أخر الأخبار >> مجلة المصباح دروب ثقافية أدبية * ثقافية * فنون تشكيلية كما نرحب بجميع المساهمات الواردة عبر البريد الإلكتروني m.droob77@gmail.com أهلا بكم أصدقائنا * مع تحيات أسرة التحرير

أحـدث المقالات

الكتابة النسويّة و سلطة الجسد ـــ ملفّ ــ الهويّة الشخصّية مرتبطة بالهويّة الجسديّة 3

جهاد المثناني : شاعرة ، تونس :

نتيجة بحث الصور عن جهاد المثناني : شاعرة ، تونستطرحُ مرحلةُ ما بعد الحداثة إشكاليّات تتعلّق بالتطوّر الاقتصادي والاجتماعي والثّقافي وفي هذا الإطار وهذه المرحلة بالذّات طفت على السّطح قضيّة التصنيف “الجنسويّ” للكتابة كفعل إنسانيّ فصرنا نبحثُ في جنسِ هذا الإنسان الكاتب وهل أنّ النصّ المكتوب منتوجٌ “رجاليّ” أو “نِسويّ” إن صحّت التصنيفات الجنسيّة

ومع ظهور هذه الموجة التصنيفيّة الجنسويّة للأدبِ توجّهت الأنظارُ إلى ظاهرةِ توظيف الجَسد في الكتابة النسويّة وقد اختلفت الآراء: بين معتبرٍ إيّاها عبوديّة جديدة تسيّج المرأة بها نفسها وتعمّق ذكوريّة المجتمع الذكوريّ وهي تمنحه فرصة اعتبارها جسدًا فقط يرى فيه شهوتَه ورغباته ويراه كذلك وسيلة للرّبح الاقتصادي كأن يصبح جسد المرأة وسيلة تسويق وإشهار

وبين من يرى في توظيف الجسد في الأدب النسويّ رجّة أخرى صادمة تقول بها المرأة للرّجل : “بجسدِي لن أكون رهينةً لجسدي”

فمَا من كاتبٍ أو كاتبةٍ قديما او حديثا لم يكن عملُه انعكاسًا مُباشرًا لجسديّـتِه فالكتابةُ فنّ والفنّ يستمدّ قوانينه من قوانين الجسد وآليّة عمله .. فالقصيدة جسدٌ لها صدرٌ وهنا نستعير هذه المفردة للحديث عن صدر امرأة وللقصيدة عجزٌ ( والعَجُزُ مؤخّرُ الشّيء)وما في هذه المفردة من دلالات جسديّة وللقصيدة درجة إشعاع وروحٌ ونبْضٌ ومناطق توهّجٍ وبتشكّل النصّ نفسِه تتشكّل البنيةُ الانفعاليّةُ مع ميكانيزم الرّغبة بما تفعله القصيدة في القارئ من استثارة وتلذّذ إلى شعور بالرّاحة عند التفاعل معها فيتساوى في النصّ تحقّق الجماليّة بتحقّق الرّغبة والشّعور باللذّةِ

فتصبحُ القصيدةُ في تشكّلها ـ وهي تنحدِرُ من قلمِ امرأةٍ ـ جسدًا يعبِّرُ عن جسدٍ فتستحيلُ الكتابةُ النسويّة المعبّرة عن ذاتها الجسديّة لغةً وهويّة ” فالهويّة الشخصّية مرتبطة بالهويّة الجسديّة” والجسدُ هو الّذي يمنحُ وجودنا المادّي.. منه نشكّل ذواتنا المعنويّة ومن خلاله يتشّكل وجودنا الإنسانيّ المتعالي عن التصنيف الجنسويّ

وليس غريبا على المرأة أن تحتفِي بجسدِها في كتاباتها والفراعنة كانوا يمجّدون الجسدَ ويقدّسونه ويحتفون بقُدْراته كيف لا ’ ومفردة الجسدِ تجمع ما بين البدن والروح فالجسدُ هو بدنٌ ينبضُ روحًا .. والمرأة وهي تتحدّث عن الجسدِ إنّما تحتفي بروحٍ كامنةٍ فيها فلطالما اعتبر الفلاسفة الإنسان ثنائيّة مكوّنة مِن جسدٍ وروحٍ بل ذهبَ ” نيتشه ” إلى اعتبار الجسدِ مرجعًا أصلِيًّا لكلّ القيم به ننخرِطُ في الحياةِ وهنا يكمن سرّ احتفاء المرأة بالجسدِ في كتاباتها .. بالجسدِ تنخرطُ المرأة في الحياةِ وتثور على مجتمع ذكوريّ طالما اعتبرها بِجسَدها عوْرةً ومرْتعًا للشّهوات

