أعراف وتقاليد وممارسات وعادات سيّئة عرفناها وعرفتها بعض الشعوب سابقاً، ولا زالت منتشرة في كثير من دول العالم، ومنها الدول العربيّة والإسلاميّة كاليمن والمغرب ومصر وتركيا .... وغيرها .
وهذه الكارثة ليست فقط مجرّد تقاليد شرقيّة أو عربيّة، بل لها غطاء شرعي. بإعتبار أنّ الفتوى المشهورة عند فقهاء المسلمين، تنصّ على أنّ للأبّ ولاية على ابنته القاصر، فيحقّ له أن يزوّجها ممّن يريد وليس لها أن تعترض وفقاً لبعض المذاهب الفقهيّة بإعتبارها قاصر.
ويجوز للزوج أن يدخل بزوجته بمجرّد بلوغها التاسعة من عمرها، فيقدم على الزواج من طفلة صغيرة في الثامنة أو التاسعة من عمرها، وهو في عمر والدها أو جدّها .
فكيف ممكن أن نتعامل مع هذا الزواج استناداً إلى نصوص تُرْوى ولا نعرف مدى صحّتها ؟
وهل النصّ وحده يمثّل مرجعيّة في مقاربة مفهوم كمفهوم البلوغ الذي يخضع لتغييرات وتأثيرات المناخ والبيئة، والسؤال نفسه يُطْرَح إزاء مفهوم الرشد والذي يتداخل فيه الجانب الثقافي والنفسي والجسدي؟
وهل يصحّ التمسّك بهذه النصوص، وإن كانت صحيحة قبل معرفة مدى تناسبها وتوافقها مع زماننا ؟
فإلى متى سنبقى ننظر بقالب الجمود إلى حرفيّة النصوص دون أن نطلّ على ما وراء النصّ من مقاصد، وما علاقة هذا النصّ بالواقع المتغيّر؟
وأنت أيّها المُدافع نظريّاً عن مشروعيّة زواج الطفلة الصغيرة، فهل ترضى أو تتقبّل واقعاً أن تزوّج ابنتك وهي في الثامنة أو التاسعة من عمرها لرجل أربعيني أو خمسيني أو ستيني وصولاً للثمانيني؟
أما كفانا جهلاً وغباءً ؟
أما وجب علينا الأخذ بعين الإعتبار الفوارق الزمنيّة بين ذاك العصر وبين عصرنا وما يستتبع ذلك من متغيّرات تطال مفهوم البلوغ نفسه وتؤثّر على سرعة أو بطئ النضوج الجنسي لدى المرأة أو الرجل؟
أما علينا أيضاً أن نأخذ بعين الإعتبار المعطيات العلميّة والتحذيرات والنصائح الطبيّة المتّصلة بالصحّة الإنجابيّة، وهي معطيات تؤكّد على جديّة المخاطر النفسيّة والجسديّة التي تتعرّض لها الأنثى في حال حصول الزواج في سن مُبْكِر ، كسنّ التاسعة أو العاشرة وصولاً للثالثة عشرة؟
وبناءً على هذه المعطيات، أما يجب تحريم هذه العلاقة المضرّة بالبنت، ولا سيّما في بعض مستويات الضرر الفادحة الأشبه بالعدوان والإغتصاب والذي نتيجته تمزيق أعضائها التناسليّة وبالتالي موتها، وحرمة هذا الفعل لا تحتاج إلى دليل خاص، إذ يكفي القاعدة العامّة القاضية بحرمة كل عمل يؤدي إلى إلحاق الضرر بالغير؟
وبعد كل هذا ممكن أن يأتي من يقول أنّ القرآن لم يحدّد سنّ معيّن للزواج، لكن سنقول له أنّ القرآن أشار لموضوع البلوغ ببلوغ ( النكاح والحلم ).
