تجديد مشروعنا الإنساني كأقلية قومية يقف اليوم على راس سلم الأولويات. التطورات السياسية اثبتت انه لا يمكن الثقة بحكومات يسيطر عليها اليمين ، واليمن الأكثر تطرفا وعدائية للجماهير العربية. اعضاء الكنيست العرب ، يراوحون مكانهم، لا شيء جديد تحت الشمس، تصريحات دون نشاط فعلي. اجل، هل من اهتمام باعداد الجماهير العربية لخوض نضال لا يتوقف ضد قانون القومية مثلا؟ لماذا اكتفينا بالاحتجاج وتوقفنا؟ هل هي علامة قبول واستسلام؟ لا يمكن استعراض كل التفاصيل التي يعاني منها مجتمعنا العربي في اسرائيل بظل سياسيات التمييز والتجاهل للضائقة والاهمال.
في العلوم السياسية هناك موضوع مثير للاهتمام والدراسة ، ويتعلق بأشكال الحكم ، ليس بكونها ديموقراطية او غير ديموقراطية، انما بكونها تحترم الأقليات وحقوقها او تمارس ضدهم كل اصناف التمييز والابعاد عن التأثير على القرار، بكل ما يخص قضاياهم المصيرية.
لا نستطيع القول ان اسرائيل دولة غير ديموقراطية مثلا، لكن اسلوب تطبيق السلطة هنا هو الامتحان الحقيقي لمفهوم الديموقراطية السليمة.
العلوم السياسية تطرح شكلان من السلطة، وتعالوا نقول ان ما يعنيني هنا هو الأنظمة الديموقراطية. التي ايضا تنفذ شكلان من السلطة بكل ما يخص الاقليات.
الشكل الأول يعرف ب "السيطرة" والشكل الثاني يعرف ب " التسوية".
نرى مثلا ان الدول التي تعاني كاسرائيل بوجود قوميتان غير مندمجتان ، بل بينهما نزاع قومي، يضاف اليه تمييز في الحقوق المختلفة، والحرمان من حصة مساوية بالميزانيات وبكل الحقوق الأخرى التي ترتبط بشكل مباشر بقرارات السلطة، ومنها الأراضي والتخطيط، الحكم المحلي والرفاهية الاجتماعية، القضايا الثقافية ، التربية والتعليم، التطوير الاقتصادي والأشغال والمجال القانوني وغير ذلك من قضايا أقل اهمية.
من الدول التي تعتمد طابع "السيطرة" ، نجد ان اسرائيل هي نموذج بارز لهذا الطابع، والطابع الثاني هو "التسوية"، في الطابع الأول "السيطرة" تعتمد الدولة على الأكثرية الديموغرافية للسكان، وعلى القوة الاقتصادية والسياسية للأكثرية السكانية، ربما من هنا نجد ان السلطة غير معنية مثلا بدمج الاقتصاد العربي بشكل كامل بالاقتصاد اليهودي وكل دمج هو حالة من خارج سيطرة السلطة المباشرة، الهدف ان لا تعطي للمجتمع العربي قوة اكثر مما خطط في الغرف المغلقة، لأن الاقتصاد هو قوة سياسية واجتماعية لا يمكن الاستهتار بها اذا تحولت الى عامل مؤثر على مجمل الناتج القومي الاسرائيلي. رغم ان عدم الدمج الاقتصادي الكامل يسبب انخفاض بالمجمل العام للناتج القومي، طبعا بنسبة صغيرة قد لا تكون اكثر من 2% -3% في اسرائيل، لكن حتى هذه النسبة هي مبلغ كبير جدا ومؤثر جدا اقتصاديا وسياسيا، يفرض تأثيره على مجمل القرارات السياسية للحكومة الاسرائيلية.
اسلوب السيطرة يعمل على التضييق على خطوات الأقلية كما اسلفنا وبكل المجالات، وخاصة بمجال وحدتها وتجنيدها وراء المطالب الحيوية للمجتمع العربي. الأهم والأخطر انها تمنع صعود قوة الأقلية السياسية. من هنا رؤيتي لقصور اعضاء الكنيست العرب بعدم فهمهم لأهمية دورهم البرلماني، بأن الموضوع ليس مجرد تصويت مع او ضد قرارات، بل القيام بحملة تنوير اجتماعية سياسية تشمل المجتمعين اليهودي والعربي بشرح مخاطر سياسة السيطرة الحكومية وضررها على مجمل الواقع الاسرائيلي بشقيه العربي واليهودي، وهذا يتطلب تطوير خطاب سياسي راقي وعلمي.
