أخر الأخبار >> مجلة المصباح دروب ثقافية أدبية * ثقافية * فنون تشكيلية كما نرحب بجميع المساهمات الواردة عبر البريد الإلكتروني m.droob77@gmail.com أهلا بكم أصدقائنا * مع تحيات أسرة التحرير

أحـدث المقالات

حوار :ـــ المخرجة روان الضامن: "قصة فلسطين" مظلومة عربيا وأجنبيا

أن تحاور صانعة أفلام، ومستشارة إعلامية، كرست سبعة عشر عاما من حياتها في الخبرة الأكاديمية والعملية في العمل الوثائقي والبرامجي التلفزيوني والرقمي، جلها لفلسطين، يحتم عليك أن تعود لعشرات المقالات والمواضيع حتى تصل إلى "لب الدسم" معها.
تمتلك رؤية إعلامية واضحة لتعزيز الرواية الفلسطينية على شتى المنابر، تقول:" قضيتنا قضية حق، أرى أنها يجب أن تبنى على دقة المعلومات، بمعنى أن لا نحاول
أن نعمل "بهار وملح" ومبالغات من أجل دعم رسالتنا، نحن لا نحتاج ذلك، وبالتأكيد أن لا نلجأ لـ"الكذب" أو "الإثارة" لأن هذا ليس من صالح قضيتنا"
المخرجة روان الضامن، في حوارها الخاص والشامل مع "المركز الفلسطيني للإعلام"، تؤكد أنها أخذت على عاتقها تعزيز الرواية الفلسطينية، فكانت "الضامن" الحقيقي بتشكيل حالة وعي بعيدة عن الإغراق بالعواطف، واضعة لنفسها "ثلاثية" لا تحيد ولا تميد عنها (الصدق، الاستراتيجية، الاستمرارية).

الضامن خلال إدارتها لورشة تدريبية

روان الحاصلة على درجة الماجستير (مع مرتبة الشرف) في الإعلام والاتصال من جامعة ليدز في بريطانيا، أصبح الإعلام بالنسبة لها نمط حياة، عملت على إعداد وإنتاج ومونتاج وإخراج أكثر من 25 ساعة من العمل الوثائقي، قدمت بعدة لغات، بما في ذلك "سلسلة النكبة" الوثائقية، الحائزة على أكثر من جائزة دولية.

عملت في الإنتاج الخارجي في شبكة الجزيرة الإعلامية عشر سنوات، أشرفت خلالها على أكثر من 250 حلقة وثائقية من برنامجي "تحت المجهر" و"فلسطين تحت المجهر"، أسست وأشرفت على عدة مواقع إلكترونية تفاعلية أهمها مشروع "ريمكس" فلسطين، أكبر موقع بصري تفاعلي يعنى بالقضية الفلسطينية، الحائز على جوائز دولية.
وهي المتحدثة اللبقة الحاضرة في أكثر من مائة مؤتمر وملتقى محلي ودولي، وعضو لجان تحكيم عدد من مهرجانات الأفلام العربية والدولية، وقدمت الدورات التدريبية المتخصصة في أكثر من عشر دول عربية وغربية. مؤخرا، حازت على جائزة الإبداع الإعلامي من مؤسسة الفكر العربي في بيروت (ديسمبر 2015).

وفيما يلي نص الحوار:

- تتبنين مشروع التعريف بالنكبة من خلال الإعلام، ما هي رؤيتك في هذا المجال؟

أتبنى شخصيا منذ سنوات طويلة التعريف بـ"قصة فلسطين"، بدأت بالكتب والتاريخ ثم تطور الأمر إلى الإعلام، ونكبة فلسطين جوهر أساسي في هذه القصة.

بدأت منذ الطفولة من خلال كتابين في التاريخ الشفوي عملت عليهما على مدى ست سنوات، وصدرا بعنوان "أطفال فلسطين أيام زمان" في العام (1994) و"التهجير في ذاكرة الطفولة"، في العام (1997)، في تلك الفترة كان مشروعي، مع شقيقتي "ديما"، التعريف بقصة فلسطين عن طريق الكتب والتأريخ، وجمع قصص التاريخ الشفوي لعشرات الفلسطينيين في الشتات الفلسطيني، وداخل فلسطين التاريخية.
الجهد الذي بذل من قبلي، ومن قبل مخرجين فلسطينيين وعرب وأجانب لتقديم قصة فلسطين إعلاميا على مدى العقدين الأخيرين، والثورة الإعلامية العربية، يستحق الاهتمام والإشادة، لكنه غير كاف، لأن الظلم كبير
لكن بعد أن درست الإعلام وعلم الاجتماع في جامعة بيرزيت في فلسطين، البكالوريوس، ثم الوثائقي، ودرست الإعلام في جامعة ليدز في بريطانيا، وتخصصت في المجال الإعلامي، وعملت فيه على مدى 17 عاما، منذ أول برنامج تلفزيوني قدمته عام 1999 أثناء دراستي البكالوريوس، وحتى اليوم، أصبح الإعلام حياتي.

