أخر الأخبار >> مجلة المصباح دروب ثقافية أدبية * ثقافية * فنون تشكيلية كما نرحب بجميع المساهمات الواردة عبر البريد الإلكتروني m.droob77@gmail.com أهلا بكم أصدقائنا * مع تحيات أسرة التحرير

كن مدون

ذرةٌ من تراب "الفالوجة" لا يساويها مال الدُّنيا

مجلة حسين موسى توك
الحاج داود أبو خاطر
تقرير- هدى الدلو  


لاجئ أرغم على ترك أرضه ووطنه في بلدة الفالوجة يتحدث إلينا بعد مرور 64 عاماً على التهجير إذ كان يبلغ من عمره حينها 12عاماً، قصة الرحيل قسراً أشرعت أبواب المآسي والذكريات الأليمة في قلبه ووجدانه.. إنه الحاج داود أبو خاطر البالغ من العمر 76 عاماً، التقته "فلسطين" ليحدثها عن أيام التهجير:


يقول أبو خاطر:" في عام 1948 كان في الفالوجة لواءٌ للجيش المصري بقيادة السيد طه الملقب بـ "الضبع الأسود"، وقد صمد ثلاثة أشهر في حصار الجيش الإسرائيلي للفالوجة، ولم يخرج هذا اللواء إلا بعد اتفاقية وهدنة "رودس" وخرج معه من تبقي من الأهالي".

يتوقف عن الحديث ويضيف إلى ذكرياته التي لا ينساها: "أتذكر الجيش المصري والمعارك التي خاضها المجاهدون الفلسطينيون قبل مجيء الجيش المصري إلى الفالوجة، وقد كان جمال عبد الناصر قائد كتيبة في الجيش".

حصار
ويستكمل حديثه:" خرجت أنا وأشقائي مع أمي قبل بدء الحصار بيوم واحد مشياً على الأقدام تحت قصف المدفعية وإطلاق النار، وبقي والدي وأختي في البيت لوجود الغلّة، ولم نحمل معنا سوى لحاف وكيس طحين، ذهبنا إلى المجدل فكانت تحت قصف الصواريخ والمدفعيات، فذهبنا إلى بربرة ثم إلى هربيا إلى أن استقررنا في غزة".

ويتابع الحاج أبو خاطر: "أما والدي وشقيقتي فبعد أن نهب اليهود منهما الغلة والبقر والأغنام، خرجا إلى دور الخليل وهناك وجدا قافلة متجهة إلى بني سهيلا ومن ثم وصلوا إلى غزة".

وبين أنها كانت تشتهر بزراعة الحبوب كالقمح، والشعير والذرة والسمسم وغيرها، إضافة إلى أشجار التين واللوزيات، فتمتاز أرضها بأنها أوسع أرض زراعية في لواء غزة، كما وفيها بلدية وكان آخر رئيس لها الشيخ محمد عواد.

ويشير إلى أنه كان يوجد فيها سوق مشهورة كل خميس يأتي إليها التجار من جميع أنحاء فلسطين، كما يوجد فيها ورش نجارة ومصانع للفخار، ويكثر فيها الحدادون، ويقول: "يوجد فيها شارع رئيسي يمتد من المجدل إلى الخليل في شمالها، ويخترقها من الوسط شارع متجه إلى بئر السبع، ويوجد فيها مدرسة ابتدائية للإناث، وأخرى ثانوية للذكور قضيتُ فيها أجمل أيام عمري".

ويضيف:" يوجد في الفالوجة مسجد رئيس وسط البلد وفيه مقام المجاهد الكبير أحمد محيي الدين الفالوجي من بلدة الفالوجة في العراق لذلك سميت بهذا الاسم".

العادات والتقاليد
ومن أشهر العائلات: عائلة عيسى، وأحمد، وعقيلان، ورمضان، وعائلة السعافين، والمطرية، وقال الحاج أبو خاطر:" كانت المقاعد تكثر في الفالوجة فلكل حمولة مقعد يجتمع فيه أفراد الحمولة ويتناولون القهوة، ويفطرون جماعة في شهر رمضان، ومن العادات الموجودة أيضاً، أن كانت النساء تلبس الثياب المطرزة ومن أشهرها ثوب المندوب السامي وقد كان يطرز بالحرير الطبيعي، وتشتغل السيدة في تطريزه مدة عام كامل".

استغلَّ تخصّص "الجغرافيا" في تعريف طلابه بالأرض

أما الرجال فيلبسون الهندية "القمباز" والحطة والعقال، وفي أيام الأفراح كان الرجال يبدعون في الدبكة والسامر، والنساء تصطف صفين وتغني الأغاني، كما أنهم يخبزون الخبز ويطهون الطعام على فرن الطابون.

الحاج أبو خاطر الذي يعمل مدرس جغرافيا منذ 42 عاماً، استغل تخصصه في تعريف الطلاب كل فلسطين وتاريخها وجغرافيتها، ويقول:" أخذتُ أولادي عدة مرات لزيارة الفالوجة وأطلعتهم على بعض المعالم الباقية كآبار المياه والجسور الموجودة على وادي الفالوجة، وشاهدوا موقع بيتهم المهدوم وأشجار الزيتون، حيث زرعوا فيها اليهود غابة لطمس معالمها".

ويختم حديثه :" كلي أملٌ بالعودة إلى قريتي فلن أفرط بذرة من ترابها لو وضعي الشمس في يميني والقمر في يساري ولن أتنازل عنها حتى لو أعطوني مال الدنيا كله".
المصدر: صحيفة فلسطين

دروب أدبية

دروب المبدعين

دروب ثقافية