الشكل الثاني من السلطة هو شكل "التسوية" والتي تنشط بالاتجاه المعاكس تماما، والتي ترى ان دمقرطة العلاقة بشكل كامل بين الأكثرية والأقلية، واعطاء مساواة كاملة، بما في ذلك سلطة ذاتية بمواضيع مثل التعليم والثقافة والحكم المحلي والأراضي ، يؤمن الاستقرار والعلاقات بين المجمعتين السكانيين.
هناك تجارب عديدة في عالمنا حول الأسلوبين، مثلا شمال ايرلندا عانت من السيطرة البريطانية، ايضا في اسبانيا تعاني مقاطعات لأقليات قومية من التمييز والسيطرة، برشلونه مثلا، التي منع الديكتاتور الاسباني في وقته فرانكو من استعمال البرشلونيين للغتهم القومية، اليوم اعادوا تطوير لغتهم ويحاولون الانفصال عن اسبانيا، الواقع الاسباني اليوم انه يجري تفضيل الأكثرية عن سائر الأقليات. النتائج في شمال ايرلندا كانت مدمرة للجانبين البريطاني والايرلندي. طبعا الشكل الديموقراطي بالسيطرة قائم بحجة انه قرار الأكثرية البرلمانية، رغم ان ذلك هو تشوية للمفاهيم الديموقراطية. اسلوب السيطرة قد يلقى نجاحات معينة على المدى القصير، لكنه بالمدى الطويل سيلقى انتفاضات دموية غير سهلة، وهذا ما نعرفه في الوسط العربي في اسرائيل من تجربتنا. ولا اتحدث عن المناطق الفلسطينية المحتلة.
الصورة تختلف من الدول التي طبقت اسلوب التسوية، مثلا في بلجيكا وسلوفاكيا وغيرها، طبعا هناك مشاكل في البداية، لأن الأقليات التي كانت مضطهدة يميلون لعدم الاكتفاء بالمساواة الاقتصادية ويواصلون نضالهم للانفصال والاستقلال بمقاطعاتهم حتى بعد اقرار الدولة بحقوقهم ومساواتهم الفعلية. لكن بالتلخيص الأخير اسلوب التسوية يلقى نجاحا كبيرا على المدى البعيد. ويؤمن النمو الاقتصادي والسياسي رغم ان بعض العوائق تواصل تأثيرها السلبي، لكنها تتضاءل بالتدريج.
من هنا نقدي لنواب الكنيست وعدم رؤيتي انهم يؤدون دورهم، الثرثرة قد تكون سياسة، لكن السياسة هي الحقوق والتطوير الاقتصادي والحقوق المختلفة التي عرضتها في مقالي.
nabiloudeh@gmail.com
في العلوم السياسية هناك موضوع مثير للاهتمام والدراسة ، ويتعلق بأشكال الحكم ، ليس بكونها ديموقراطية او غير ديموقراطية، انما بكونها تحترم الأقليات وحقوقها او تمارس ضدهم كل اصناف التمييز والابعاد عن التأثير على القرار، بكل ما يخص قضاياهم المصيرية.
لا نستطيع القول ان اسرائيل دولة غير ديموقراطية مثلا، لكن اسلوب تطبيق السلطة هنا هو الامتحان الحقيقي لمفهوم الديموقراطية السليمة.
العلوم السياسية تطرح شكلان من السلطة، وتعالوا نقول ان ما يعنيني هنا هو الأنظمة الديموقراطية. التي ايضا تنفذ شكلان من السلطة بكل ما يخص الاقليات.
الشكل الأول يعرف ب "السيطرة" والشكل الثاني يعرف ب " التسوية".
نرى مثلا ان الدول التي تعاني كاسرائيل بوجود قوميتان غير مندمجتان ، بل بينهما نزاع قومي، يضاف اليه تمييز في الحقوق المختلفة، والحرمان من حصة مساوية بالميزانيات وبكل الحقوق الأخرى التي ترتبط بشكل مباشر بقرارات السلطة، ومنها الأراضي والتخطيط، الحكم المحلي والرفاهية الاجتماعية، القضايا الثقافية ، التربية والتعليم، التطوير الاقتصادي والأشغال والمجال القانوني وغير ذلك من قضايا أقل اهمية.