عملت على نشر تفاصيل قصة فلسطين عبر الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزيون والإعلام الجديد، وتخصصت في "العمل الوثائقي" ولاحقا "الوثائقي التفاعلي"؛ حيث أنجزت إعداد وإخراج 25 وثائقيا، جلها عن فلسطين، وكلها متاحة على اليوتيوب بلغات متعددة منها سلاسل: (النكبة وأصحاب البلاد وثمن أوسلو)، وأشرفت على 250 وثائقيا من الفكرة إلى ما بعد البث على مدى ثمان سنوات ضمن برنامجي "تحت المجهر" و"فلسطين تحت المجهر" في شبكة الجزيرة الإعلامية، كان حوالي 80 وثائقيا منها عن فلسطين ترجمت للغات متعددة.

لذا من واقع معايشة "قصة فلسطين" على مدى 17 عاما، أرى أن الجهد الذي بذل من قبلي، ومن قبل مخرجين فلسطينيين وعرب وأجانب لتقديم قصة فلسطين إعلاميا على مدى العقدين الأخيرين، والثورة الإعلامية العربية، يستحق الاهتمام والإشادة، لكنه غير كاف، لأن الظلم كبير، ولأن الأعمال الإعلامية الصهيونية كثيرة وقوية، خاصة باللغات الأجنبية، والأعمال الإعلامية الضعيفة عن فلسطين، خاصة باللغة العربية، والتي تقدم فلسطين، عن غير قصد، بطريقة تقليدية أو بكائية أو سطحية أو إثارة دون داع، منتشرة أيضا.

لذا فإن "قصة فلسطين" مظلومة عربيا وأجنبيا، أي باللغة العربية، وأيضا باللغات الأخرى. وكذلك فإن الأعمال النوعية عن قصة فلسطين لم تحظ بـ"التسويق" الكافي، وبالتالي الوصول للمهتمين، ولا أتحدث هنا عن غير المهتمين، إنما الوصول "للمهتمين" بالقصة وفهم تفاصيلها. ولذا هناك مجال كبير للجميع للعمل في هذا المجال، وسيبقى هناك مجال رحب للعمل من الجميع، وفعلا نحتاج جهد كل الغيورين والمخلصين.

- قد يسأل البعض، وكيف يمكن أن نحقق الهدف الذي نتطلع له؟

إن كان الهدف هو التعريف بقصة فلسطين إعلاميا عربيا وعالميا بالقدر المطلوب، كما ونوعا، فإن هذا هدف كبير، يحتاج أن نضع استراتيجيات واضحة للجمهور المستهدف وكيفية الوصول إليه، فأحيانا مهم أن يكون "أوسع جمهور" لكن في أحيان أخرى مهم أن تكون "نوعية الجمهور" أي قد يكون جمهورا صغيرا عددا لكن مؤثر، وأعتقد أن الأهداف عندما تتحول لخطط واضحة تنجح.

وفي عملي الإعلامي الاستراتيجي عندما عملت على مدى سنوات في برنامج "فلسطين تحت المجهر" مثلا، الذي بدأ عام 2003 وتوقف عام 2016، كان الهدف أن نقدم أعمالا عن فلسطين تصل للجمهور العربي والعالمي معا، تدعم مخرجين مستقلين من داخل فلسطين وخارجها، تعرض في المهرجانات الدولية، وتصبح أداة للتعلم والتدريس عن فلسطين، ورغم أن هذه الأهداف قد تبدو متناقضة أو غير ممكنة، لكنني مع فريق صغير لديه إيمان بنفس الهدف، هما الزميلان خديجة أولاد عدي، وناجي التميمي، اللذان عملا معي على مدى أكثر من خمس سنوات في شبكة الجزيرة، استطعنا أن نحقق ذلك، بحمد الله.

وجميع الأعمال متاحة على اليوتيوب ومنها: (مستشفى الشفاء، معركة الأمعاء الخاوية، مناطق جيم، ولدن في النكبة، أقوى من الكلام، خارج الأسوار، المستنقع، ضد التيار)... وغيرها، لمخرجين فلسطينيين من فلسطين التاريخية والشتات، وضعوا ثقتهم في هذا البرنامج وأبدعوا من خلاله.

