توظيف الرياضيات في مجال التربية و التعليم | عبد الحميد دلعو ـ راوند

توظيف الرياضيات في مجال التربية و التعليم:
يعتبر الإحصاء و الاحتمال من أهم العلوم الرياضية التي تخدم البحث الاجتماعي و النفسي ... فهي تعكس الواقع بطريقة أمينة جداً ، فالرياضيات تتحدث بلغة الدِّقَّة الرَّقميَّة .... أي أن الرياضيات لا تكذب و لا تعطي نتائجاً منحازة أو متأثرة بالعواطف و العوامل النفسية.
يجب على المعلم أن يستخدم الأدوات الرياضية بقدر الإمكان ليستطيع قيادة صفه بشكل أكثر علمية و واقعية و سهولة.

فمثلاً يستطيع المعلم أن يرصد جميع المشاهدات في الصف و يدونها بجداول مما يسلحه بقراءات إحصائية رياضية لأهم المتغيرات التربوية بحيث يستطيع رسم المنحنيات الضرورية لسبر أعماق الصف و أفعال الطلاب و درجات تطورهم بدقة.
و من هنا لا ينبغي الاكتفاء بالتنظير ، بل يجب السير باتجاه الدراسة العملية على أرض الواقع و التي تتحدث بلهجة الأرقام و الإحصائيات التي توضحها المنحنيات المناسبة. فكل معلم باحث بالضرورة ، فصفُّهُ مختبره و عيناتُه الطلاب.
فعلى سبيل المثال لا يكتفي المعلم بأن يقول:
( عدد الواجبات المحلولة في هذا الفصل قليل )
بل يجب على المعلم المعاصر أن يقول بعد اطلاعه على جداوله :
( لقد حل طلاب هذا الفصل 30% من الواجبات المعطاة خلال هذا الشهر و هي أقل من نسبة الواجبات المحلولة في الشهر الماضي وفق الجداول فيجب أن نبحث عن حل لتحفيز الطلاب أكثر )
لا ينبغي على المعلم القول:
( الصف يعاني من حركة مفرطة نوعا ما )
المعلم المعاصر يقول بعد اطلاعه على الجداول :
( ارتفعت نسبة الحركة المفرطة بمقدار 5 % بناء على المشاهدات و البيانات التي دونتها و رسمت مخططاتها )
فينبغي على المعلم المعاصر أن يسلح نفسه بالرياضيات و الإحصائيات قدر الإمكان.
و هذا مفيد جداً أثناء اجتماع أولياء الأمور و التواصل معهم حيث يجعل لغتك التعبيرية _ أخي المعلم_ دقيقةً و أكثر إقناعاً مما يبعث في ولي الأمر مزيداً من الثقة بقدراتك و قدرات المدرسة و دقتها في التقييم.
و لكن لنتحدث بشكل أكثر واقعية ، قد لا يستطيع المعلم رصد كل صغيرة و كبيرة تحدث في الفصل بشكل جداول و إحصائيات لأن هذا سيؤدي لروتين يستهلك وقت و جهد المعلم ، لكن بنفس الوقت على المعلم الحكيم أن يبحث عن القضايا الأهم التي يعاني منها الفصل فيرصدها ثم يجدولها. و نلاحظ بأن هذه القضايا تختلف بين الفصول ... فقد تجد فصلاً يعاني طلابه من كثرة التشاغل و قلة الانضباط فعندها يجدول المعلم جميع الحوادث السلوكية من هذا النوع .... أما في فصل يعاني طلابه من التأخر الصباحي فيركز المعلم على هذه النقطة السلبية فيجدولها مستخدماً الرياضيات في دراستها. و كذلك في فصل يعاني طلابه من تراجع أكاديمي بمهارات معينة ، يقوم عندها المعلم بجدولة هذه المهارات و إحصائها بشكل دقيق.
إذن ترتفع درجة الحاجة إلى الاعتماد على الإحصائيات باتساع الثغرة التعليمية ، في حين يمرر المعلم الأمور التي تمر بسلاسة دون تضييع الوقت بإحصائها و جدولتها.
و أخيراً قد يضطر المعلم لمتابعة طالب خاص برصد ثم جدولة تصرفاته على كل الأصعدة (السلوكية و الأكاديمية) عندما يتطلب الأمر . كأن يكون متراجعاً بشدة أو يعاني من صعوبات التعلم أو ...الخ ثم يعرض الجداول على ولي الأمر ، ليتعرف ولي الأمر على مسيرة ابنه بالتفصيل.
بالنهاية يجب على المعلم أن يسدد و يقارب فلا يغالي باستخدام الجداول الإحصائية بلا سبب لأنها ليست الهدف المباشر من العملية التعليمية، و لكنه بنفس الوقت يصمم الجداول الأساسية التي تسهل عملية قيادة الفصل بمهارة.
يعتبر برنامج المايكروسوفت أوفس بنِسَخِهِ المتطورة أهم برنامج في هذا المجال لغاية اليوم فيجب على كل مدرسة أن تزود معلميها بحواسيب مزودة بنسخة أصلية دون تحميل المعلم أعباء شرائها ، كما يجب أن توفر لهم التدريبات اللازمة لاستخدام هذا النوع من البرامج مجاناً .