يا قارئ بغداد
يا حادي النجم الضائع
يا سيد الورد في صحارى المبهم
ويا حادي الكلام المخبوء
المجلل بالغياب
المتلبس بالحنين
انهض من رملك وجبروت العزلة
يا حادي النور الضائع في القسوة
القاسي في الضياع
فصص جمرات الروح
ما تبقى من زهر القلب
وابحث في علامات النار
عما تبقى من غصة الكبد
وصرخة النكد
موجوع يا ابن أمي وخوفي ورعشتي
ميت على حافات غبنك
وتفاصيل المحرقة
يا قارئ بغداد
شرع قلبك للحكاية وشطط الروح
ما هو قادم معتم
ولا مسلك لك غير طواحين الرماد
ووحدتك ستميل نحوك...لوحدك
فليكن صدرك بحرا,
ولتكن عيونك نهرا,
ولتكن كفك جمرا,
وليكن هديرك ريحا,
سيلتفتون نحوك ولكن لا أحد يراك.
سيقولون ما دهاك,
ثم يمضون,
كأن شيئا كان,كأنك لم تكن.
شد قامتك للموج المكلس
واستعد لمحفل الفجيعة,
في انتظار ما بخبوه ملح المودة وبقايا العشرة الزائفة.
آني أراك إذ لا أحد يراك,
خطاك تنكسر على عتبات الظل,
ما لك لا ترى؟
تفتش عما تبقى من رماد رحيلك الأول,
عن همس الصراخ؟
عن ضجيج التصدع
عن لغة الصمت الذي مات,
عن تشظي الغصة
عن صراخ الحمام...عن كل ما فات,
عن رفرفة الطير,
وعطش الغيم
عن غربة البحر الهارب من لونه,
ملحه
وجبروت موجه.
خذ نفسا ولا تلتفت نحوهم,
فلن يسمع لموتك أحد.
يا قارئ بغداد
خانك الأهل والأحبة
وما تيسر من رفقاء الطرقات و الخلان,
ضرك من عرفوك وحمتك ظلال النخيل,
تديمك هذا المساء
العزلة وبعض الدخان.
خبئ الكأس يا ابن دمي وخوائي,
لا تلعب,لقد صرت كبيرا على النار.
هنا المحرقة,المشنقة وكل ما ابتدعوا,
لا ماء,لا ملح,لا خبز,سوى القفر,
تمهل قليلا واحذر من أن ترفع رأسك,
فلا سقف فوقك ألا ظلال السيف والاحبال.
ليسوا ضيوفك,عندما دخلوا من ثقوب الباب,
ليسوا أحبابك وذويك...
لن يكتفوا بقرى بعدما سكنوا البيت,لا
ولن تشبعهم طراوة لحم الغزلان
يضعون ألان في كفك المرتعشة خشبة وسكين.
هل تريد ما يريدون؟
ضع إذن جسدك على اللوح واكسر عظمه
الرأس,
قطع أوردة القلب وتوغل في جوف الخيبة.
أنت ولا جسد غيرك.
نعرفهم منذ زلت قدما الصحراء وانكشف سر الغيب,
نحرنا القمر لنرضيهم,
نحرنا الشمس لنضئ ظلمتهم.
نحرنا النجوم لنعجبهم,
نحرنا قامات الجبال لهم
نحرنا التربة والحجارة
وما تبقى في البرية من نفس وقلنا عسى.
نحرنا الجمل الأخير وهو يبكي عطش الروح,
نحرنا الثور الأخير,
الأسد الأخير,
وحتى النمر الأوحد في الغابة,
نحرنا المهر الأخير
والجواد الهارب من ظل الهزائم,
نحرنا ما تبقى من كرامتنا وقلنا عسى.
ولم تبقى ألا مرايا الكتاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.