- هناك فرق ما بين عمل الأفراد والمؤسسات في تعزيز الأثر الإعلامي، كيف يمكن أن نحول الرسالة الإعلامية الفلسطينية إلى رسالة مؤسسية وليست فردية؟

اسمح لي، عزيزي، أن أخالفك الرأي، في هذا الزمن قد يكون إعلامي فرد أقوى من مؤسسة إعلامية، ذلك أن الإعلام "الجديد" (حسب الاسم القديم) أو "التفاعلي" (حسب المصطلح الجديد) يسلّح الفرد، حتى غير الإعلامي، بأدوات تمكنه من أن يصل للجمهور.

المهم هو التشبيك بيننا كأفراد ومؤسسات، من أجل أن نعرف عن بعضنا، أن ندعم بعضنا، لأن المحتوى الإعلامي هائل جدا

المهم هو ثلاثية (الصدق والاستراتيجية والاستمرارية)، بمعنى إن حافظت على الصدق وكسبت ثقة الجمهور، وكان لديك خطة واضحة لها معالم محددة وأدوات للتفنيد وقياس النجاحات والإخفاقات، وكان لديك الاستمرارية، بمعنى لديك فعلا "مشروع" وليس ضربات نجاح مؤقتة أو مشاريع غير مرتبطة، آنذاك ستنجح، سواء كنت فردا أو فريقا صغيرة أو مؤسسة كبيرة.

لكن المهم هو التشبيك بيننا كأفراد ومؤسسات، من أجل أن نعرف عن بعضنا، أن ندعم بعضنا، لأن المحتوى الإعلامي هائل جدا، كل دقيقة هناك ست ساعات جديدة تنزل على اليوتيوب، لذا علينا أن نضيء على "العمل النوعي" مما ينتج، وننشره قدر الإمكان ونرعاه، وأن نساعد بعضنا في التفريق بين الغث والسمين.

- ما أبرز الرؤى التي يمكن من خلالها بناء رسالة إعلامية تعزز الحق الفلسطيني بالعودة والأرض التي سلبها الاحتلال؟

إن الرسالة الإعلامية الخاصة بنا فلسطينيا، وقضيتنا قضية حق، أرى أنها يجب عدا الصدق والاستراتيجية والاستمرارية، أن تبنى على دقة المعلومات، بمعنى أن لا نحاول أن نعمل "بهار وملح" ومبالغات من أجل دعم رسالتنا، نحن لا نحتاج ذلك، وبالتأكيد أن لا نلجأ لـ"الكذب" أو "الإثارة" لأن هذا ليس من صالح قضيتنا.

إذا ركزنا على المعلومات ودقة المعلومات، وبناء القصة، التي بالطبع في جوهرها العاطفة، لكن دون الإغراق في العواطف، بل تقديم القصة بالطريقة الدرامية المناسبة التي تعكس "روح" القصة و"روح" الشخصيات التي نحملها في قصصنا، و"روح" فلسطين إن جاز التعبير، آنذاك سننجح، للأسف، كثير من الإعلاميين الفلسطينيين والعرب، لديهم نية طيبة للعمل، ومتعاطفون مع فلسطين، ولديهم معلومات عن فلسطين، لكن ليس لديهم "الطريقة" التي يمكن أن تدعم الرسالة ووصولها للجمهور المستهدف، ولذلك عملهم لا يعيش "طويلا"، يضيع بسرعة.

- من تجربتك الشخصية، ما هي العوامل المساعدة في إنجاح أي مشروع إعلامي يتبنى القضية الفلسطينية؟

أعتقد أن أي مشروع إعلامي يتبنى في جوهره القضية الفلسطينية، يمكنه أن يستفيد جدا من العديد من العوامل، الأول، هو الإدراك أن ما يجمعنا كفلسطينيين أكبر بكثير مما يفرقنا، فما يجمع ابن الخليل مع ابن الناصرة مع ابن رفح، مع ابن مخيم الوحدات مع ابن شيكاغو أو مونتريال من أصل فلسطيني، هو أكبر وأوسع بكثير مما نتخيل، لأننا كلنا فلسطينيون سلبت منا الحركة الصهيونية الوطن، وحاولت تشويهه وتحويله لشيء آخر في جوهره العنف والظلم.
أي مشروع إعلامي يتبنى في جوهره القضية الفلسطينية، يمكنه أن يستفيد جدا من العديد من العوامل، الأول، هو الإدراك أن ما يجمعنا كفلسطينيين أكبر بكثير مما يفرقنا

العامل الثاني، أن علينا التعاون مع كل من يمكن أن يدعم قضيتنا من العرب، الذين نشترك معهم في الثقافة واللغة والحضارة والتاريخ، وما يجمعنا معهم أكبر بكثير مما يفرقنا، والتعاون مع الأجانب المتعاطفين مع قضيتنا، والذين يمكن أن يحملوا قصتنا بلسانهم بطريقة لا يمكننا ذلك، لمجتمع يعرفونه جيدا ويعرفون لغته وثقافته أفضل بكثير منا، ويمكن أن يكونوا مفيدين لنا جدا، وأن نتعلم منهم، في كثير من الحالات نركز على أنفسنا نحن الفلسطينيين، بدل العمل مع العرب وغير العرب من أجل قضيتنا.

