ككلّ فصلٍ
يأتي الحزنُ بلا وجهٍ
يسلخُ قاعَ الليلِ
بنصفِ إبرةْ
علّهُ ينفُذُ للشطِّ الأخيرِ من المنفى
يرتطمُ بحزنينِ
ودمعتينِ
وقوسين من سرابْ
يمنحُ لآلئَهُ للريحِ
يسقي الصبّارَ رُعافَهُ
لا زلتُ أنتظرُ الأمسَ
ليأتيَ الوراءُ متقدماً
منتشياً برغوةِ التيهِ
ملقياً على ركامِ اليبابِ
وردةً من نـحاسٍ وقمرْ
يرتجفُ ظلّي
أتخفّفُ من نصفي
أبحثُ عن كفّي من نصفي الآخرِ
عن غيمةٍ مزروعةٍ في جمجمةٍ من زجاجْ
أبحثُ عن لغةٍ نسيتُ أن أسألَها
عن النسيانْ
بعين سوسنةٍ
أرقبُ القوافلَ التي تنوءُ
بالهواجسِ والترّهاتْ
وترانيمَ احتفرتْ صخرَ الدروبْ:
"هطل الحزنُ علينا
من ثنياتِ الغياب"
يتنهّد الشفقُ
أسمع لُهاثَ سلاسل َ
تجرُّ مواتَ الأعوامِ
نشيجُ دوارقَ
ملّتْ خريرَ الفراغِ
أشباحُ الريح تماحكُ نعوشَ الأرزِ
جيوشُ الهشيمِ تسرقُ نعاسَ المدى
نداءُ أمي يبعثرُ استداراتِ البياضْ
غيّري دمعَكِ
ما عادتْ قوافلُ الملحِ تعبرُ مآقينا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سلوى البناني
فنانة تشكيلية وشاعرة