر غير ذلك، حيث أن القاهرة قد تشعر بارتياح لأنّ إسرائيل تقوم بتنفيذ عملية لا تستطيع هي القيام بها، وذلك نتيجة العداء بين السلطات المصرية وحركة حماس التي تعتبرها أحد فروع جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يُفسّر، بحسب الصحيفة الإسرائيليّة، استمرار السلطات المصريّة في إغلاق الحدود بين سيناء وغزة، في إشارة إلى معبر رفح، على الرغم من الحملة العسكريّة الجويّة التي تُنفذها إسرائيل على القطاع. ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكريّ إسرائيليّ وصفته بأنّه رفيع المستوى قوله إنّ إغلاق معبر رفح هو قرار سياسيّ وليس عسكريًا، وتابع أنّه لا توجد مخاطر في الحدود بين غزة ومصر، وأنّ الجيش المصريّ على وعي تام بما يعانيه أهالي قطاع غزّة، على حدّ قوله.
وتابعت الصحيفة الإسرائيليّة قائلةً تعقيبًا على التصريح المذكور أنّه بكلمات أخرى، فإنّ مصر تُدرك معاناة الشعب الفلسطيني في منطقة حرب، وتُدرك حجم الضّربات التي توجهها القوات الإسرائيلية لحركة حماس، لكنها اختارت عدم إسداء أيّ خدمة للحركة مفضّلة حشرها في الزاوية، على حدّ وصف الصحيفة.
و من جانبه، أكد الباحث السياسي محمد محسن أبو النور أن النظام المصري الحالي وجد نفسه في مأزق كبير، فأي مكسب سياسي أو عسكري يمكن أن تحققه كتائب المقاومة التابعة لحماس ستخصم من رصيده في معادلة العلاقات المتأزمة بين السلطة من جهة، وبين جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس كرافد مهم من روافدها من جهة ثانية.
وأضاف في -تصريح له أن التضارب والخلط بين ما يجري في غزة والشأن الداخلي المصري واضح جدا في تصريحات المسؤولين المصريين، مشددا على أن الإدارة المصرية انتظرت حتى ترى من الرابح ومن الخاسر، ومن ثم تتحرك لتظهر في الصورة على أنها تدعم الحل السياسي.
أحلام رحومة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.