أليسَت اللغةُ في ما تكتبه المرأة انعكاسًا لتعبيريّة الجسدِ ؟ ألم يصبح الجسدُ في الكتابات النسويّة حافلاً بالدّلالات الرّمزيّة الّتي تتوارى وتختفي خلف الحضور المادّي للجسد ؟

إنّ اتّساع الآفاق الدّلاليّة للجسد المُوظّف في الكتابات النّسويّة رهينُ تطوّر الأفق الذهنيّ للآخر بحسبِ تعاملهِ مع جسدِ المرأة ونظرتِه له

وأختِمُ بنصّ كتبته واحتفيْتُ فيه كثيرًا بجسدي وأعتبره من أنجح النّصوصِ ليس لأنّني اخترتُ لغةَ الجسدِ للإثارةِ وإنجاح النصّ ولكن لأنّني ثُرتُ في وجه مجتمعٍ ذكوريٍّ يأبى على المرأة أن تكون بجسَدِها متحرّرةً من جسدِها تقولُه كيفما شاءت ولا تعتبره عوْرةً يجبُ ستره وإخفاؤه



قدْ سقيْتُ الكأسَ نَخبي … فاسْتزادتْ من رُضابي

تُذْهِبُ العقلَ شِــفاهي … أربَكَـتْ معنى الصّوابِ

سَــاقَني السّاقِي إلـيّ … كَي أراني في اغْتِــرابي

في انْـتـشاءٍ للكُــؤوسِ …. حِـينَ أضْــناها انْـسِكابي

عَرْبَدَ الصَّدْرُـ قصيدِي ـ … ذاقَ بَـعْــضا من شَـرابي

فاسْتَحال الحرفُ شِعرا… فَـيْضَ بَحرٍ مِن عُـبابي

مِـنْ دِنَــانِ القــدِّ يَـسْكَرْ … من ثِمَاري وانسيابي

أقْــبلَ الأعمى يراني …مُبْصِـرًا يبغي اقْــترابي

وأصَــمُّ إن مَـررْتُ … ناطِقًـا رامَ خِطابِـي

نَـاظِمًا فيّ القَــوافي … في سهولي في هضابي

ناسـِكٌ يفتي بِـوصْلي … وَيُصَـلِّي عِـنْدَ بـَـابي

قَـدْ هَوى والسّهمُ لحْظِي .. كَـلِـفٌ يبغي ثوابـِي

شَــرعهُ ضمِّي ولَثْمي … ظـنَّ في الضـمِّ غِلابِي

أبْدع الله برسمي …. لستُ من ذاك التّرابِ

حمئي نور وماءٌ … حقّ للطّينِ عِتـابـي

وَيْـلَها كـأسِي هوَتْني … بَـعْــدَ مسٍّ من رضابي

مِن رياضِ الشّعرِ قولي … فُسحَةُ الفُصْحى كتابي

جادَ مُـزْني بعْضَ ريقٍ .. ذاكَ شهـْدٌ من سحابي

يـثْملُ الـورْدُ بِعطْري … مُــطْرِقا رامَ عتابي

حُـمْرةٌ مِـنْه تَـحطّ …. في كفوفي كالخِضابِ

في الشّفاهِ المُسْكِـراتِ … في أمانيَّ العِـذابِ

تَـسْتحي الشّمسُ تغيبُ … لم يحِن وقتُ الغيابِ

عَجَبي . ! شمسٌ تـغارُ ؟ … أشْـرَقَـتْ عندَ انسحابي

ذا خَليلٌ إنْ كـتـبتُ … هَـامَ في ذاكَ الرّحابِ

رمَــلٌ في بحْــرِ شعْري .. مِـنْهُ للشّـعرِ انتسابي

ويْـلها كأسي هَـوتْني …. بعدَ مسّ من رُضابي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.

دروب أدبية

دروب المبدعين

دروب ثقافية