العامل الثالث، أن ندرس الصهيونية والمجتمع الإسرائيلي، فكثير من الإعلاميين الفلسطينيين يكتفون بدراسة فلسطين والفلسطينيين، متناسين أن علينا دراسة المشروع الصهيوني الذي ما زال يحاربنا بالإرهاب الصهيوني، وعلينا الاستفادة من "أصحاب البلاد"، فلسطينيي الداخل الذين يتقنون اللغة العبرية، ويعرفون جيدا دواخل المجتمع الإسرائيلي ليساعدنا على دعم قضيتنا.

- ما هي أبرز مشاريعك المستقبلية لتعزيز الرواية الفلسطينية؟

أقدم، كمديرة مؤسسة "ستريم للاستشارات الإعلامية" تدريبات واستشارات إعلامية في كيفية تقديم قصة فلسطين، وكذلك تقديم دورات مهنية إعلامية في تطوير المهارات في مجال العمل الوثائقي، والوثائقي التفاعلي، وكيفية طرح القصة والأثر الإعلامي، لأن تطوير المهارات المهنية يفيد قصتنا، كما أنني أدير حاليا مشروع "ريمكس فلسطين" التفاعلي www.palestineremix.net والذي يستهدف المؤسسات الأكاديمية العربية والغربية من أجل تعليم قصة فلسطين للمدارس والجامعات، وقد انطلق المشروع منذ 2014، بتقنية غير مسبوقة، وما زلت أطوره وأديره لليوم.

وكذلك أعمل بشكل تطوعي كعضو الأمانة العامة لمنتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال، وأعمل حاليا على تفاصيل جائزة "الإبداع الإعلامي من أجل فلسطين" والتي تفتح مشاركة دورتها الأولى صيف العام الجاري، لدعم كل أشكال الإبداع في العمل الإعلامي من أجل فلسطين، كما أنني أسهم كعضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، في محاولات حثيثة لرفع صوت فلسطينيي الخارج من أجل فلسطين.

- كيف ترين الدراما الفلسطينية؟ 

بصراحة، أنا غير راضية عن وضع الدراما الفلسطينية، وبعض التجارب الدرامية الفلسطينية التي تعرض في المهرجانات العربية والدولية، لأنها للأسف ليست بالمستوى المطلوب، وتحظى بالاهتمام "فقط" لأنها دراما، لدينا في تراث الدراما العربية عن فلسطين أعمال بمستوى احترافي وصادقة وخالدة منها "كفر قاسم" لبرهان علوية، و"المخدوعون"، وهي أعمال من المؤسف أنه لم نقدم، فلسطينيا، أعمال بمستواها، وقد أنتجت في السبعينات، لاحقا.

لكن الدراما عن فلسطين، بحمد الله، هناك أمثلة قوية لها، وأقوى مثال دائما أتحدث عنه هو مسلسل الوعد (The Promise) وهو من إخراج المخرج البريطاني المعروف بيتر كوسمنسكي، الذي عمل عليه كتابة وإخراجا ثماني سنوات، وصوره في فلسطين، وهو متاح على اليوتيوب باللغة الإنجليزية، وهو أربع حلقات درامية تلفزيونية، كل منها ساعة ونصف، عن قصة جندي بريطاني أيام الانتداب البريطاني في فلسطين في الأعوام 1946 – 1948 وحفيدته اليوم. وأدرك أن الدراما بحاجة لتمويل أعلى من الوثائقي، وفرق أكبر عددا وعدة، وأن أثرها في متابعة الجمهور، خاصة المسلسلات، لها أهمية كبيرة، لذا آمل أن تستطيع الدراما الفلسطينية أن تخطو خطوات هامة للأمام في السنوات القادمة.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام
* صفحة روان الضامن على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وقناتها على اليوتيوب:
www.facebook.com/damenrawan/
www.youtube.com/user/rawandamen

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.

دروب أدبية

دروب المبدعين

دروب ثقافية