ففيما يخصّ بلوغ النكاح، قال تعالى: { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فإدفعوا إليهم أموالهم } النساء ٦
فإنّ بلوغ النكاح معناه أن يصبح الشخص مهيّئاً لذلك ومستعدّاً له إستعداداً جسدياً ونفسياً، والآية قد أوجدت فصلاً بين البلوغ الجنسي وبين الرشد، عندما ألمحت إلى إمكان بلوغ النكاح مع عدم بلوغ الرشد.
وفيما يخصّ بلوغ الحلم، قال تعالى: { يا أيّها الذين آمنوا يستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ... لآخر الآية ( ٥٨ النور)
{ وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبيّن الله لكم آياته والله عليم
حكيم } النور ٥٩
والحلم هنا بمعنى العقل أو البلوغ الملازم للحلم، وهو يعبّر عن طفرة عقليّة وفكريّة ومرحلة جديدة في حياة الإنسان، كما يُراد بالحلم مرتبة من النضج العقلي، على إعتبار أنّ الآية أرشدت إلى ضرورة الإستئذان، والمراد بهم هنا الذين بلغوا سنّ التمييز والقرينة على ذلك قوله بعد ذلك: "ثلاث عورات لكم".
ثمّ أمرت هؤلاء إذا بلغوا الحلم أن يستأذنوا، لأنهم أصبحوا بالغين وتوجّه الخطاب إليهم، ومن المعلوم أّن البلوغ الجنسي لا يكفي وحده لتوجّه التكليف والخطاب، بل لا بدّ أن يقترن بالبلوغ العقلي.
((إذن من مجموع الآيتين نستخلص أّن البلوغ يتحققّ بالأمرين معاً: البلوغ الجنسي والرشد العقلي )).
وأخيراً أتوجّه لأولي الأمر كي يرحموا أطفالهم ولا سيّما البنات منهنّ بأن لا يحرموهنّ الطفولة والبراءة
وحقّهنّ في الحياة .
وعدم إستغلال سلطتهم عليهنّ إستغلالاً إستبداديّاً يودي بحياتهنّ من الأسرّة إلى المقابر .
بيروت في ٤/١١/٢٠١٦
وهذه الكارثة ليست فقط مجرّد تقاليد شرقيّة أو عربيّة، بل لها غطاء شرعي. بإعتبار أنّ الفتوى المشهورة عند فقهاء المسلمين، تنصّ على أنّ للأبّ ولاية على ابنته القاصر، فيحقّ له أن يزوّجها ممّن يريد وليس لها أن تعترض وفقاً لبعض المذاهب الفقهيّة بإعتبارها قاصر.
ويجوز للزوج أن يدخل بزوجته بمجرّد بلوغها التاسعة من عمرها، فيقدم على الزواج من طفلة صغيرة في الثامنة أو التاسعة من عمرها، وهو في عمر والدها أو جدّها .