من الدول التي تعتمد طابع "السيطرة" ، نجد ان اسرائيل هي نموذج بارز لهذا الطابع، والطابع الثاني هو "التسوية"، في الطابع الأول "السيطرة" تعتمد الدولة على الأكثرية الديموغرافية للسكان، وعلى القوة الاقتصادية والسياسية للأكثرية السكانية، ربما من هنا نجد ان السلطة غير معنية مثلا بدمج الاقتصاد العربي بشكل كامل بالاقتصاد اليهودي وكل دمج هو حالة من خارج سيطرة السلطة المباشرة، الهدف ان لا تعطي للمجتمع العربي قوة اكثر مما خطط في الغرف المغلقة، لأن الاقتصاد هو قوة سياسية واجتماعية لا يمكن الاستهتار بها اذا تحولت الى عامل مؤثر على مجمل الناتج القومي الاسرائيلي. رغم ان عدم الدمج الاقتصادي الكامل يسبب انخفاض بالمجمل العام للناتج القومي، طبعا بنسبة صغيرة قد لا تكون اكثر من 2% -3% في اسرائيل، لكن حتى هذه النسبة هي مبلغ كبير جدا ومؤثر جدا اقتصاديا وسياسيا، يفرض تأثيره على مجمل القرارات السياسية للحكومة الاسرائيلية.
اسلوب السيطرة يعمل على التضييق على خطوات الأقلية كما اسلفنا وبكل المجالات، وخاصة بمجال وحدتها وتجنيدها وراء المطالب الحيوية للمجتمع العربي. الأهم والأخطر انها تمنع صعود قوة الأقلية السياسية. من هنا رؤيتي لقصور اعضاء الكنيست العرب بعدم فهمهم لأهمية دورهم البرلماني، بأن الموضوع ليس مجرد تصويت مع او ضد قرارات، بل القيام بحملة تنوير اجتماعية سياسية تشمل المجتمعين اليهودي والعربي بشرح مخاطر سياسة السيطرة الحكومية وضررها على مجمل الواقع الاسرائيلي بشقيه العربي واليهودي، وهذا يتطلب تطوير خطاب سياسي راقي وعلمي.
الشكل الثاني من السلطة هو شكل "التسوية" والتي تنشط بالاتجاه المعاكس تماما، والتي ترى ان دمقرطة العلاقة بشكل كامل بين الأكثرية والأقلية، واعطاء مساواة كاملة، بما في ذلك سلطة ذاتية بمواضيع مثل التعليم والثقافة والحكم المحلي والأراضي ، يؤمن الاستقرار والعلاقات بين المجمعتين السكانيين.
هناك تجارب عديدة في عالمنا حول الأسلوبين، مثلا شمال ايرلندا عانت من السيطرة البريطانية، ايضا في اسبانيا تعاني مقاطعات لأقليات قومية من التمييز والسيطرة، برشلونه مثلا، التي منع الديكتاتور الاسباني في وقته فرانكو من استعمال البرشلونيين للغتهم القومية، اليوم اعادوا تطوير لغتهم ويحاولون الانفصال عن اسبانيا، الواقع الاسباني اليوم انه يجري تفضيل الأكثرية عن سائر الأقليات. النتائج في شمال ايرلندا كانت مدمرة للجانبين البريطاني والايرلندي. طبعا الشكل الديموقراطي بالسيطرة قائم بحجة انه قرار الأكثرية البرلمانية، رغم ان ذلك هو تشوية للمفاهيم الديموقراطية. اسلوب السيطرة قد يلقى نجاحات معينة على المدى القصير، لكنه بالمدى الطويل سيلقى انتفاضات دموية غير سهلة، وهذا ما نعرفه في الوسط العربي في اسرائيل من تجربتنا. ولا اتحدث عن المناطق الفلسطينية المحتلة.
الصورة تختلف من الدول التي طبقت اسلوب التسوية، مثلا في بلجيكا وسلوفاكيا وغيرها، طبعا هناك مشاكل في البداية، لأن الأقليات التي كانت مضطهدة يميلون لعدم الاكتفاء بالمساواة الاقتصادية ويواصلون نضالهم للانفصال والاستقلال بمقاطعاتهم حتى بعد اقرار الدولة بحقوقهم ومساواتهم الفعلية. لكن بالتلخيص الأخير اسلوب التسوية يلقى نجاحا كبيرا على المدى البعيد. ويؤمن النمو الاقتصادي والسياسي رغم ان بعض العوائق تواصل تأثيرها السلبي، لكنها تتضاءل بالتدريج.
من هنا نقدي لنواب الكنيست وعدم رؤيتي انهم يؤدون دورهم، الثرثرة قد تكون سياسة، لكن السياسة هي الحقوق والتطوير الاقتصادي والحقوق المختلفة التي عرضتها في مقالي.
nabiloudeh@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.