أخر الأخبار >> مجلة المصباح دروب ثقافية أدبية * ثقافية * فنون تشكيلية كما نرحب بجميع المساهمات الواردة عبر البريد الإلكتروني m.droob77@gmail.com أهلا بكم أصدقائنا * مع تحيات أسرة التحرير

أحـدث المقالات

الكتابة النسويّة و سلطة الجسد ـــ ملفّ ــ المرأة وهي تكتب يتحول الجسد في قبضتها لهالات ضياء 5

حسنة أولهاشمي ، شاعرة من المغرب :  
نتيجة بحث الصور عن حسنة أولهاشمي ، شاعرة من المغربالكتابة كمفهوم قيمي جمالي وفني ،لا يقبل خنقا واستبدادا في جوهره وشمولية وشساعة دلالاته.. والكتابة كفعل وكحق لا يمكن فصله عن أهم عنصر يُفَعل هذا الحق ، وهو الحرية ، بالحرية تُضمن حياة الكتابة وامتدادها ، وبالتالي فالكتابة هي حرية قبل كل شيء ، لهذا فكل تقسيم جائر لحامل القلم – أعني التقسيم البيولوجي- لصاحب الحبر هو في حد ذاته ظلم لحرية الكتابة وخنق لكينونتها.. تقسيمنا وتمييزنا لكتابة المرأة وكتابة الرجل هو ولوج في متاهة تضر بقيمة الأدب ورسالته الخالدة .. الأدب فوق كل ” نعرات” همجية تلذذت الإيديولوجية العليلة في ترسيخها ، الإبداع حق مشروع ، يُباد معناه الحقيقي حين ينشغل الفكر الإنساني بتفاهة التمييز الجنسي / ذكر / أنثى.. الإبداع هو
توقيع أثر إنساني وتخليد قيم بانية لحضارات وشعوب وعقول ، والإنسان بمفهومه السامي هو الفيصل في تثبيت هذه البصمة وهذا الأثر الأدبي المجيد ، أقول “الإنسان ” ولا أقول رجلا أو امرأة.. العقل العربي حين يغتسل من قذارة السلطة الوهمية والتفضيل الذكوري القاتل أنذاك يمكننا الحديث عن أدب سليم ومسالم ، مهما بلغنا من درجات “التحضر” لن تستقيم الأهداف مادامت غرف العقول يسكنها غبار التفوق الذكوري وعناكب الأبيسية المسمومة.. المجتمع الواعي السليم هو الذي يثق في كفاءة أبنائه ، دون تفضيل جنسي، يعترف بجهودهم ويبذل الكثير في ترسيخ مبادئ نقية صحيحة تناهض اللمس بكنه الكينونة والإنتماء. المرأة والكتابة موضوع شاسع وفسيح، وارتباطا بالموضوع الذي بين أيدينا سنركز على سلطة الجسد في ” الكتابة النسوية ” – رغم رفضنا للتعبير الأخير- نضطر لاستعماله كرها ، لدواعي هذا البحث وليس اقتناعا وإيمانا بالتقسيم المغلوط .. أقول أن علاقة الأدب والنوع الإجتماعي تحكمه عدة عوامل يتداخل فيها التاريخي، الاقتصادي ،الاجتماعي، العقدي ، الثقافي والنفسي ، لهذا فهي علاقة مربكة ومتوترة تغني الخطاب الأدبي وتؤجج أسئلة عميقة تروم قضاياه الشائكة ، وخاصة القضية المتعلقة هنا بالنص المؤنث ، هذا النص الذي لا يسلم من رقابة ، نجده دائم التمدد على مشرحة العين الذكورية ، التي غالبا ما تريد حصره في خانة الدنيء والجنسي المادي والشهواني الزائل ، وتصرعلى غمس هذا النص في مياه تخدم رغبات مشوهة وكبت روحي مريع.. الجسد كثيمة أساسية في المنجز الإبداعي وُظفت لإغناء المادة المكتوبة سواء كانت شعرا أو رواية أو قصة أوفي غيرها من الأجناس الأدبية ، لما تحمله هذه ” الثيمة” من رمزية وتأويل ، الجسد قيمة جمالية تتأثر وتؤثر في المنظومة الوجودية ككل ، لا تنحصر مدلولاتها في تضاريس فيزيائية معينة بقدر ما هي حمولة إيحائية تغني الخطاب الإبداعي ، تجعل النص يهتز رؤية وأبعادا.. الجسد بؤرة انفعالات قوية ، تتفاوت رمزيتها وتتنوع بتنوع صدى المدلول وجوهر الرسالة.. في النص يلبس الجسد جبة رحالة قديس يعبر مسافات المعنى بسمو وفي كفه قنديل الرؤية ودهشة البيان.. المرأة وهي تكتب يتحول الجسد في قبضتها لهالات ضياء ، بها تخترق مدائن الحلم والحب والحرية والحياة والوطن المبتغى ، وفي نفس الآن قد تجعل من هذا الجسد نارا ، لهيبها يعيد ترتيب خلل أو عطب عشش في الذهن الذكوري غير المنصف والعادل.. من يزعم أن الأعمال الأدبية حين تتناول الجسد ” الأنثوي ” تحقق انتشارا ونجاحات فهو خاطئ ، الأعمال الأدبية لا تقاس “بالتبضع” الشهواني ، ولا تُقيم بالتغنج اللغوي ودلال الحروف المؤنثة الناعمة ، أبدا.. قيمة المنجز يتحدى ويتعدى كل مراوغة دلالية تافهة وفانية ، النص لا يعترف إلا بعمق وحذارة وجسارة جوهره وبنائه وقوة أهدافه وجماليته.. المرأة حين تكتب لا تتقوقع في “بورتريه ” يمتد من الرأس إلى القدم لتحرك قضايا الذات والعالم ، المرأة حين تكتب فهي تثق في وعي ومسؤولية مدادها، تحرر وتحرر، تكتب وبكتابتها تهب حريات تليق بتطلعاتها الإنسانية، بحبرها تحرك القومي والوطني وتلملم شظايا هموم كونية يشترك فيها ” الإنسان” وتتوحد فيها إنسانيته.. للجسد سلطة سامية بعيدة عن كل تضييق مفاهيمي يحاول كسر همة القلم المؤنث ، القلم التواق لبناء جسور الأحلام والحقوق اللامتناهية.. الجسد وسيلة معنوية لممارسة فلسفة الجمال ، الجسد هبة لاختراق جدود لا يمسها إلا الراسخون في القيم والنور والخلود..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المصباح .. دروبــــــ ــ ــ ــ .doroob
/ قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18/
الرجاء الالتزام بأداب النشرفي كتابة الاستفسارات والتعليق.

دروب أدبية

دروب المبدعين

دروب ثقافية