فكيف ممكن أن نتعامل مع هذا الزواج استناداً إلى نصوص تُرْوى ولا نعرف مدى صحّتها ؟
وهل النصّ وحده يمثّل مرجعيّة في مقاربة مفهوم كمفهوم البلوغ الذي يخضع لتغييرات وتأثيرات المناخ والبيئة، والسؤال نفسه يُطْرَح إزاء مفهوم الرشد والذي يتداخل فيه الجانب الثقافي والنفسي والجسدي؟
وهل يصحّ التمسّك بهذه النصوص، وإن كانت صحيحة قبل معرفة مدى تناسبها وتوافقها مع زماننا ؟
فإلى متى سنبقى ننظر بقالب الجمود إلى حرفيّة النصوص دون أن نطلّ على ما وراء النصّ من مقاصد، وما علاقة هذا النصّ بالواقع المتغيّر؟
وأنت أيّها المُدافع نظريّاً عن مشروعيّة زواج الطفلة الصغيرة، فهل ترضى أو تتقبّل واقعاً أن تزوّج ابنتك وهي في الثامنة أو التاسعة من عمرها لرجل أربعيني أو خمسيني أو ستيني وصولاً للثمانيني؟
أما كفانا جهلاً وغباءً ؟
أما وجب علينا الأخذ بعين الإعتبار الفوارق الزمنيّة بين ذاك العصر وبين عصرنا وما يستتبع ذلك من متغيّرات تطال مفهوم البلوغ نفسه وتؤثّر على سرعة أو بطئ النضوج الجنسي لدى المرأة أو الرجل؟
أما علينا أيضاً أن نأخذ بعين الإعتبار المعطيات العلميّة والتحذيرات والنصائح الطبيّة المتّصلة بالصحّة الإنجابيّة، وهي معطيات تؤكّد على جديّة المخاطر النفسيّة والجسديّة التي تتعرّض لها الأنثى في حال حصول الزواج في سن مُبْكِر ، كسنّ التاسعة أو العاشرة وصولاً للثالثة عشرة؟
وبناءً على هذه المعطيات، أما يجب تحريم هذه العلاقة المضرّة بالبنت، ولا سيّما في بعض مستويات الضرر الفادحة الأشبه بالعدوان والإغتصاب والذي نتيجته تمزيق أعضائها التناسليّة وبالتالي موتها، وحرمة هذا الفعل لا تحتاج إلى دليل خاص، إذ يكفي القاعدة العامّة القاضية بحرمة كل عمل يؤدي إلى إلحاق الضرر بالغير؟
وبعد كل هذا ممكن أن يأتي من يقول أنّ القرآن لم يحدّد سنّ معيّن للزواج، لكن سنقول له أنّ القرآن أشار لموضوع البلوغ ببلوغ ( النكاح والحلم ).
ففيما يخصّ بلوغ النكاح، قال تعالى: { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فإدفعوا إليهم أموالهم } النساء ٦
فإنّ بلوغ النكاح معناه أن يصبح الشخص مهيّئاً لذلك ومستعدّاً له إستعداداً جسدياً ونفسياً، والآية قد أوجدت فصلاً بين البلوغ الجنسي وبين الرشد، عندما ألمحت إلى إمكان بلوغ النكاح مع عدم بلوغ الرشد.
وفيما يخصّ بلوغ الحلم، قال تعالى: { يا أيّها الذين آمنوا يستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ... لآخر الآية ( ٥٨ النور)
{ وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبيّن الله لكم آياته والله عليم
حكيم } النور ٥٩
والحلم هنا بمعنى العقل أو البلوغ الملازم للحلم، وهو يعبّر عن طفرة عقليّة وفكريّة ومرحلة جديدة في حياة الإنسان، كما يُراد بالحلم مرتبة من النضج العقلي، على إعتبار أنّ الآية أرشدت إلى ضرورة الإستئذان، والمراد بهم هنا الذين بلغوا سنّ التمييز والقرينة على ذلك قوله بعد ذلك: "ثلاث عورات لكم".
ثمّ أمرت هؤلاء إذا بلغوا الحلم أن يستأذنوا، لأنهم أصبحوا بالغين وتوجّه الخطاب إليهم، ومن المعلوم أّن البلوغ الجنسي لا يكفي وحده لتوجّه التكليف والخطاب، بل لا بدّ أن يقترن بالبلوغ العقلي.
((إذن من مجموع الآيتين نستخلص أّن البلوغ يتحققّ بالأمرين معاً: البلوغ الجنسي والرشد العقلي )).
وأخيراً أتوجّه لأولي الأمر كي يرحموا أطفالهم ولا سيّما البنات منهنّ بأن لا يحرموهنّ الطفولة والبراءة
وحقّهنّ في الحياة .
وعدم إستغلال سلطتهم عليهنّ إستغلالاً إستبداديّاً يودي بحياتهنّ من الأسرّة إلى المقابر .
بيروت في ٤/١١/٢٠١٦
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.