بعد نشر مقال نصائح تربوية للتعامل مع المراهق ثم اتبعته بمقال صادقى فتاتك يا أختاه بناء على طلب احدى الفتيات التى قرأت المقال وارادت أن أوجه نصيحه لجميع الأمهات لمعرفة الاسس الصحيحة التى يجب ان يتعاملن بها مع فتياتهن وخاصة فى مرحلة المراهقة ، ها أنا ذا استجيب لطلب الاخت الشاعرة البليغة ثريا نبوى للكتابة عن كيفية تهذيب سلوكيات الأطفال وإن كانت هى اقدر منى على الكتابة فى ذلك الى انى
سأستعين بالله وأدلى بدلوى فمن دل على خير فله مثل اجر فاعله ولعل الله ينفع به ويكون معينا على فهم سلوكيات الأطفال ودوافعها وكيفة الانفعال والتفاعل الصحيح معها ولنتذكر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسن تربية اطفالنا بقوله " ربوا أولادكم صغارا تقر أعينكم بهم كبارا "
قبل ان ابدأ توجيهاتى أنوه : ان الولد مرأة ابيه ( أبويه) ، ومن يشكو ولده يشكو نفسه ، فـ " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه " أى أن المولود يولد صفحة بيضاء وأبواه يخطون عليها ما يشاءون فإن كانوا فنانين متمكنين من فنهم - اسس التربية الصحيحة _ كانت لوحتهم بارعة تبهر الناظرين ، وان دخلوا السباق على غير هدى ستكون لوحتهم دربا من العبث والغوغائية والأشكال غير الدالة او المفهومة ، وعندئذ لا يلوم صاحبها الا نفسه اذ يجب عليه ان يعد العدة قبل ان يدخل السابق و ويعرف واجبات الدخول فيه وذلك عن طريق :
اولا : يجب ان يتعهد الشباب انفسهم بالتربية والتهذيب والثبات على مكارم الأخلاق وسعة الأفق والمعرفة ثم التعرف على حق الزوج والولد قبل ان يقبل على الزواج فإذا وجد فى نفسه قدرة على أداء هذه الحقوق أقدم مستعينا بتوفيق الله على التثبيت على أدائها .
ثانيا : ان يحسن اختيار زوجته وأم ابنائه وفقا للتفضيل الذى أرشد اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم " فاظفر بذات الدين تربت يداك " لأن دينها سيلزمها بحسن تبعل زوجها وتمام رعاية ابنائها .
ثالثا : أن يتفق الزوجان على اسس التعامل فيما بينهما وبما يحفظ هيبتهما أمام ابنائهما .
رابعا : أن يحرصا على مناقشة مشاكلهما بشكل هادئ وبعيدا عن مشاهدة الأطفال حتى لا تترسخ لديهم صورة الشجار والتشاحن دون فهم مغزاها مما ينعكس على طباعهم وانفعالهم .
خامسا : أن يظهر الآباء الود والرحمة والحب فى التعامل فيما بينهما أمام ابنائهما دون الخروج على أصول اللياقة التربوية ، وان يشملا ابنائهما بالعطف والحنان والتعبير المستمر عن الحب لهم .
سادسا : ان لا يدفع الحب الى التدليل المفرط الذى يؤدى الى الميوعة واللا مسئولية ولكن يجب ان يكون هناك توسط بين التعبير عن الحب والعقاب على الخطأ إذا تكرر رغم النصح والارشاد وعلى أن لا يكون العقاب مدمرا نفسيا او محبطا ذهنيا أو دافعا للشعور بالنقص والعجز .
سابعا : أن يحرص الآباء على العدل بين الأبناء فى التعامل حتى فى النظرة والقبلة والإشادة والمكافئة والتحفيز .
ثامنا : أن يراعى الآباء القدرات العقلية والصفات الشخصية التى تميز كل طفل وبالتالى يسعوا لتنمية وتطوير قدرات الموهوب ، ويتابعوا ويجتهدوا ليرتقوا بالضعيف مع البحث عن الوسائل المعينة واستشارة المتخصصين حتى لا تترك التربية غير المسئولة اثرا فى نفس الطفل مع الانتباه الى عدم المقارنة بين الابناء او الرفقاء لإظهار التماتيز بينهم مما قد يولد العند واللا مبالاة والاصرار على عدم التغير .
تاسعا : ان لا يقيس الآباء قدرات ابنائهم على قدراتهم أثناء طفولتهم فلكل زمان وسائله ومؤثراته وتطوراته واهتماماته لذا قالوا " ربوا أولادكم على غير أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم " .
عاشرا ، ان نراعى فى تربية الأبناء التوازن بين الجانب البدنى والنفسى والعقلى والروحى بحيث لا يطغى جانب على آخر مع تمييز الجانب الروحى وجعله المقوم والدافع للجوانب الأخرى .
الحادى عشر : ان نراعى حالة الأطفال النفسية وانعكاساتها السلوكية والانفعالية وان نلم بالأساليب التى تمكننا من تهذيبها وترويدها وتغيير مسارها حتى لا تترك اثرا دائما ينعكس على شخصيته لا حقا .
الثانى عشر : أن نوفى إذا واعدناهم بشئ ، وان نتعهدهم بشئ من الترفيه وأن نختصهم بالوقت الكافى للحوار والتقارب والتفاهم والنقاش واحترام آرائهم مهما كانت والنظر الى الجوانب الايجابية فيها والاشادة بها .
الثالث عشر : ان نوطد علاقاتهم بالأقارب والجيران والأصدقاء بحسن الذكر والزيارات والتهادى وصلة الأرحام والتبصير بحقوقهم مع الحرص على بيان حدود التعامل الشرعية مع كل منهم .
الرابع عشر : ان نحسن استغلال اوقات فراغهم فقد قالوا ان لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل فلا نتركهم هملا للتلفاز واللعب الأهوج والاختلاء بأنفسهم ، ولكن يجب التخطيط لحسن استغلال هذه الأوقات وتقسيمها ما بين حفظ للقرآن وتعليم لرياضات واطلاع وقراءة وبحث وتسجيل ، واشتراك فى مسابقات ودخول فى منافسات ورحلات وترفيهات وحسن اختيار الاصدقاء وحسن تنظيم لاستخدام وسائل التكنولوجيا .
الخامس عشر : ألا يتواكل أحد الأبوين على الآخر فى أداء جميع هذه المهمات مهما كان انشغاله فلابد ان تتوزع بينهما المسئوليات و يترك كل منهما أثره حتى تترسخ فى نفس الطفل ويقر بعدم تقصير اى طرف فى حقه وحتى يتقن أداء دوره نحو اهله ومجتمعه لاحقا .
السادس عشر : ان يشرك الآباء الابناء بلطف فى عثراتهم ولحظات ضيقهم حتى يعيشوا همومهم ويتوسطوا فى متطلباتهم ، كما يجب ان يجودوا عليهم ويشعروهم بأوقات رخائهم وتيسر حالهم فيعلموا ان الحياة دول ما بين شدة ورخاء وما بين يسر وعناء و ان يعلموهم الصبر على الضيق والشكر على النعم وان النعمة لا تدوم .
السابع عشر : أن يعلموا ابناءهم الايثار والتفانى من أجل الغير ودفع الأنيانية وان يكونوا اصحاب همة ورسالة وأن قيمة الانسان تزداد بقدر ما ينفع الغير ويقدم للبشرية من خير .
الثامن عشر : ان يحكوا لأبنائهم عن حياتهم وتاريخهم وتاريخ أمتهم وجذور حضارتهم ويرسخوا لديهم العزة وان الأيام دول وان التاريخ لا يسير على وتيرة واحدة وانما تكتب الأمم تاريخها الزاهر بجهد وعقول ووعى ابنائها .
التاسع عشر : يجب ان يحرص الأباء على ان توافق اقوالهم افعالهم وان لا يأمروا ابناءهم بما لا يتمثلون به ، وان يكونوا قدوة حسنة فى جميع احوالهم ، والرفق فى تقويم ما قد يتأثر به الابناء من محيطهم مما قد يخالف ما تفانوا لتربيتهم عليه فالطفل يحب ان يقلد وعلى الآباء الرفق وحسن التوجيه .
العشرون : مع كل ما سبق لا بد أن تكون للآباء رسالة عامة يفيدون بها مجتمعهم ،وان يكونوا بصيرين بزمانهم متفاعلين مع هموم امتهم واوطانهم رافعين لراية دينهم .
أذا توفر كل ماسبق فى اسس التربية فسيكون الابناء حقا قرة عين وزينة الحياة الدنيا كما نريد ، فالولد مرآة أبيه فليتعهد كل منا نفسه وليحدد على أى صورة يحب ان يرى ولده ، فهكذا علمتنا الحياة ان النتائج تبنى على المقدمات ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا .
لا شك ان المهمة شاقة وانها تحتاج الى جهد دائم وصبر ومثابرة ولكن ما دمنا قبلنا ان نحمل الأمانة فلنؤدى دورنا كاملا صوبها ولنتذكر دائما قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته "
فاللهم اعنا على حسن تربية اولادنا وحسن رعايتهم والقيام بواجبنا على الوجه الذى يسرنا بين يديك ، وهب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما .
احلام الجندى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.