نص: فريد رمضان
جلسوا في صحن الدار، يداعبون سراب البيت ونهضة زينة شجرة اللوز الوارفة
بندى الصباح على وجوه الناعسين، وهم ممسوسين بوتر البحر، الذي أتعبه
النداء. استيقظوا على صوت الطبول، ونقيع النعام، وهديل الحمام، ونقنقة
الدجاج، التي تنثر بيضها في حوش الدار، وتتبع الديك الشامخ بغروره نحو سلال
الخبز المخبأة في المطابخ المفتوحة الأبواب.يستيقظون من أحلامهم، ويجلسون في صحن الدار:
هو، ربما كان رجلاً من ثمار البحر، ألقت به المراسي على ضفاف القرية، في ليلة خسوف، غنى فيها الأطفال حتى مطلع الحب.
هي، ربما كانت ملاكاً، غافلت النجوم وهبطت متخفية في شكل امرأة لها ملامح غزالة، تقفز من قلب إلى قلب.
هن، ربما كن نساءً يقرعن أجراس الكلام الكثير، الذي يقال في ظهيرة القهوة، وسلال البلح، وحين يداعبهن البحر بموجةٍ، يسرين خفافا في الأفق، ويجمعن في ثيابهن نثار الإستبرق من وجه الشفق.
هو، يجمع النساء ويحكي لهن عن سفرٍ طويلٍ، عاشر فيه أنثى الحيتان في أعماق المحيطات البعيدة. صارع أخطبوط المعابد البحرية، وعاد مجروح القلب والجسد.
هي، تخفي جناحيها، وتتوجه لجمع البيض، تحتضن طيف المساء الذي تخلف عن أصحابه، تخفيه عن عيون العذارى اللواتي خرجن من نعاسهن وتوجهن صوب البحر، ليغتسلن من الجنابة التي ارتكبنها في أحلامهن المتعمدة.
هن، يتخففن من عباءاتهن، ويطرحن سراويلهن المذهبة، ويستندن على الأرائك. يبدأن بسرد الهدير العائلي، وأسرار البيوت التي تتطاير من ثقوب الجدران.
بوح يستدل ببوح، وسر يكشف سراً، والكلام يتطاير بين ريش الديكة التي تتصارع في حوش الدار.
***
سنحاول معا أن نغسل البحر
أن ننفض ثوب السماء
أن ندحرج الكائنات
فقط لنصل إليك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.